قيس سعيد…أو مجنون الجزائر

خُلِّدَ في الذاكرة الأدبية العربية اسمان ارتبطا بالوفاء وحسن العهد والعشق الأبدي السرمدي المطبوع بالعفة والطهارة والإبتعاد عما يدنس العرض والمروءة ويخدش العلاقة والوشائج والأرحام انهما: ليلى العامرية وقيس ابن الملوح. أفكارنا لا تذكر تلك الصفات الا ويتبادر الى أذهاننا اسم مجنون بني عامر وليلاهم حتى انه تركز في اذهاننا وعواطفنا الجياشة التي تسبق دائما عقولنا الضعيفة انه لا يوجد قيس الا ومعه ليلاه وهذا بالضبط ما تسرب الينا في غفلة من هذا الزمان الرديء ومسارب السياسة النتنة و مجاري مياهها القذرة ونحن نشاهد بتاريخ 2022/08/26 قيس الجزائر في المطار يستقبل زعيم جبة البوليساريو الذي يشارك في قمة التيگاد الثانية، وبعد استعراضهما لكتيبة من الحرس الجمهوري التونسي أجريا محادثات بالقاعة الشرفية بالمطار وتم بعد ذلك استقباله بالقصر الرئاسي على
على أنخاب كؤوس سياسة مياه الصرف الصحي الجزائرية.

من حق قيس سعيد او قيس الجزائر أن يهيم بليلاه تلك (الجزائر) فلا عليه في ذلك ونحن نجتر حكاية ليلى العامرية ومجنونها قيس ابن الملوح، حتى وإن تنكر الى تاريخ مشترك يجمع تونس بالمغرب منذ أقدم العصور فالرجل أستاذا للقانون الدستوري ولا علاقه له بالتاريخ فهو معذور في ذلك، ولكن ما وقفت أمامه مشدوهة وذاكرتي تسترجع ذلك اليوم الأسود في جبين تونس “سعيد” هو ذلك النبأ الذي ملأ الفضائيات العالمية وقنوات الأخبار الدولية والذي مفاده أن اضراب موظفي شركة النقل الحكومية شل الحركة بالعاصمة التونسية بتاريخ 2/1/2023 وهي الخطوة التي تنذر بوقوع الأسوء إن تمادى الرئيس قيس سعيد في غيه واستمر في تعنته المستميت من أجل السيطرة المطلقة وطعن الديمقراطية الوليدة في تونس.

سيصاب الملاحظ بالدهشة والذهول حينما يعرف ان ما عرقل حسن سير الخدمات العامة وأضر بمصالح المواطنين عدم حصول 7073 عونا على منحة سنوية مستحقة لهم تقدر بحوالي 4,8 ملايين يورو (16 مليون دينار تونسي) وستزداد حيرة وروعة الملاحظ حينما يتذكر ملايير الدولارات التي كانت وما زالت تشتري بها معشوقة قيس بعض الدول والشخصيات النافذة من أجل الإصطفاف معها وراء أطروحتها الخرقاء ، وهنا يحق لهذا الملاحظ أو ذاك أن يتساءل لماذا استثنيت تونس من ذلك حتى ولو كان المبلغ لا يتجاوز 4,8 مليون يورو فهل يراد من تونس أكبر مما أقدمت عليه من أجل تلبية حاجياتها الاقتصادية أم أن تونس لا ترغب في أن يغرق مراكب العودة للعلاقات المغربية التاريخية خاصة وانها تعرف جيدا أن جارتها الغربية لا تؤتمن حتى في صداقتها.

أما انا فلا يمكن لي إلا أن أستحضر
-وليت الأشقاء في تونس يستحضرون ذلك- بيتا من قصيدة قيس مجنون ليلى المسماة المؤنسة وفيه يقول :
خَليلَيَّ ما أَرجو مِنَ العَيشِ بَعدَما
أَرى حاجَتي تُشرى وَلا تُشتَرى لِيا

أما مجنون الجزائر -الذي باع شرف وعروبة وأخوة تونس للشعب المغربي بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا وهو الذي غاص في وحل الانتهازية الجزائرية من أجل فتات البيترودولار- فإنه يستظهره عن ظهر قلب ويتمثل به وهو يرى بأم عينيه حاجته المادية تعطى لغيره وهو يحرم منها حتى لو كان شعبه في أمس الحاجة إليها.

المصدر ميديا : حجيبة ماء العينين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد