خذي السماعة

تحتفظ الذاكرة الوطنية بإسماء لوامع تولوا حقبة وزارة الخارجية عن جدارة واستحقاق وتركوا بها بصمات خالدة ستبقى شاهدة على عظمتهم ومكانتهم المميزة في وجدان ودواخل الوطن وهنا لا يمكن لنا الا أن نتذكر بكبير فخر أول من عين بشكل رسمي في هذا المنصب الذي أحدث في عهد السلطان الحسن الأول وأطلق عليه وزارة الشؤون (البرانية) ثم بعد ذلك شغل كبير وزراء الإيالة الشريفة زمن المولى عبد العزيز وكان قبل ذلك يشغل نفس المنصب الذي كان يعرف بوزير (البحر) بسبب أن العلاقات الخارجية من قبل كانت تتحدد في التفاوض بغاية تدبير أمور التجارة والقرصنة لشراء العبيد او تحرير الأسرى.

انه محمد المفضل بن محمد غريط الذي اشتهر باسم فضول غرنيط، السياسي والدبلوماسي ذو الأصول الأندلسية الذي كان يشكل حجر الزاوية في العلاقات الدولية للامبراطورية الشريفة. عنه يقول الباحث الفرنسي هنري دولامار تينيير بعد أن قابله: إنه وراء كل أهم التوجهات السياسية في المغرب وله ذاكرة قوية وغنية، ويمتلك حسا دبلوماسيا رفيعا يجعله يتواصل بسلاسة مع كل البعثات الدبلوماسية والسفارات الأجنبية بالمغرب.

نتذكر كذلك بكثير تباهي و تبجج أسماء خلدت في الذاكرة منها مثالا لا حصرا، احمد العراقي ،احمد بلا فريج، احمد رضا گديرة، عبد الله ابراهيم، عبد الهادي بوطالب، ومحمد بوستة. ونقف لهم وقفة اجلال وتقدير وعرفان.

مناسبة هذا الكلام جملة تتكون من كلمتين تحمل من المعاني العميقة والدلالات الغائرة ما تسيل له الأقلام ويسود بياض الأوراق ويلقي على المواقف من الأضواء الساطعة مالا تتحمل رؤياه العين المجردة،”خذي السماعة” جملة قالها وزير الخارجية ناصر بوريطة في ندوته الصحفية المنعقدة بتاريخ 16/12/22 مع نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا وكأنه يريد أن يقول لها لا نحسن التخاطب بلغتك ولا حاجة لنا بها ، وهو الذي يتقنها بطلاقة مع لغات اخرى ، بعدها بأقل من 20 يوما وهو في مؤتمر صحفي آخر منعقد في نفس القاعة مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي جوزيف بوريل بتاريخ 5-1 -23 رأيناه بطلاقته المعهودة يتكلم لغة فرنسية راقية وهو في غاية الانشراح عكس اللقاء الاول الذي كان فيه في غاية الانقباض .

قد يبعث المرئ برسائل غير مكتوبة او باشارات غير ملموسة او مواقف تحمل دلالات خاصة بما يريد قوله صراحة ويكون لذلك من التأثير ما لا يخطر على بال خاصة في المجال الدبلوماسي، جاء في مقالة نشرتها أكاديمية .

الإمارات الدبلوماسية سنة 2017:أن أهم المهارات الدبلوماسية يمكن تلخيصها في القدرة على التكييف مع المتغيرات،واللباقة، والفضول،وحسن التدبير،والشجاعة، والقدرة على التعامل مع أي شخص.

وهذا بالضبط مالاحظناه في الرجل عند استقباله للوزيرة وللمسؤول الأوربي فتحية له وهو الذي أعادنا الى الزمن الجميل للدبلوماسية المغربية ونرفع له عاليا قبعة الاعجاب والتقدير.

المصدر ميديا : حجيبة ماء العينين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد