سارق العسل … كما تدين تدان

حديث الأحد

وأنا أحتسي قهوة الصباح، صباح يوم الأحد، وأمامي تجلس شابة تتناول إفطار الصباح وقد وضع لها النادل صحن عسل يبدوا من مظهره شهي، تذكرت مقال كنت قد كتبته من مدة، حول العسل وقصتي مع النحل أصحاب العسل فكان المقال :

صباح أحد أيام العطل وعلى غير عادة استفقت متأخرا بعض الشيء وقررت أن افطر خارج البيت لتغيير المزاج قليلا وبما أنني كنت أخر الواصلين إلى المكان وجدت المقهى تقريبا فارغ من الرواد.

اخذ النادل الطلبية ورجع بعد بعض الوقت بفطور، وما أن هممت بالبدأ بطبق العسل كما تعودت لفائدة ذلك الصحية حتى هاجمتني أسراب نحل كانت متفرقة في أرجاء المكان وكنت المالك الوحيد للمنتوج الحلو في تلك اللحظة، وأخذت في صد النحلة تلو الأخرى بظهر يدي اليمنى تارة واليسرى تارة أخرى، وبعدما بدأت أحس بالضيق والغضب من هذا الوضع الغير مريح، خصوصا وأنني كنت قد قررت التوقف نهائيا عن تناول وجبة العشاء الليلية إراحة لجهازي الهضمي، وبالتالي كان هذا الفطور وليمة حقيقة بالنسبة لي في تلك اللحظة، فجأة بادرتني إحدى النحلات المهاجمات وبكل وقاحة يا أدمي من أي الأجناس انت؟!

وقبل أن أفتح فمي للكلام بادرتني متهكمة أنت قطعا من بلد متخلف، وأغلب الظن من إحدى البلاد العربية حيث يضرب الفساد جذوره عميقا فيتم حلبكم حلبا وبجميع الأشكال، تشتغلون كالبهائم، تمتص الحكومات دمائكم وأموالكم وتنهب أرزاقكم وحينما تعترضون تضرب جلودكم ومتى ما طالبتم بالقليل ترون الويل وتحاسبون عسيرا ولا يترك لنسائكم وأولادكم إلا الصراخ والعويل !

وانا لا أكاد أستفيق من صدمة رؤية نحلة تتكلم بلسان البشر قررت أسترجع زمام المبادرة وفهم الحكمة من وراء كلام هاته الحشرة الحقيرة وقلت لها وما أدراك أنت يا جاهلة بأحوالنا نحن الأسياد من بني البشري وما أنت إلا نحلة واحدة ضعيفة وذليلة من شعوب وقبائل من النحل الساكت والخنوع نربيه ويمدنا بالعسل كل يوم ولا قيمة له غير ذلك ومتى ما شئت قد أسحقك تحت قدمي !

فأجابتني الخبيثة بقولها هذا هو مربط الفرس وهاته هي الحقيقة الساطعة فأنتم من تظنون أنفسكم أسيادا تربوننا وتحافظون علينا لأنكم تستفيدون من خيراتنا وبعدما تأخذون منا ما نجود به لموائدكم تمنعوننا حتى الجزء القليل من الثروة التي من المفترض أننا أصحابها، وليس لنا أي إعتراض لتقاسمها بشكل عادل ويرضي الجميع !
لكنك يا عربي لن تفهم هذا الأمر لأنك تعتبر المسألة شيء طبيعي فأهل السلطة لديهم يعاملونكم بنفس المنطق حتى أصبحتم تعتبرون عكس ذلك ليس من حقكم !

أما أولاد عمومتنا من النحل الذي يعيش في البلاد المتقدمة والمحترمة يعاملون بتقدير أكبر ويتمتعون بعناية أكثر حيث يتقاسم معهم مربوا النحل بعضا مما ينتجون من الشهد والعسل وقبل ذلك يوفرون لهم حقول خضراء جميلة وورود عطرة ومن كل الأشكال والألوان وهواء نقي وماء عذب وهذا أيضا أمر طبيعي فمربي النحل عندهم مواطن محترم تعود على الحقوق ويعرف واجباته وحكومته تحترم كيانه ووجوده وأصبح هو كذلك يقدر كل شيء ويحترم الكل بلا استثاء حتى من جنسنا نحن بني النحل… فكما تدين تدان.
إنتهى المقال … وإلى الأسبوع المقبل.

كتب : الدكتور سعد ماء العينين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد