خبراء يحسمون الجدل القائم حول إستعمال السلاح الوظيفي

أثارت قضية الاعتداء على مواطن في مدينة الدار البيضاء بالسلاح الأبيض في الأيام القليلة الماضية ، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي ،خاصة وأن الاعتداء تم توثيقه بشريط فيديو تداوله نشطاء الموقع الأزرق على أوسع نطاق ، لحث السلطات على تكثيف البحث لإلقاء القبض على المعتدي الذي تسبب للضحية بجروح غائرة خاصة على مستوى الرأس ، و من هذا المنطلق دعا النشطاء رجال الأمن بالتحلي بالصرامة اللازمة في التعامل مع المعتدين و إطلاق الرصاص على المخالفين للقانون إن اقتضى الأمر طبقا للقوانين الجاري بها العمل ، فيما أقر آخرون أن استعمال السلاح الوظيفي لإيقاف المجرمين لا يمكن أن يساهم بشكل إيجابي في وقف هذه الاعتداء ات المتتالية بل سيخلق أزمة اجتماعية كبيرة.

و استقى ”المصدر ميديا ” تصريحات من بعض المواطنين الذين تعرضوا لاعتداءات بالسلاح الأبيض ، حيث أجمعوا أن رجال الأمن لا يتعاملون بالصرامة المطلوبة من أجل توقيف المجرمين ،معتبرين أنهم ”متساهلون إلى حد كبير ” خاصة مع أولئك الذين يبدون مقاومة شديدة للشرطة لحظة إلقاء القبض عليهم كما توضح مقاطع فيديو.

وفي هذا الإطار أوضح الأستاذ محمد أكضيض، خبير أمني في تصريح للمصدر ميديا أن الانتشار الواسع لظاهرة ”الكريساج ” ، خلق حالة من عدم الاحساس بالأمن ،و بالتالي هذا ما جعل فئة كبيرة من المواطنين يتشبثون بفكرة استعمال رجل الأمن لسلاحه الوظيفي لوقف أي اعتداء كيفما كان ، مضيفا أن مقاطع الفيديو التي وثقت لحالات عديدة من الاعتداء ات التي تعرض لها المواطنون خاصة في واضحة النهار، جعلت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يطالبون رجال الأمن باستعمال كل الوسائل الممكنة لوقف المعتدي و عدم التساهل معه بأي شكل ، لأن كل مواطن لديه الحق في التمتع بحياة آمنة ومستقرة.

و أكد الأستاذ أكضيض أن هؤلاء المجرمون فرضوا حالة من ”اللاقانون” خاصة في الأحياء الشعبية الفقيرة التي تعتبر منبعا رئيسيا لولادة المجرمين ، مضيفا أن الاعتداءات التي يقومون بها هي انعكاس لواقعهم المعاش وبالتالي فعامل الفقر هو المحرك الأساسي لها ، فظاهرة ”الكريساج” التي هي في انتشار مستمر تتطلب إيجاد حلول عملية لاستتباب الأمن و القضاء بشكل نهائي عليها لأن المعضلة ستظل قائمة في ظل عدم وجود منظومة قانونية ‘رادعة ‘ تعاقب المعتدي حسب نوع الجرم الذي ارتكبه، بل وإن العقوبة القانونية يجب أن تساهم في إعادة ادماجه في الحياة الاجتماعية على المدى المتوسط.

ومن جانبه أوضح عبد اللطيف كيداي أستاذ علم الاجتماع ،في تصريح لجريدتنا ”المصدر ميديا” أن استعمال السلاح الوظيفي يحدده الاطار القانوني في كل الدول والمغرب لا يشكل الاستثناء ، مضيفا أن حالات استعمال السلاح الوظيفي تختلف حسب اختلاف المعايير المحددة للجريمة المرتكبة.

و أكد الأستاذ كيداي أن القانون يخول استعمال السلاح الوظيفي في الحالات القصوى ، أي عندما يستعمل الجاني أسلحة تشكل خطورة على حياة الٱخرين ، و بالتالي فرجل الأمن يجد نفسه مضطرا لاستعمال سلاحه الوظيفي لإيقاف الجاني في حالة صعوبة التفاوض معه و دعوته للاستسلام.

و أشار الأستاذ كيداي أن النقاش الدائر في المجتمع حول موضوع ضرورة استعمال السلاح الوظيفي ، هو نقاش ”مغلوط ” ، لأن سبل معالجة الظاهرة لا يحددها من يؤيد استعمال السلاح الوظيفي أو من هو ضد ذلك ، و معايير الاحتكام لاستعمال المسدس الوظيفي هي معايير مضبوطة قانونيا ، وبالتالي لا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الاختلاف في الرأي الموجود، من أجل اتخاد قرارات عملية في ما يخص تطوير المنظومة القانونية لمواجهة الظاهرة الاجرامية.

واسترسل الأستاذ كيداي حديثه بالقول ،أن معاييير استعمال السلاح الوظيفي يجب أن تتطور خاصة في ظل تطور طبيعة المجرمين و كذلك الأسلحة المستعملة لارتكاب الجريمة بغرض احتواء ظاهرة ”الكريساج ” التي أصبحت في انتشار واسع داخل المجتمع ، وبالتالي فالمطلب الأساسي لرواد مواقع التواصل الاجتماعي الذي يجب التفاعل معه هو المطلب الأمني في حين أن استعمال السلاح الوظيفي تبقى الغاية منه حماية الشرطي أو الدركي و كذلك لحماية المواطنين.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد