د اونغير بوبكر ” اعتقد بأن إقامة العلاقة مع إسرائيل هو نفس الشىء مع إقامة العلاقة مع بريطانيا”

حوار الاربعاء/ سلسلة حوارات في مجالات متعددة تنشر كل يوم اربعاء يفتح من خلالها النقاش مع العديد من الأسماء الشاهدة على وقائع وأحداث مهمة.الحلقة 13 مع الباحث في قضايا التنمية والتعدد الثقافي وحقوق الإنسان عضو مؤسسة للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة. رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان.

س :انت رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان كيف تلقيتم إقرار راس السنة الأمازيغية كعطلة بالمملكة ؟

ج: في البداية لابد ان اشكر منبركم الإعلامي المتميز على الاستضافة ، بصفتي رئيسا للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان فانني أرى ان إقرار راس السنة الامازيغية كعطلة رسمية للمملكة المغربية وبقرار سامي من جلالة الملك محمد السادس حفظه الله تعالى هو استكمال لنهج الانصاف والمصالحة التي اعتمدها جلالة الملك محمد السادس منذ توليه مقاليد العرش ببلادنا ، كما ان القرار انتصار للتعدد الثقافي واللغوي ببلادنا و انسجام مع الواقع الهوياتي الحضاري المغربي الذي يتسم بالتنوع في اطار الوحدة ، فالمغرب بلد انعم الله عليه بغنى ثقافي و لغوي متميز مع تلاحم شعبي منفرد لذلك فالمغرب يعد بحق مرجع دولي أساسي في تدبير التنوع الثقافي و اللغوي كما هو الشأن في موضوع تدبير الشأن الديني كذلك ، إقرار راس السنة الامازيغية كعطلة رسمية بالمملكة رسالة حضارية وثقافية من الشعب المغربي الواحد الموحد على ان بلادنا استطاعت ان تحدث قطائع تاريخية ومعرفية سلسة و ابستيمولوجية هادئة مع تراكمات أيديولوجية استيلابية ، وان تدشن عهد المصالحة التاريخية مع كل مكونات الهوية المغربية الجامعة .

س: هل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يلعب دوره اتجاه هذه الثقافة ؟

ج : المعهد الملكي للثقافة الامازيغية مؤسسة علمية اكاديمية أعطت الشئء الكثير للثقافة المغربية وللمعرفة الإنسانية عموما ، فيكفي الرجوع الى مختلف الكتابات و الدراسات و الترجمات التي قام بها المعهد الملكي للثقافة الامازيغية لتعرف حجم الاسهام العلمي والمعرفي لهذه المؤسسة التي تم تاسيسها بامر سام من جلالة الملك بعد خطاب اجدير التاريخي لسنة 2001م ، صحيح ان المعهد الملكي محدود الصلاحيات في ما يتعلق بالامور السياسية الحقوقية وفي الترافع عن القضايا المتعلقة بالامازيغية نظرا لاختصاصاته المحددة وفق الظهير المؤسس الا انه استطاع ان يقوم بادوار كبيرة فيما يتعلق بتقعيد اللغة الامازيغية و اخراج العديد من الوثائق و المخطوطات الثمينة الى حيز الوجود كما كان المعهد متنفسا حقيقيا لكل الفاعلين الراغبين في النشر والكتابة باللغة الامازيغية او عن اللغة الامازيغية باللغات الأخرى فاحدث جوائز قيمة لكل أصناف الابداع الادبي والفني لفائدة الامازيغية ، حقيقة يمكن ان نقول بان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية قد أدى دوره كاملا و استطاع في ظرف وجيز ان يعيد الاعتبار للثقافة الامازيغية في الأوساط الاكاديمية و العلمية وان يقوم بعمل تاريخي ربما قد يكون نخبويا لكنه أسس لرقي وتقدم الامازيغية في جميع المجالات .

س : كرجل تعليم كيف تقييم تجربة احداث اقسام الأمازيغية بالابتدائي ؟

ج : مطلب تدريس الامازيغية بالمدرسة العمومية كان ولايزال مطلبا ملحا للحركة الامازيغية ببلادنا ، وقد عرفت عملية تدريس الامازيغية نجاحات كبرى في المدرسة العمومية ولقت اقبالا واستحسانا كبيرين من لدن جميع المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية ، لكن مايزال ورش تعميم تدريس الامازيغية ببلادنا يتطلب مجهودات إضافية على مستوى توفير الموارد البشرية اللازمة لتدريس وتعميم الامازيغية و على مستوى تسريع اعداد البرامج والمناهج الدراسية لجميع المستويات ، لان انصاف اللغة والثقافة المغربية ببلادنا و تربية الناشئة على تاريخ والبلاد وثقافته يمر بالضرورة عن طريق التعليم والتدريس . لقد قامت الحكومة المغربية والقطاع الوصي على التربية الوطنية بمجهودات كبيرة جدا من اجل انصاف الامازيغية وضمان رقيها في المنظومة التعليمية لكن وجود تراكمات سلبية في القطاع و صعوبة إيجاد الحلول لكل المشاكل المتراكمة لعقود جعل القطاع الوصي مكبلا وغير قادر على الاستجابة الفورية و الناجعة لقضية تعميم الامازيغية رغم ان المغاربة اليوم اصبحوا اكثر اقتناعا اليوم بان نجاح رهان تدريس اللغة الامازيغية هو مفتاح التميز بين الأمم و مدخل من مداخل الاعتزاز باالثقافة واللغة المغربية الاصيلة بكل مكوناتها .

س : سبق أن قررت زيارة اسرائيل في ظل هذا الوضع هل ان تم استدعاؤك لها تلبي الدعوة ؟

ج : لم يسبق لي ان زرت إسرائيل رغم ان دعوات كثيرة وصلتني لزيارتها في اطار علمي بحت في وقت سابق ، واظن الامر يتطلب التفريق المنهجي الضروري بين التعامل مع المؤسسات البحثية و العلمية والاستفادة من التجارب العلمية لاي بلد من بلدان العالم و بين الموقف من سياسات هذا البلد و نهجه في العلاقات الدولية فعلى سبيل المثال فكل شعوب العالم لها مؤاخدات و ملاحظات وانتقادات على سياسة الولايات المتحدة الامريكية فيما يتعلق بمواقفها من هذه القضية او تلك ، كالموقف الرافض لاجتياح العراق خارج قرارات الشرعية الدولية في 2003 م و لكن هذا لا يعني ان من اكبر الجاليات المقيمة اليوم بالعالم موجودة في الولايات المتحدة الامريكية ومنها الجالية العراقية الكبيرة العدد ، نفس الشئ ينطبق على إسرائيل فرفض سياساتها الاستيطانية التوسعية و عدوانها على الشعب الفلسطيني وعلى جيرانها في لبنان وسوريا امر مدان وفق مقتضيات القانون الدولي ولكن هذا لا يمنع من زيارتها و الاستفادة من خبراتها في مختلف المجالات ، هذين امرين مختلفين ، لان الشعبوية لا تبني مستقبلا و لا تؤسس اوطانا ، وحده التفكير العقلاني البراغماتي يمكن الشعوب من التمييز بين المواقف السياسية للدول وضرورة الاستفادة من خبرات الشعوب المختلفة .

س : كيف تنظر لما يحدث بغزة ؟ومن المجني ؟

ج : ما يحدث في غزة هو عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الأطفال والمدنيين الفلسطينيين وجرائم إبادة جماعية بحق شعب اعزل امام مراى ومسمع العالم بدعوى القضاء على حركة حماس ، ما يحدث في إسرائيل هو تغول التيار الديني الاصولي المتطرف الذي يسعى لتحقيق نبوءات ثوراثية زائفة على انقاض جمامج النساء والأطفال ، ما يحدث في غزة اليوم جرائم حرب يستحيل وصف بشاعتها امام عجز المجتمع الدولي والياته في توقيف الالة الإسرائيلية التي تستغل صمت المجتمع الدولي لاستمرار عدوانها البشع على الأطفال والنساء في محاولة إسرائيلية لتغيير المعالم الجغرافية و الديموغرافية لقطاع غزة تحت ذريعة محاربة حماس او الدفاع عن النفس .
انا بطبيعة الحال لا يعني انني ادعم حماس واعتبر سياساتها صحيحة ، بل انني اعتبر ان التطرف الاصولي خطر في كل الأديان واعتبر ان صدام الاصوليات الدينية في المنطقة المدججة برؤى غيبية لا منطقية هي من أسباب الدمار المستمر في منطقة الشرق الأوسط ، حان الأوان ان يتدخل المجتمع الدولي لفرض وقف اطلاق النار في غزة و حل القضية الفلسطينية بشكل عادل ومنصف وفق قرارات الشرعية الدولية و المبادرة العربية و الأرض مقابل السلام وبدء حوار مباشر صريح مع كل الأطراف لاقامة دولية فلسطينية مستقلة قابلة للحياة تنعم بالاستقرار والديموقراطية جنب الى جنب دولة إسرائيل العلمانية التي لا يسيطر عليها غلاة التطرف اليميني .
طريق السلام و الوئام والمصالحة هو الطريق السالكة في المنطقة لكن يجب توفير الشروط الضرورية لذلك واهمها لجم إسرائيل و الضغط عليها وعدم السماح لها بتقويض كل جهود بناء الدولة الفلسطينية و مصادرة حقوق الشعب الفلسطيني ، كما ان الشعب الفلسطيني مطالب برص صفوف قواه الوطنية ونبذ الخلافات بينها و ضرورة اصلاح مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ودمقرطة أجهزتها لان الديموقراطية أساسية لبناء الأوطان و ضمان رقيها.

س : كعضو مركز اليغ للاعلام كيف تنظر للتعاطي الإعلامي مع أحداث غزة ؟

ج : كعضور مركز ايليغ للاعلام أرى ان الاعلام لعب دورا محوريا في تسليط الضوء على الأوضاع في غزة وخاصة الأوضاع الإنسانية القاسية التي فرضتها الحرب ، كما ان استهداف الصحفيين والإعلاميين واستشهاد عدد كبير منهم يدل على ان إسرائيل تريد حجب الحقية عن العالم و الحيلولة دون اطلاع العالم على جرائمها الوحشية بحق النساء والأطفال ، لقد كان الاعلاميون بتضحياتهم و تغطياتهم ابطالا حقيقيين استطاعوا نقل جزء يسير ولكن مؤثر من معاناة شعب يريد التحرر والانعتلق من براثن احتلال عسكري دمر الانسان والحجر ، لذلك تحية كبيرة لكل وسائل الاعلام الدولية الناطقة بمختلف اللغات على نقلها جزء من صورة الماسي و المظالم التي تعرض لها أطفال ونساء غزة كما لا بد من الإشادة بموقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وكافة اطقم الأمم المتحدة الذين حكموا ضميرهم الإنساني واعطوا تصريحات متوازنة و منصفة لصالح أطفال ونساء غزة ، كما ان المناسبة شرط لابد من شكر وتثمين المجهودات الكبيرة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس لإغاثة الشعب الفلبسطيني عبر المساعدات التي أرسلتها المملكة المغربية الى الغزيين وكذا الموقف الشجاع لجلالة الملك الذي كان دائما الى جانب أصحاب الحق و مع الشرعية الدولية التي تقر باحق الفلسطينين في العيش بامان وسلام في اطار دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

س : هل مازلت تدعوا الى التطبيع مع اسرائيل ؟ وكيف تنظر إلى ما واجهته من طرف المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ؟

ج : سبق ان قلت بانه يجب التفريق بين العلاقات بين الشعوب التي يحكمها منطق الحرية وبين العلاقات الدولية بين الدول التي يحكمها منطق الضرورة ، فالعلاقات مع إسرائيل على الصعيد الرسمي تهم الدولة ومصالحها الاستراتيجية وهي الأولى مني ومن أي مواطن مغربي لمعرفتها وتقديريها التقدير الصحيح ، والمغرب كان وسيظل دائما بلدا منفتحا على الجميع متوازنا في علاقاته الدولية محتضنا لكل مبادرات السلام والامن في العالم بعيدا عن الارثدوكسيات السياسية والكليشيهات الايديلوجية الشعبوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، المغرب وفق موقعه الدولي و الثقة التي يحظى بها جلالة الملك دوليا يمكنه ان يلعب ادورا طلائعية قوية في الاسهام في حل القضية الفلسطينية ودفع جميع الأطراف الى استئناف مفاوضات الوضع النهائي لاقانة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة اما فيما يخص التطبيع مع إسرائيل فانا أرى بان الدولة المغربية هي التي تعرف مصالح البلاد و تعرف التوجهات الاستراتيجية التي ينبغي ان تتبعها لان لديها من الخبرة والامكانيات والمعلومات ما يجعل دولنا قادرة على اتخاذ القرارات السيادية التي تراها ملائمة للدفاع عن المصالح الحيوية المغربية ، انا كمواطن مغربي لازلت اعتقد بان إقامة العلاقة مع إسرائيل هو نفس الشئ مع إقامة العلاقة مع بريطانيا او الولايات المتحدة الامريكية .. لان لا فرق بتاتا بينهم كلهم دول لها ماضي معرف في الاحتلال والاستعمار و في تقتيل الشعوب لكن التعامل مع شعوبها والاستفادة من خبراتها العلمية والتقنية في كل المجالات امر أساسي ومهم ولا علاقة له بما تفعل حكوماتها ، اما موقف المرصد المغربي لمناهضة التطبيع فاقول لهم سامحكم الله لانكم لا تتحرون الحقائق أولا ثم لانكم مثل إسرائيل تكيلون بمعايير مزدوجة فما تفعله اسرائي اليوم قد فعله نظام الأسد في حق أطفال سوريا وفعله قبل ذلك صدام في حلبجة و في حروبه ضد شعبه لكن لا تسطيعون ادانة ذلك لان منطلق المرصد هو القومية العربية الإسلامية ولا يستطيع التفوه بكلمة واحدة ضد جرائم أنظمة يعتبرها ممانعة وهي في الحقيقة مجرمة في حق شعوبها .

س : كعضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان كيف تنظر لهذه الآلية الحقوقية ؟

ج : اللجن الجهوية لحقوق الانسان اليات حقوقية مهمة لنشر الوعي الحقوقي لدى عامة المواطنين وميكانيزمات لمراقبة السياسات العمومية و مدى احترامها لحقوق الانسان على الصعيد اللامركزي ، وهي بذلك تقوم بادوار طلائعية في النهوض وحماية حقوق الانسان لانها تقوم بالرصد والحماية والتوعية في نفس الوقت ، لذلك كان المجلس الوطني لحقوق الانسان موفقا في احداثها ، كما ان اللجن الجهوية لحقوق الانسان تقوم بمهام حقوقية ترافعية مهمة عن القضية الوطنية في المحافل الوطنية والدولية عن طريق التقارير التي تنشرها والتي لها مصداقية دولية وتنسف أطروحة الوحدة الترابية للمغرب بالدليل الموضوعي الواقعي .

س : كمهتم وباحث في الشؤون الديمقراطية كيف تنظر إلى تحريك المتابعات المتورطين في تبديد المال العام ؟

ج : بطبيعة الحال فبلادنا بلد حق وقانون و تحريك المتابعات في المتورطين في مختلف القضايا ومنها المال العام مسالة قضائية صرفة تدخل في صميم بناء مؤسسات دولة الحق والقانون ولا تحتل اكثر من ذلك ، فالمغرب قد خطا خطوات مهمة في مجال ترسيخ منظومة العدالة رغم المشاكل والاكراهات التي يعرفها مسار احقاق الحقوق وانصاف الجميع ، لكن تبقى الترسانة القانونية المغربية في عمومها منسجمة مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان وان كانت مجموعة من القوانين لا يزال النقاش بشانها جاريا لتعديلها لتنسجم مع المستجدات الحقوقية الوطنية والدولية ومع ما يحفظ حقوق المتقاضين ، ويتطلب الامر بشكل كبير ومستعجل تعديلات بعض نصوص القانون الجنائي و نصوص مدونة الاسرة و إقرار قانون تجريم الاثراء الغير مشروع بما ينسجم مع التقدم الحقوقي الذي تعرفه بلادنا .

س : نشاهد حراك القبائل الجزائرية في ظل غياب مساندة من طرف الاطارات الأمازيغية التي تمثلونه ماسبب ذلك؟

ج : الحركة الامازيغية كانت وستظل دائما مسادنا لكل نضالات منطقة القبائل حتى تحقيق حقوقها المشروعة في الانصاف الثقافي و التاريخي ولاشك انكم تعرفون بان الحركة الامازيغية حركة حقوقية تناصر جميع المظلومين والمضطهدين في اصقاع الأرض ولا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ذات السيادة ، معنى ذلك ان الحركة الامازيغية المغربية مستعدة للتنسيق مع الحركات التي تتبنى الخطابات الحقوقية و التي تمتح من المرجعية الدولية لحقوق الانسان لذلك تراها تدافع عن نضال القبائل في الجزائر و نضال الاكراد في العراق وعن نضال الشعب الفلسطيني بدون ان يكون لمرجعيتها أي خلفية اثنية او دينية بل معيارها الواحد الأوحد هو احترام كرامة الانسان وحماية حقوقه في كل مكان وزمان بغض النظر عن لونه اتو جنسه او لغته .

 

المصدر ميديا : المحجوب الأنصاري

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد