مصطفى بنعلي الأمين العام لحزب الزيتونة ” انضمام شباط إلى الحزب خطا تنظيمي يرقى للقاتل “

حوار الاربعاء / سلسلة حوارات في مجالات متعددة تنشر كل يوم أربعاء يفتح من خلالها النقاش مع العديد من الأسماء الشاهدة على وقائع واحداث مهمة

حوار الاربعاء في حلقته الثانية مع الدكتور المصطفى بنعلي. الرجل الخمسيني الذي انتخب أمينا عاما لحزب الزيتونة يوم 26 يوليوز2017. بعد أن كان يشرف على تدبير شؤون الحزب، بصفته النائب الأول للأمين في فترة انتقالية، أعقبت وفاة التهامي الخياري.

بنعلي هو عضو مؤسس لجبهة القوى الديمقراطية، تدرج في هيئات الحزب وتنظيماته الموازية، انتخب لولايتين منسقا وطنيا لمبادرات الشباب المغربي، التنظيم الشبابي الموازي للحزب. حاصل على الإجازة والدراسات العليا المعمقة من جامعة محمد الأول بوجدة، ونال شهادة الدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة لنا معه هذا الحوار:

س: عشر سنوات في منصب الأمين العام ماذا تحقق للحزب؟

ج: أعتقد أن العمل في المؤسسات الديمقراطية التداولية ليس فيه مكان للإنسان الخارق كما يتم تصويره في الأفلام السينمائية الأمريكية ذات الاستهلاك الواسع والغبي في مجتمعاتنا. والعمل في حزب جبهة القوى الديمقراطية من هذه الطينة، يعني أنه عمل جماعي ومؤسساتي تشارك فيه جميع أجهزة الحزب، وإذا كان سؤالكم نزيها فإن الجواب عليه واضح لكل المهتمين والمتتبعين وللعموم كذلك.

لقد نجحنا كمجموعة أطر مخلصة للحزب ولخطه السياسي والنضالي في إعطاء حياة جديدة للحزب. صحيح أن حزب جبهة القوى الديمقراطية كتعبير أصيل من تعبيرات المجتمع المغربي المخلصة في الدفاع عن الفئات المهضومة الحقوق والتواقة للحداثة والانفتاح، يحمل في جيناته القدرة على الصمود. لكن مع ذلك فما عاشه هذا الحزب خلال فترة ما بعد حكومة التناوب، يجعلنا نقول مطمئنين بأن بناء الحزب الكبير المؤثر انطلق في الفترة الصعبة في مسار الحزب التي انتخبت فيها أمينا عاما.

اليوم، بعد ما يقارب سبع سنوات من انتخابي لهذه المهمة من لدن المؤتمر الوطني الخامس في 26 يوليوز 2017، يمكن أن أقول لكم بأن الحزب استجمع كل مقومات الحزب الجاد كما يرسمه الفصل السابع من الدستور. نحن نعمل في صمت، لكن لدينا قناعة ثابتة بأننا قادرون على قول كلمتنا، نحن قادرون ومؤهلون أكثر من غيرنا للفعل السياسي الجاد والتأثير في الأحداث.
هذا ما تحقق للحزب، بمفهوم المخالفة ماذا تحقق لي شخصيا، أجيبكم بصراحة: لا شيء سوى صداع الرأس ولا ضير في ذلك، كنت أعلم منذ البداية أن المسؤولية تكليف وليس تشريف، بل أكثر من ذلك أنا لم اختر المسؤولية بل هي التي اختارتني.

س: في إطار النقد الذاتي هل يعتبر انضمام شباط حميد إلى الحزب خطأ؟

ج: نعم، انضمام حميد شباط إلى حزب جبهة القوى الديمقراطية خطأ.

لقد اتخذنا كل الاحتياطات من أجل حفظ الود مع حزب الاستقلال، وعملنا على تحصين هذا الانضمام بتوقيع ميثاق شرف يوضح أرضيته وأسسه الفكرية والسياسية. كما اتخذنا قرارات تنظيمية للانفتاح على مجموعته بما يتناسب مع قدرات أفرادها.

ومع ذلك يمكن أن أقول اليوم أن انضمام شباط إلى الحزب خطأ تنظيمي كاد أن يرقى إلى درجة الخطأ السياسي القاتل. فقط كما يقول المغاربة “الضربة لي ما تقتل تقوي”.
ما يشفع لنا حقيقة، هو أن القرار الجماعي الذي اتخذناه لقبول شباط في الحزب كان يهدف إلى أن نوفر له فرصة الاستمرار في العمل السياسي بهدف خدمة المصلحة العامة وليس من أجل خدمة أهدافه الشخصية والعائلية، كما أن ما يشفع لنا كذلك هو أن العديد من الأطر التي التحقت بالحزب رفقته هي اليوم تقدم قيمة مضافة لعمل الحزب ولم تنساق وراء رعونته السياسية.
أضف إلى ذلك، وهذا هو الأهم بحسب اعتقادي، لقد حولنا بذكائنا الجماعي هذا الخطأ التنظيمي إلى فرصة لتطهير الحزب من طفيليات العمل الحزبي التي كانت لازالت عالقة به والتي كشفها مجيء شباط، وحققنا في ذلك نتائج مبهرة بدأت انعكاساتها الإيجابية تظهر الآن بالعين المجردة.

س: البعض يقول تم إبعاد أعضاء الحزب بشكل لا تُحترم فيه المساطر القانونية، فقط عبر رسالة هاتفية ما ردكم على ذلك؟

ج: سمعنا ذلك أثناء مجريات مسطرة تأديبية اتخذت في حق عضوين وأفضت إلى طردهما.
الأمر يتعلق برسالة كان الغرض منها إخبار المعنيين بتاريخ المثول أمام اللجنة التأديبية ضمانا لحقهما في الدفاع، وما دام أن الرسالة وصلت وفي الآجال المقررة لذلك فالواجب أن يحضرا ليقدما وجهتي نظرهما، ولا عيب أن تكون الرسالة عبر الهاتف أو عبر وسيلة أخرى.
الأدهى من ذلك أن من يعيب علينا استعمال الوسائل الحديثة في التواصل يمتنع عن طريق مناورات تدليسية عن التوصل بتبليغات الحزب عن طريق المفوض القضائي. إنهم يختبؤون ويكلمون المفوضين القضائيين من وراء الأبواب المغلقة.
وعلى العموم فهذا البعض لم يعد يهمنا فليقل ما يشاء وكل ما يقوله فقط لتبرير العجز عن الفعل ..العبرة بالخواتم والأيام بيننا.

 

س: ريم شباط طالبتم بتجريدها من مهامها النيابية لماذا ذلك؟ وأين وصل الطلب؟

ج: طالبنا بتجريد النائبة ريم شباط من عضوية مجلس النواب تطبيقا لحق الالتماس الذي يخوله لنا تطبيق الفصل 61 من الدستور لأنها تبالغ في تأكيد ممارسات تعتبر بحكم القانون تخليا إراديا عن الانتماء للحزب. والواقع أن ممارساتها تمس بالوظيفة البرلمانية وبانتمائها الحزبي معا.

لقد جمعنا ما يثبت هذه الممارسات والأفعال وقدمنا الطلب وفقا للمسطرة المخصصة لهذا النوع من الطلبات لدى رئيس مجلس النواب، وهو تحت مسؤوليته وتبقى المحكمة الدستورية هي الجهة المخول لها وحدها دستوريا الجواب على سؤالكم أين وصل هذا الطلب.

ما أود توضيحه بهذا الشأن هو أن الأحزاب السياسية ببلادنا أصبح لها منذ 2006 قانون خاص يؤطر عملها، وفي سنة 2011 تمت ترقية هذا الإطار إلى قانون تنظيمي يرتبط ارتباطا عضويا بالدستور. لذلك فحزبنا كان سباقا إلى اللجوء إلى القضاء من أجل الدفاع عن حقوقه وعن حقوق الأحزاب الأخرى.

لقد قاد حزبنا منفردا معركة محاربة الترحال السياسي وربحها أمام القضاء حين لم يكن هناك أي ضابط قانوني، وحين منع دستور 2011 هذه الممارسة المضرة بالحياة السياسية اعتبرت مكسبا لجميع الأحزاب.

اليوم يقود الحزب عدة معارك قضائية لحسم بعض النزاعات الداخلية، ولكن في الواقع هي معارك بالنيابة على كل الأحزاب، نحن نعتبر أن القضاء المغربي يساعد في بناء مؤسسات حزبية تحترم القانون وتعمل في إطار المؤسسات، لقد انتهى زمن “البلطجة” والتراشق بالصحون..

 

س: هل أنت مرتاح للوضع العام للبلاد؟ ولماذا؟

 

أكيد أن الوضع العام للبلاد يبعث على الارتياح، فالاختيارات الاستراتيجية سليمة والمغرب يتقدم على هذا المستوى بشكل جيد. فكل المؤشرات تدل على أن تدبير الملفات والمؤسسات الاستراتيجية المسندة بحكم الدستور لملك البلاد تسير بشكل جيد. فالقرارات والتوجيهات الملكية تنم عن تبصر وحكمة ملك البلاد في استعمال صلاحياته الدستورية، المستمدة من موقع إمارة المؤمنين ومن رئاسة الدولة، ومن القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية ومن كل الصلاحيات الدستورية الأخرى لإطلاق مبادرات حازمة ورصينة لخدمة مستقبل البلاد.

لكن هذا لا يمنع من التخوفات الكبيرة التي تجد مبعثها في تدبير السياسات العمومية المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين، بل أن هناك ملفات شائكة تظهر عجزا حكوميا غير مسبوق في التدبير السياسي كما هو الأمر المتعلق بملف التعليم.

الحقيقة أن المغرب يسير بسرعتين، ففي الوقت الذي يبدع فيه ملك البلاد أفقا سياسيا جديدا نحو الواجهة الأطلسية بآفاقها الإنسانية والسياسية والاقتصادية، نجد أن الحكومة تعاني من صعوبات في تأمين غذاء المغاربة في الوقت الذي كان عليها فيه تأمين المخزون الوطني الاستراتيجي.

إن ما تشير إليه الاحصائيات المرتبطة بارتفاع الصادرات الفلاحية في وقت تعجز فيه الفلاحة المغربية عن تلبية الطلب الداخلي على الغذاء مشكلة تتحمل مسؤوليتها الحكومة.
كما أن اختلال الفلاحة المغربية بسبب التركيز على تصدير الخضر والفواكه مقابل توفير الزيوت والحبوب والقطاني واللحوم والخضر للمغاربة، وذلك في وقت تعاني منه البلاد من ارتفاع الأسعار بسبب التضخم ومن الجفاف والإجهاد المائي ومن البطالة وتوسع حافة الفقر كلها عوامل تجعلنا نخاف على معيشة المواطنين، خصوصا في الأماكن المعزولة والمهملة، من قبيل تلك التي ضربها الزلزال الأخير.

س: وصف حزبكم الحكومة الماضية بالمأساوي وتأزيم البلاد ماذا يمكن القول عن هذه الحكومة؟

 

ج: نعم لا زلنا نعتقد بأن الحكومة السابقة كانت ضعيفة وتشتغل خارج السياق الذي أتت فيه، لقد أضاعت على البلاد عقدا من الزمن فيما يرتبط بتطبيق الدستور وتأويله تأويلا ديمقراطيا، كما أن القرارات التي اتخذتها في ملفات كبرى ومصيرية ترتبط بالمقاصة والتقاعد والتعاقد لازال تبعاتها السلبية لم تكتمل بعد.

أما هذه الحكومة فاختياراتها الليبرالية المتوحشة واضحة فهي صارمة في خدمة أجندة رؤوس الأموال وتدخلاتها في الأوراش التي تخدم الفئات والطبقات الأخرى هي بتعليمات ملكية بل هي أوراش ملكية في الأصل.
توجهات الحكومة واضحة في التدابير الجبائية التي تتخذها، فهي تترك الجيوب الممتلئة وأحيانا كثيرة من الريع وتعاقب الفئات الفقيرة والمتوسطة من خلال سن ضرائب عامة وضرائب تقتطع من المنبع. والمشكلة أن النتائج المتحصلة من سياستها غير مفهومة، وإلا كيف نفسر ارتفاع نسبي للنمو الصناعي في وقت تتقلص فيه مناصب الشغل التي يوفرها هذا القطاع؟

 

س: خلال المشاورات لتشكيل الحكومة عقدت جلسة مع رئيس الحكومة بعد مرور سنوات على اللقاء هل تحقق شيء من قوله لكم؟

ج: كان نقاشا عاما من وحي اللحظة السياسية والدستورية، طبعا حزب جبهة القوى الديمقراطية لم يكن معنيا بالمشاركة في هذه الحكومة، لأن رئيس الحكومة المعين آنذاك كان قد ضمن أغلبية مريحة لحكومته بعد لقاءين فقط. ولكن من الأمور التي لازالت عالقة بذهني هي نقاشنا بشأن تحرير ثمن قنينة الغاز، لقد نبهته من مغبة الزيادة في ثمنها كما كان واردا في مشروع قانون المالية الذي تركته الحكومة السابقة.

والحقيقة أنه بدى لي متفهما لحساسية هذا الموضوع، اليوم، وحتى مع المكتسبات الجديدة في مجال الدعم الاجتماعي فإن الزيادة في ثمن قنينة الغاز على الرغم من تقسيمه على ثلاث سنوات فإنها تشكل خطرا محذقا بالسلم الاجتماعي. فتأثيراتها لن تكون على الوحدات الفندقية والسياحية ولا حتى على الاستغلاليات الفلاحية الكبيرة بل ستكون على الاستعمال المنزلي في بيوت الفقراء وحتى على استغلاليات الفلاحة المعاشية التي توفر الأمن الغذائي للمغاربة.

 

س: ملف الوحدة الترابية كيف تنظر له بعد الاعتراف الأمريكي، اسرائيل واسبانيا؟

ج: الواقع أن قضية وحدتنا الوطنية والترابية راكمت في الآونة الأخيرة العديد من الإنتصارات، فمنذ تحرير معبر الكركرات، وتوالي إنشاء التمثيليات القنصلية في العيون والداخلة، واعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء وتوالي اعترافات الدول الوازنة في النظام العالمي من قبيل الدول التي ذكرتم حدث تحول في نوعي مسار تسوية النزاع المفتعل حول هذه القضية التي دامت أكثر من اللازم بفعل تعنت نظام الجزائر.

طبعا أنه ليس بخاف على أحد أن ما تحقق لفائدة هذه القضية تم بفضل التوجهات الإستراتيجية الكبرى التي ينهجها المغرب، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، ولكن هذا لا يمنعنا أن نجدد الدعوة إلى المزيد من التعبئة الوطنية لتمتين الجبهة الداخلية، والوقوف في وجه المد العدواني الذي تخلقه هذه الانتصارات في أوساط خصوم وحدتنا الوطنية.
أعتقد أن المنتظم الدولي بات يعرف حقيقة النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، ولأدل على ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة، التي تذهب في اتجاه تحميل النظام الجزائري مسؤولية عرقلة مسار التسوية السلمية. ونحن كذلك كحزب وصلنا إلى نفس الخلاصة قبل ذلك، ونحن نعمل على مواجهة التصعيد العدائي المتنامي، الذي يعبر عنه النظام الجزائري ضد المغرب، بأشكال سياسية مسؤولة تبتغي إعلاء صوت الحوار الأخوي.

والخلاصة أن هذه القضية حسمت لفائدة الطرح المغربي ولصالح حقوقه التاريخية المشروعة ما بقي هو فقط تدبير تبعاتها وانعكاساتها على الجزائر.

 

س: الانتخابات المقبلة البعض متذمر من هذه العملية خاصة مع ارتفاع الأسعار وتحميلها للحكومة. كسياسي هل سيكون عزوف للمواطن؟ كيف في نظرك ارجاع له الثقة؟

 

ج: الحكم على مجريات الانتخابات المقبلة من اليوم سابق لأوانه، ما ينبغي فعله اليوم في نظرنا في حزب جبهة القوى الديمقراطية هو فتح نقاش وطني عمومي حول منظومة الانتخابات وحول أشكال التعبئة الوطنية من أجل الدفع بالمسلسل الديمقراطي إلى الأمام.
أعتقد أن هناك الكثير من الأحداث الجارية اليوم، والكل يعرفها، التي من شأنها التأثير في مسار إرجاع الثقة في العمليات الانتخابية، والحمد لله أن المغاربة رغم تذمرهم لم يفقدوا ثقتهم بالمرة في الانتخابات والسياسة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد