ظاهرة الحرّاس الشخصيّون

بقلم: سلطان البان *

يحرص الأثرياء، ورجال الأعمال، والمشاهير العالمين الذين وصلوا للنجومية، أو شخصيات حكومية رفيعة كرئيس الجمهورية والوزير، إلى الاستعانة بخدمات الحراس، لكن يبدو أن المجتمع الموريتاني بدأ مؤخراً في تغيير القاعدة، بات الحرّاس الشخصيّون يرافقون الفنان الشعبي من فئة سين، والفاشينيستا التي تُقدم خدمات المطاعم المحليّة وتعرض المتاجر الجديدة في الأسواق، وابن الطريقة القادرية العاطل عن العمل، وصولا إلى الفتيات العاديات، حرفيًا يبدو أنّها لم تعد ظاهرة مرتبطة بالأمن الشخصي للأفراد بقدر ما هو ابتداع جديد طوّره الموريتانيون كموضة حديثة لها إضافاتها، إذا كانت المرأة داخل قاعة حفلاتية عمومية مغلقة، تحتاج من يرافقها لحمل الحقيبة اليدوية التي عادة ما تكون زينة، ويتحرك معها حارسها الشخصي كالظّل, نحن نعيش حالة من انعدام الأمن غير مسبوقة، تستوجب منّا محاسبة إدارة الأمن التي تقبض ميزانية فلكية بالمليارات، وغير قادرة على توفير الأمن للمواطنين في مناسباتهم الخاصة، أو نعيش حالة نادرة من جنون العظمة الشعبي, تستوجب دراسة وتحليل شامل لمعرفة الأسباب الكامنة وراء انتشار الحرّاس الشخصيين.

مالذي أصاب المجتمع الموريتاني خلال الخمس سنوات الماضية؟ هل باتت كل إمرأة بحاجة لحارس شخصي فعلا؟ مالذي استجدّ في الثقافة المحليّة ليتطلب هذا الكم الهائل من الحراسة المشددة على المواطنين العاديين، تعتبر الحكومة هي المسؤول الأوّل عن تأمين المواطنين وحمايتهم من أي اعتداء، إذا كان التهديد الأمني والسّلب والسّرقة بات منتشرا بشكل واسع علينا، المطالبة بتوفير الأمن لأننا لا نستطيع أن نوّفر حارسا شخصيا لكل إمرأة، ثم كيف بالمواطنين أن يقبلوا دفع الضرائب للحكومة على توفير الأمن لهم، ويدفعوا في المقابل للشركات الأمنية المحلية الوليدة لحمايتهم، إننا نتساءل باستغراب كبير عن السبب الحقيقي وراء الانتشار الواسع للحرّاس الشخصيين في موريتانيا، وهل يقدر المواطن العادي على دفع رواتبهم الباهظة مع غلاء المعيشة الحاصل في البلد؟ هل بات المجتمع الموريتاني مجتمع أغنياء وأثرياء يطارد اللصوص قطع الألماس و الذهب التي يتزينون بها، أم أن حارس الأمن الشخصي أصبح مجرد “قطعة زينة” جديدة مثله مثل المقتنيات التي تضعها المرأة لزينتها؟

 

* كاتب صحفي من موريتانيا

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد