المخرج المغربي بوسلهام الضعيف: المسرحيون العرب بمقدورهم فك العزلة ومد جسور التواصل بين الشعوب العربية عكس رجال السياسة

ممتطيا صهوة “مسرح الشامات” تتربع تجربة مسرحية فنية بصبغة متميزة ومتفردة بكل المقاييس في المشهد المسرحي المغربي بشكل خاص، لصاحبها المخرج والفنان المسرحي المغربي بوسلهام الضعيف على مدار العقدين ونيف من الزمن المسرحي المتواتر. تجربة مسرحية تحاكي بآنافة وصولاجان واحترافية عالية قضايا المجمتع بكل تفاصيله وجزئياته المعيشية الدقيقة بعيدا عن لغة التنميط والتدليس وتكريس مظاهر الإبتذال. بعيدا عن كل الكيشهات المنمقة يقف”مسرح الشامات” بأعماله المسرحية والإبداعية المتنوعة، شامخا شموخ الابطال على منصات التتويج ، ينشد العزة والفخر والريادة على الخشبة في تحد لكل الصعاب والمطبات. في هذا الحوار مع قائد سفينة
” مسرح الشامات ” الكاتب والمخرج بوسلهام الضعيف نحاول سبر اغوار هذه التجربة في سطور على هامش مشاركته في فعاليات مهرجان المسرح العربي ببغداد.

حاورته: فاطمة البكاري

س: تجربتكم المسرحية تخطت عتبة الربع قرن من الزمن المسرحي ، تخللتها أعمال متعددة تراوحت بين التفرد والتميز لاشتغالها على الاداب والرواية والاقتباس .هل يمكن القول إن مسرح الشامات الذي تتولون إدارته الفنية . قد ساهم بالفعل في إشاعة القيم الفكرية والثقافية والإبداعية المتوخاة لرسائل المسرح المتعارف عليها عربيا وعالميا ؟ وكيف ذلك؟

ج. بداية يجب القول أني سعيد بهذه الإستضافة الصحافية التي تتزامن وانطلاق فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته الرالعة عشر بالعاصمة بغداد ،وبالعودة الى سؤال مسرح ” الشامات” يمكن القول أن فرقة هذا الاخير جاءت في سياقات جديدة عاشها المسرح المغربي في مراحل معينة. بحيث كانت من الفرق الاولى التي ساهمت في خلق الفارق ما بين الممارسة السائدة لرواد الخشبة في تلك الحقبة ، وخريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي. وكان ان جاء تتويج مسرح ” الشامات” في اول دورة للمهرجان الوطني للمسرح المغربي ، في أعقاب فوزه بالجائزة الكبرى للهرجان أنذاك. وهي مرحلة فاصلة بكل تأكيد بين مرحلتين في تاريخ المسرح المغربي. وهنا جاز القول ان الفرقة كان لها مشروع متكامل منذ البديات إن على مستوى المثن الإبداعي والثقافي أو على مستوى مسارها الفني بكل قواعده. كما انها اهتمت بالتكوين وخلقت مدرسة او ما عرف باستوديو الممثل خاصة بالتكوين ، وهذا أمر في غاية الاهمية بالنسبة للفرق المسرحية. بالإضافة الى عملها المتواصل من خلال الورشات الفنية والتظاهرات ذات الصلة التي تنظمها. بما في ذلك “دوري مسرح الاحياء” باعتباره حقل التنقيب وصقل المواهب ، الى جانب ملتقى الكتابة المسرحية ومهرجان مكناس المسرحي. بمعنى آخر أن لفرقة “مسرح الشامات” مشروعا مسرحيا متكامل، يجمع ما بين الحمولة الإبداعية والفنية، ويخاطب روح وحواس المتلقي عن طريق الفرجة. ومن خلال هذه القواعد تبحت الفرقة عن جمهور من كل الفئات،بخاصة فئة الشباب. علما ان الفرقة تقييم بالفضاء المسرحي في مدينة مكناس. لكن ناسجة لعلاقات مع محيطها المحلي والوطني بجغرافيته الفنية. كما لها علاقات بفضاءات المؤسسات الشريكة، بما في ذلك علاقاتها مع جمهور الشباب والاطفال. من خلال تواجدها بالاحياء والمناطق المهمشة. ومع ذلك لا أجزم أن رسالة “مسرح الشامات” قد وصلت الى مبتغاها ، لكن الثابت ان الفرقة تشتغل بالإستناد الى مشروع شامل ومتكامل يوفق بين الإبداع الفني والادبي وكذا الترويج الثقافي المسرحي.

س: الحديث عن المسرح بشكل عام داخل خريطة الجغرافية العربية يتخلله الكثير من الانتقادات حتى لا أقول النواقص والاختلالات ، باعتباره حديث مركب يتداخل فيه ما هو فني وتاريخي وثقافي واجتماعي ، ألا ترى معي أن الأمر يتعلق بالأساس في غياب المرجعية الثقافية والفنية بالمنظومة التربوية العربية بكافة أسلاكها التعليمية .ما يجعل قضية المسرح العربي حالة موسمية تفتقر لأصول وقواعد التوطين الدائم وخلق جمهور مسرحي قار ؟

ج : في واقع الأمر لانخفي أن المسرح في فضائنا وجغرافيتنا يعيش على وقع مجموعة من الإختلالات التنظيمية والقانونية لها صلة بكل تأكيد بمسارات تاريخية وأخرى هيكلية.وبالتالي وجب القول أن الممارسة المسرحية المغربية، تتأسس وفق تقاليد متعددة منها ما هو فرجوي ،ومنها ما هو متصل بثقافة المشاهدة، بما في ذلك تقاليد إدماج المسرح في منظومة المؤسسات التعليمية. وهنا يمكن القول أن المسرح حين يصبح بالفعل مشروعا قائم الذات في فلسفة الدولة ومؤطر بأدبيات السياسة ، يمكن أن يحقق المبتغى بخصوص رسالته الفنية والثقافية والأدبية والمجتمعية. بيد ان الحاصل في المغرب هو كثرت الحديث عن شيء إسمه المسرح في حياتنا اليومية ، بمعنى نتحدث عنه كثيرا ، دون أن نلمس له وجود حقيقي على مستوى الممارسة .وهي مسألة فيها نقاش لماذا ؟ ربما أن المسرح بحكم أنه فن جماهيري ، قد يصنف في خانة الفن الخطير. ما يجعل الدولة تخشى مراميه وأهدافه في لحظات معينة.الأمر الذي قد يدفع الى التعامل معه بنوع من الإنتهازية،واستغلال ما يمكن ان يخدم مصالح الدولة وتجاهل ما دون ذلك. وهي الحالة التي تؤكد عدم رغبة الجهات الرسمية في الإقدام على تقنين الممارسة المسرحية. لأن هذه الاخيرة تتطلب وجود تشريعات قانونية قادرة على ضبط وتحديد هذه الممارسة بكل أبعادها الفنية والأدبية. الى جانب خلق بنيات تحتية ملائمة تساعد على تطوير فن الخشبة بالقدر الذي يؤمن عملية الإشتغال بشكل يومي ، مع إيلاء العناية الكافية للهياكل التنظيمية ذات الصلة ، ومنح الإمكانيات اللازمة للفرق المسرحية كي تتمكن من مواصلة العمل بشكل دائم ومنتظم. بالإضافة الى خلق ما يعرف بالوسطاء والمهنين قصد الترويج للعروض والأعمال الإبداعية ،داخل وخارج المؤسسات والشركات الوطنية، و من ثمة التسويق لعلاقة فن المسرح مع الجمهور. وبالتالي خلق تربية وثقافة مسرحية مجتمعية بكل روافدها الفنية والإبداعية. لذلك وتبعا لما أسلفت فالممارسة المسرحية في المغرب ،مرتبطة بتقليد مسرحي ، وهذا الأخير له امتداد تاريخي. ومسارات الاطفال بذات المناسبة لايجب أن تخرج عن المنحى ، بحيث الحاجة ملحة للإهتمام بمسرح الطفل في المنظومة العامة للخشبة ، والإصرار على تدريبه وتربيته على ثقافة مشاهدة المسرح بغية خلق جمهور مسرحي على امتداد العقود والسنين، نواته الصلبة الطفل في ارتباطه بالتنشئة المسرحية.

س: جاء في إحدى حواراتكم الصحافية أن هناك من يسعى إلى تنميط الجمهور وتنميط المسرح في قالب أو شكل واحد ، في حين هناك أنواع من المسرح ، كما أن هناك أذواق مختلفة ، لكن الذوق العام يتم إفساده بشكل فضيع من طرف وسائط التواصل الاجتماعي …..كيف ذلك ؟ علما أن هذه الوسائط والاعلام تبقى إحدى القنوات الأساسية لتصريف وترويج صورة المسرح ؟

ج: في الواقع يفترض أن تلعب وسائل الإعلام ، سيما الإعلام العمومي دورا أساسيا في تربية الذوق بشكل عام ، بما في ذلك الترويج لثقافة المسرح ورموزه ورسائله التوعوية، لكن هل بالفعل هذه الوسائل تساهم في تشكيل الوعي المسرحي داخل المجتمع وتسوق للثقافة بكل روافدها المجتمعية؟ هذا في تقدير سؤال عريض وكبير سيظل معلقا الى حين!!. خصوصا بعد ظهور وسائط إعلام بديل جديدة من قبيل مواقع التواصل الإجتماعي ومنصات الترويج الإليكتروني وغيرها.ما عزز عزلة وسائل الإعلام العمومي بطرق مختلفة، الى حد تجاوز المفهوم الكلاسيكي للتلفزة. بحيث لم تعد هذه الاخيرة تشغل ذلك الحيز المهم في ضبط وتربية الذوق العام ونشر مفهوم الثقافة المسرحية الهادفة. بمعنى آخر تواتر وسائل التواصل الإجتماعي والفوضى التي تعرفها العديد من وسائط الإعلام البديل ، ساهمت وماتزال في نشر التفاهة بكل اركانها الفاسدة ، ومن خلالها يتواصل إفساد الذوق العام الى ما لانهاية . هذه المعضلة زادت بالمقابل في إضعاف دور المسرح الجاد ،قبل أن يصبح الى جانب عدد من العوامل الأخرى،يعيش على وقع الهشاشة الماديةوالمعنوية. الأمر الذي جعل المجتمع في ضوء هذه الحالة يعيش هو الآخر على وقع الهشاشة الفكرية والثقافية والمجتمعية. وكان في أفق ذلك ان غدا كلا من المسرح والثقافة بشكل عام يعيشان عزلة شبه كلية ،رغم الجهود المبذولة لتفاذي تفاقم الوضع. وهنا اصبحت شرائح عديدة من المجتمع ضحية لإفساده وتميع ذوقها ، بعد تعطيل مفهوم التربية وفرملة دور المسرح والثقافة وتحطيم القيم والأخلاق وهدم المعاني والرسائل الفنية والفكرية والأدبية النبيلة. هذه الوضعية مجتمعة كذلك جعلت بشكل أو بآخر من منظومة التعليم هي الأخرى تعيش وضعا مختلا، زاد من تكريس الوضع باتجاه العزلة …عزلت كل شيء….. وعزلت الفنون بكل أطيافها.

س: في تقديركم إلى أي حد يمكن القول إن الهيئة العربية للمسرح كانت وما تزال ذلك البيت العربي الذي يلتئم فيه رواد الخشبة ويكابر وينافح بمختلف الوسائل والإمكانات من أجل الرفع من منسوب الوعي بالأهداف والرسائل الأدبية والفكرية والفنية والإنسانية والاجتماعية لأبي الفنون؟

ج: بلغة الجمع جاز القول أن الهيئة العربية للمسرح فرضت وجودها بقوة في ظرف وجيز، داخل وخارج الساحة العربية. وذلك على خلفية الأدوار الطلائعية والحاسمة التي أصبحت تلعبها للترويج لفن المسرح والمسرحين العرب بشكل عام. بما في ذلك إدماج مسرحيو بلدان المهجر.وكذا التسويق لثقافة الخشبة بكل فروعها الفنية والأدبية والفكرية والمجتمعية المتواترة بالأقطار العربية. واكبرى تجليات أدوار الهيئة تتجسد علانية في دورات المهرجان السنوية الذي تقوم بتنظيمها سنويا عبر محطات العواصم والمدن العربية. وهذا توجه محمود وإيجابي باعتباره مهرجان متنقل يروم من حيث القصد تقريب الفعل المسرحي ومن خلاله المثن الثقافي المتنوع لكل قطر عربي على حدة. ودورة بعد أخرى نلاحظ التطور الكبير والآخذ في التوسع بشأن الاهداف والمرامي النبيلة والسامية لمهرجان الهيئة العربية. بحيث جعلت هذه الاخيرة من فعاليات دورات المهرجان فرصة سانحة لترويج التجارب المسرحية العربية، وخلق جسر للتلاقح والتلاقي بين المبدعين والمسرحين والنقاد والمفكرين والمثقفين العرب وغيرهم. والعمل على توسيع دائرة نشر الكتاب المسرحي والتسويق للمؤلفات والنصوص المسرحية ذات الصلة، والعمل على تقوية قاعدة الناشرين والمختصين والنقاد والمهتمين بثقافة أبي الفنون. بمعنى أصبحت الهيئة العربية تلعب دورا حاسما في نشر الكتاب المسرحي بكل توجهاته الإبداعية والفكرية، ونشر المؤلفات والنصوص المسرحية وتقييم التجارب الفنية، الى جانب العناية بفن الكتابة المسرحية الصرفة المخصصة لجميع الشرائح المجتمعية، بما في ذلك الموجهة للأطفال والشباب وكذا الكبار على حد سواء. كما سعت الهيئة العربية بالمقابل الى تشجيع البحث المسرحي، بخاصة في صفوف الشباب وتحفيزهم على ذلك عبر تنظيم مسابقات مهمة للغاية. كما انها نجحت بشكل هائل في لم شمل المسرحيين العرب بكل توجهاتهم وافكارهم وتجاريبهم الإبداعية والثقافية والفنية. وهذا هو الاهم الذي تحمد عليه هيئة مسرح العرب.

س: يعتبر عملكم المسرحي الاخير “كلام يمحوه النهار ” المقتبس من رواية / بعيدا عن الضوضاء قريبا من السكات / لصاحبها الروائي المغربي محمد برادة ، من الأعمال المرشحة للتنافس لنيل الجائزة الكبرى للهيئة العربية للمسرح في مهرجان بغداد في دورته الرابعة عشرة .برأيكم ماذا بعد التتويج ؟ وهل هذا الأخير يمكن اعتباره نهاية مسار لكل عمل في عوالم المسرح ؟

ج: في الحقيقة أنا سعيد جدا بتواجدي للمرة الثانية على التوالي وفي أقل من ثلاثة أشهر في العاصمة العراقية. فقد تم تكريمي في فعاليات مهرجان بغداد الدولي في دورته الرابعة شهر أكتوبر الماضي. واليوم أنا حاضر ومشارك في فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان المسرح العربي بذات العاصمة بعمل مسرحي تحت عنوان ” كلام يمحوه النهار”. وهذا أمر جميل وأعتز وأفتخر به ، باعتباري مشارك بعملي المسرحي السالف الذكر على ارض الرافدين. وهي مناسبة سنقدم من خلالها تجربة مسرحية لجمهور مختلف وبحساسيات متنوعة من حجم الجمهور العراقي والعربي المشهود له بالنباهة والتقييم الإحترافي والموضوعي للنصوص والاعمال المسرحية. واعتقد أن اختيار لجنة المهرجان لهذا العرض ” كلام يمحوه النهار” لم يكن اعتباطيا ، بل له ما يبرره ، لانه برأي المتواضع يبقى عرض مختلف الى حد ما عن السائد.بحيث يعود بمعانيه ورسائله وأهدافه النبيلة الى أصوله الحقة. بل هو عرض بعمق واختيار فني متميز ومتفرد. أما فيما يتعلق بموضوع المنافسة على جوائز المهرجان، فنحن هنا لنقول على الاقل أننا حاضرون،كي نسمع كلمتنا للآخر،ونشارك الزملاء ونتقاسم معهم التجارب والأعمال المسرحية ، ونجعل من منصة مهرجان المسرح العربي ببغداد قناة واقعية لتوطين أصول وقواعد الحوار الفني والأدبي والفكري والثقافي المرتبط أساسا بالركح.

س: في رأيكم ما هي أقوى الرسائل التي يمكن أن يقدمها النسرح العربي في دورته هاته ببغداد في ضوء ما تشهده الساحة العربية والدولية من صراعات وحروب وأزمات سياسية واجتماعية واقتصادية وإنسانية بعيدا عن رسائله الفرجوية والترفيهية والفكرية والنقدية المعتادة وغيرها ؟

ج: أعتقد أنه لا اختلاف بشأن أن تنظيم مهرجان المسرح العربي في نسخته الحالية ببغداد ، هو رسالة قوية تنطوي في أبعادها على بعث إشارات ساطعة مفادها أن الفنانين المسرحيين العرب بمقدورهم فك العزلة ،ومد جسور التواصل بين الشعوب العربية، عكس رجال السياسة الذين عجزوا عن تحقيق ذلك على مدار العقود من الزمن. بل مهرجان من حجم وصنف مهرجان المسرح العربي ببلاد الرافدين، وغيرها بالاقطار العربية ، قادر على خلق التلاقح والتفاعل المنشود بين كافة الفنانين العرب على اختلاف حساسياتهم وجيناتهم وتوجهاتهم ومذاهبهم الفكرية والثقافية والفنية والمسرحية دون مركب نقص. وبالتالي فمهرجان المسرح العربي هو في الأصل، رسالة حب ووئام وسلام وتآخي وتضامن وتواصل ، رغم كل ما يعيشه الوطن العربي من أزمات وتفرقة وجمود. بمعنى مهرجان مسرح العرب إن صح التعبير ، يبقى في ظل الوضع القاتم للامة العربية ،المنار الوحيدة للسلام والوحدة واستشراف المستقبل بكل رهاناته وتحدياته. كما انه اي “المهرجان” رغم ما يعيشه المسرح بشكل عام من تفاوت داخل كل دولة عربية على حدة ، الى ان الفنان المسرحي العربي مصر على القيام بواجبه المهني والفني والوجودي والإنساني ضدا على العزلة.

س: ختاما ، ما هو تقييمكم لدور المسرح العربي بشكل عام ؟ وهل الآليات والادوات التي يشتغل بها والقضايا التي يعالجها بمختلف النصوص والكتابات ما يزال مفعولها قادر على خلق الفارق في التعاطي مع ما يقع بمحيطها العربي وخارجه ورفع أشكال التحدي المطروحة بقوة على الساحة العربي ؟

ج: لاشك ان تمة تفاوت بخصوص دور المسرح وحضوره داخل المجتمعات العريية. إذ يختلف من دولة الى أخرى باختلاف التوجهات والمرجعيات المؤطرة لأدبيات وفلسفة هذا الفن. وهذا أمر إيجابي يعكس ميزة التنوع والغني الفكري والثقافي والأدبي وغيره ،الذي يزخر به المسرح بهذه الرقعة الجغرافية من العالم. لكن الثابت في الركح العربي كونه ربما يشترك في شيء واحد ، يتمثل في انه ” المسرح” يعيش على هامش السياسة الثقافية للبلدان العربية. بمعنى آخر لا يشكل بالضرورة أولوية لدى الحكومات العربية بشكل عام. كما انه مايزال يفتقر الى النظم والآليات القانونية والتشريعية اللازمة للرقي برسائله المجتمعية. عدا كونه يعاني التهميش المادي القادر على دعمه بالشكل الذي يساعده على القيام بدوره الفني والثقافي والترفيهي والفورجوي والتربوي المطلوب.الى أن هذا الإجحاف الذي يعيش على وقعه هذا الفن الراقي بالمنطقة العربية، لا يمنع أهله ورواده من الفنانين والمخرجين والممثلين والكتاب المسرحين العرب، من مواجهة هذه التحديات والإكراهات،ورفع سقف مقاومة الردائة وإفساد الذوق العام، والإصرار على حضور المسرح ليس بصيغه المبذلة ، بل بأشكاله الفاعل والمتفاعل والهادف والقوي عبر قوالب ومنارات مشيعة لقيم الثقافة والأخلاق الرفية والتربية على المواطن والمسؤولية والإقدام، وكخشبة لتصريف أدوات الحوار الحضاري والفكري المستنير. ومنصة فنية لمحاربة الإبتدال والنسيان، بخاصة ذلك الذي تتعرض له الرموز الفكرية والثقافية والإبداعية والمسرحية العربية في أكثر من قطر عربي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد