سامي جريدي: ثورة الكتابة النسائية السعودية بدأت مع 2005

حاوره: فيصل رشدي

نستضيف في حوارنا هذا ضيفا من المملكة العربية السعودية، سطع نجمه من خلال الكتابات التي يقدمها للقارئ السعودي خاصة والعربي عامة. لاقت نصوصه ترحيبا من لدن القارئ الذي رأى فيه أملا ونجما صاعدا، كتب في القصة والمسرح والنقد، إضافة إلى موهبته في الفن التشكيلي. واستطاع أن ينافس الكبار وأن يبرز كأحد أهم المبدعين الشباب في المملكة العربية السعودية والعالم العربي.

ضيفنا هو الدكتور سامي جريدي، الذي رأى النور بالطائف بالمملكة العربية السعودية، عام 1979م حمل معه الإبداع والتجريب الكتابي والفني، ولم يخيبه أبدا، وعبر بقلمه عن مشاعره وأحاسيسه، لينتج مؤلفات زاخرة في القصة والمسرح والنقد والفن التشكيلي.

من أهم إصدارته في النقد: “الرواية النسائية السعودية، خطاب المرأة وتشكيل السرد” عام عام2007. ولديه أيضا إصدارات في الكتابة الإبداعية أبرزها نصوص ” تفسير آخر للخلاص” عام 2012. كما لا ننسى الكتابات المسرحية لسامي جريدي خاصة نصوصه المسرحية بعنوان” الإيماءة الأخيرة لمشهد مباغت” التي أصدرت عام 2015م بتونس، وعمله الأخير “فخ” عبارة عن مجموعة قصصية أصدرها عن دار أثر بالسعودية.

1. أنت كاتب و ناقد وفنان تشكيلي. كيف استطعت أن تجمع بين هذه المواهب مرة واحدة؟

لعل التفكير المطلق في اتجاهات مختلفة من التعبير، هو الذي قادني بأن أكون متعدداً في رؤيتي للأشياء، التي منها ظهر تعدد وتنوع مواهبي واشتغالاتي الفنية والأدبية، فلقد وجدتُ من خلال هذا التعدد، التشابه والاختلاف الذي تحتويه الفنون والآداب، واكتشفت سراً، مستويات التباين بين تلكم الفنون والآداب، ومدى قدرة بعضها على وصول الرسالة إلى المتلقين، فالنص السردي مثلا باستطاعته التعبير عما في نفوسنا وعن حقائق وجودية وقضايا اجتماعية وفكرية لايمكن أن تنقله وتعبر عنه اللوحة التشكيلية، وكذلك الأمر للنص الشعري، والعكس صحيح.
ومن المدهش أن الفنون المعاصرة وفنون ما بعد الحداثة جعلتني ذلك الفنان التشكيلي المفاهيمي المتعدد والمتقن لأكثر من مجال فني، منفتحاً بذلك في ممارستي الابداعية على فنون أخرى كـ(النحت والخط والفيديو والتصوير والموسيقى) لتظهر في نهاية أمرها مندمجة معاً في عمل بصري واحد، يعتمد على فن الفكرة.

2. القارئ لقصصك يجد في مقدمة هذه القصص عبارة فلسفية، وهو نفس الشيء الذي يتبعه الشاعر البرتغالي فرناندو بسوا. هل هناك نوع من التأثر بهذا الشاعر الكبير؟

العبارات الفلسفية التي وضعتها في مقدمات بعض كتبي،هي وليد عدة قراءات وخبرات حياتية جاءت إليَّ دون أن أقصدها، هي وليد لهذا التراكم اللغوي والمعرفي والثقافي، الذي أصبحته بحكم تخصصي في الأدب والنقد الحديث، فقد أصبحت أعطي هذه العتبات اهتماماً نصوصياً في الولوج إلى النص الأكبر، فمثلاً عبارة “إلى علقة عالقة في عقلي”،التي وضعتها كمدخل نصي في كتابي (فخ) مجموعة قصصية، هي جزء لا يتجزأ عن النصوص القصصية القصيرة التي بداخل المجموعة، كذلك الأمر لـ عبارة “إلى ظل لم يزل يطاردني” التي وضعتها كمدخل في كتابي (الإيماءة الأخيرة لمشهد مباغت) مسرحيات قصيرة جداً، كان مرتبطاً بالظل الذي هو مسرح حركي إيمائي، لنعود مجازياً إلى بدايات المسرح العربي في (مسرح الظل). ولهذا فإنها جميعاً جاءت للتعبير سيميائياً عن علامات النصوص الداخلية لتصبح بذلك مفاتيح لغوية وإشارات لماسوف يقرأه المتلقي، ويكتشفه.

كذلك الأمر لعتبات أخرى في كتبي وأبحاثي، بعضها آيات قرآنية، وأبيات وشذرات شعرية، وهناك مقولات فلسفية ونقدية اقتبستها من صميم التأويل النقدي مثل عبارة الناقد المفكر (ميشيل فوكو)،الذي وضعت له عبارة في بداية كتابي (الكتابة على الجدران – الفن الجرافيتي في السعودية) يقول فيها: ” إن الطبيعة والكلمة يستطيعان أن يتقاطعا إلى ما لا نهاية مشكلّين لمن يعرف القراءة نصاً واحداً”.

3. تحمل قصصك عامل الزمن، من الدقيقة الواحدة إلى الساعة، يمكنك أن تخلق أحداثا كثيرة . ما الغاية من استعمال هذه التقنية؟

هذه التقنية استخدمتها في كتابي (تفسير آخر للخلاص- نصوص/فصوص) الذي هو عبارة نصوص مفتوحة على الأجناس الأدبية، وهذه التقنية الزمانية تعتبر جزء من اهتماماتي بالتجريب الكتابي.
إن وجود الزمن في أحايين كثيرة، هو تعبيرٌ عن القلق الذي نعيشه، وتعيشه شخصياتي السردية، كما تصوّر هذه النصوص لماهو خارج الزمن بالزمن نفسه، بحكم أن الزمن ما هو إلا خيطاً وهمياً لحقائق نخافها في الواقع. وهو جزء من إحساس الشخصية كذلك بالتقييد والالتزام واللعنة التي تفرضها الزمانية في جسد الحياة. ولم أزل مفتوناً بهذه التقنية الكتابية للزمن، رغم تعقدها، ولسوف أعيد اشتغالي عليها في نصوص كتابية قادمة.

4. هل الفن التشكيلي يختلف عن الأدب؟
لا أؤمن بانفصال الفن عن الأدب، فهما شيء واحد عند من لا يثق بعنصرية الأجناس، كما يعتبران وجهاً واحداً للصراع الذي تلفظه وتطلقه صرخات المرء من لون أو قول.
فالفن موجود في الأدب والعكس كذلك صحيح، لا تلغيه قوانين الشعر ولا السرد الذين يستمدان نشوتهما من زخرفة أو نقش أو رقش، هي في نهاياتها مفازات يقطعها المرء للتعبير دون أن يحدد مسبقاً أنها مفصولة عن بعض.

5- من هم أبرز كتاب المسرح في المملكة العربية السعودية؟
للأسف أن معظم ما كُتب في المسرح من قبل سعوديين حتى هذه اللحظة هي كتابات متواضعة، نجح بعضها في تأدية دوره في العرض المسرحي بالمدارس المتعلقة بالتعليم العام، والمشاركات الخارجية، لكنها لم تنجح كنصوص متقنة عميقة، من هنا لايوجد لدينا كتّاب مسرحيون حقيقيون بمعنى الكلمة.
ولعل من الأسباب التي جعلتني أقول ذلك،قلة الاطلاعوالقراءات من قبل المسرحيين أنفسهم للأدب المسرحي العربي والعالمي، فأغلبهم مجتهدون لا محترفون، كما ليس لدينا مسرحيون متخصصون في هذا المجال(كتابة وعرضاً)،كما لا توجد أكاديمية متخصصة في السعودية لهذا الجنس الأدبي (المسرح).

6- ما هو مستقبل الرواية النسائية في المملكة العربية السعودية؟

لا يمكن التكهن بمستقبل أي شيء في هذا الوجود، كذلك الأمر إلى مستقبل الروايةالنسائية السعودية، لكن ماحققته المرأة السعودية يعد بصمة تاريخية لها، فقد استطاعت أن تنافس الرجل في هذا الفن، فأخرجت كماً لا بأس به من الأعمال السردية، رغم تواضعها وضعف بعضها على مستوى السرد والوصف والبناء السردي.
كما استطاعت الرواية النسائية في السعودية بعد تنافسها مع كتابة الرجل أن تنتصر لجنسها الأدبي في التعبير عن خصوصيتها وبيئتها بلغة لم يتوقعها الرجال، مما يثبت أن المرأة – كائن حكائي، لها كيدها اللغوي في السرد.
وفي دراستي التي اشتغلت عليها كمشروع قبل عشر سنوات تقريباً ونشرته جزءا منها في كتاب مستقل بعنوان:(الرواية النسائية السعودية – خطاب المرأة وتشكيل السرد) عن مؤسسة الانتشار العربي ببيروت في أواخر عام 2007م.
رصدتُ فيه أن ثورة الكتابة الروائية في السعودية بدأت منذ عام ٢٠٠٥م؛ أي بعد صدور رواية (بنات الرياض)، ليس فقط على مستوى الكم الكبير من الاصدارات وإنما في طبيعة التحول الذي أصاب بعض الروائيات من تناولهن وتطرقهن إلى قضايا وموضوعات جديدة تتعلق بالمسكوت عنه، كالحرية، والعيب، والإرهاب، والجرأة، والحرام.

7- كيف ترى الإنتاج الأدبي بالمملكة العربية السعودية؟
الإنتاج الأدبي في السعودية متنوع، وهذا التنوع جعله مفتوحا على تعدد القرّاء واختلاف توجهاتهم الأدبية والمعرفية، وفي كل عام يظهر لدينا كُتّاب جدد لهم رسالاتهم الكتابية التي يريدون إيصالها إلى القراء، لكن أغلبهم يفتقر إلى العمق والجدية، وهذه أزمة يمر بها الوطن العربي، حيث أصبح التسويق للكتب السطحية وهو للأسف، أمر يتعلق بدور النشر العربية التي أصبحت تبحث عن كسب المال لا المعرفة ولا الرقي بثقافة بلدانها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد