السيدة عائشة “ض”

بقلم: ذ ماءالعينين ماءالعينين

كيف لنا أن نتكلم عن عظيمات المسلمين دون أن نفرد للحميراء الصديقة بنت الصديق، صاحب الرسول الكريم في غار ثور وهما في طريقهما الى المدينة المنورة في رحلة الهجرة النبوية- عتيق بن أبي قحافة،ولو النزر القليل من هذه السلسلة الرمضانية.
سنقف عند حادثة تنم عن قوة شخصية سيدتنا عائشة “ض” ،وصلابة رأيها، وهي تتعرض إلى أخطر زلزال هز بيت الرسول ص، وكاد أن يمس من طهر ونقاوة الإسلام، وهو المعروف لدى عامة المسلمين بحديث الإفك.فحينما قال أهل الإفك عن أم المؤمنين ماقالوا ،وبرأها الله من ذلك في (سورة النور 11-20)،وخاطبها الرسول الكريم قائلا:(ياعائشة، أما الله
عز وجل فقد برأك ).وقالت لها أمها:قومي إليه-أي إلى الرسول-قالت:والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل. صورة
رائعة لأنفة وعزة المرأة، عائشة “ض” حتى ولو كان ذلك مع الرسول ص. لم تتخل عن كبريائها، وعجبها، وتعاظمها، حتى وهي
تخاطب والدتها ومن خلالها الرسول ص .وقد واجهته قبل ذلك-بحضور والديها قائلة وهي
الفتاة الحديثة السن:(إني والله لقد علمت بما سمعتم ،واستقر في أنفسكم وصدقتم به،ولئن قلت لكم إني بريئة-والله
يعلم أني بريئة، لاتصدقوني ،ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة لتُصَدٌِقُني،والله ما أجد لكم إلاقول
يعقوب:(فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون). لم تجزع الفتاة،ولاارتجفت فرائصها ،ولا انهارت شخصيتها الفولاذية .
آمنت أنها على حق، فوقفت شامخة أمام الأعاصير الخطيرة،سامقة في وجه الأقاويل المغرضة. سكاكين الحقد، والحسد، وبقايا الجاهلية المقيتة، والكفر اللعين،مازالت سارية في عروق البعض.الشك والريبة والظنون تساور بعض المقربين
إليها،حتى أن الرسول ص خاطبها قائلا:(إن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ،فإن العبد إذا اعترف بذنبه
ثم تاب إلى الله، تاب الله عليه ).ما يدل على أنفتها وكبريائها واعتدادها بنفسها كذلك أنها كانت حينما تكون في حالة غضب عليه ص تقول:لا ورب إبراهيم، وحينما تكون راضية عنه تقول لا ورب محمد.
شدتني- وأنا ألامس شخصية هذه العظيمة-مكانتها العلمية والفقهية والأدبية المشهود لها بها وهي الفتاة الصغيرة
السن. كانت. ض تخالف كبار الصحابة الكرام في آراء معينة، فيقنعون بوجاهة رأيها وصواب ماتذهب إليه،صححت مرويات الكثير منهم، كما كانت ناقدة كبيرة لشعر بعض الشعراء، وكانت كذلك، قبلة كل صحابي أشكل عليه حديثا للرسول الكريم،حتى أن معاوية ض وغيره كثير قال عنها:(والله مارأيت خطيبا قط أفصح وأفطن من عائشة )،وكيف لا وهي التي استقلت بالفتوى زمن الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل، وهي التي توصف كذلك بأنها كانت أفقه، وأعلم،الناس وأحسنهم رأيا .وأكثرهم دراية بأيام العرب،وخبرة في الطب.
يعرف عنها كذلك قدرتها الخارقة على تطويع طباعها الشخصية من أجل القيام برسالتها النبيلة،ولا أدل على ذلك مما
كانت تقوله عن سيدنا علي كرم الله وجهه -مع أن علاقتهما شابتها شائبة بسبب حادثة الإفك-إن سئلت عن شيء:(اسئلوا عليا ).
قوة شخصيتها، ونظرتها الحداثية-إن جاز لنا وصفها بذلك-جعلتها لا تتحرج من أن تتحدث عن طبيعة المرأة فيها.وأن تتعدى علاقتها نساء المسلمين، إلى غيرهن، وخاصة نساء اليهود. لقد صاحبت بعضهن، وكن يدخلن عليها ، يحدثنها، وربما داوينها،ورقينها كما جاء في بعض المصادر.
شجاعة الحميراء “ض” خاصة في الغزوات التي كانت تصحب فيها الرسول الكريم خير دليل على قوتها ورباطة جأشها، ويكفي أن نشير إلى مشاركتها في غزوة الأحزاب، وقيامها بإسعاف الجرحى من الصحابة، ونقل المياه للمحاربين
أثناء المعارك،وكذلك الإشارة الى ماقامت به من قبل في غزوة أحد حيث كانت ض تسرع المشي إلى درجة الهرولة،
وهي تنقل القِراب على ظهرها، ثم تصب مياهها في أفواه المسلمين، وترجع وتقوم بنفس الشئ دون كلل أو ملل.
رحم الله أم المؤمنين سيدتنا عائشة وسلام عليها يوم ولدت و يوم ماتت ويوم تبعث حية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد