مكالمة هاتفية

اعتليت صهوة افكاري ورحت أحوم حول أحلام بنات جيراني أسترق السمع احيانا والحس أخرى لأتسلل الى الفضاء الخاص بكل واحدة منهن…

في ذلك البيت الصغير المصبوغ بلون الفقر تعيش هناء، التي اعتزلت الجو العائلي حول شاي المساء الذي يصر والدها ان يكون آخر ما يوضع على الطاولة بعد لقمة العشاء التي مهما تفننت ام هناء في طبخها فهي تبقى وجبة فقراء: بيض، طماطم، زيتون، وبعض ما تبقى من طاجين الغداء.

لم تتجاوز الساعة التاسعة ليلا، إلا أن ليالي الشتاء تكون دائما طويلة، والتاسعة ليلا تعتبر وقتا متأخرا على كل حال. دخلت غرفتها التي عادة ما تتقاسمها مع الأختين الصغيرتين سلمى وحياة اللتان لحسن الحظ أو لسوئه، هذه الليلة قد ذهبتا للمبيت عند خالة تسكن قريبا من البيت. سوف تكون أكثر حرية للحديث اليه هذا المساء وقد تلبي له، إن اصر، بعض طلباته الغريبة.

في اول طلة على الهاتف بانت لها رسائله التي يسأل من خلالها أينك؟

اعتلت وجهها حمرة من الخجل ورفرف قلبها من الفرحة. سربت جسدها النحيل داخل الفراش و ردت عليه: أنا هنا انتهيت فقط اللحظة من العشاء.

– هل تستطيعين الحديث؟

– لا أفضل الكتابة.

– لِما؟ هل أختاك لم تناما بعد؟

– لا… ليستا معي هذه الليلة.

– وحدك في الغرفة؟

– نعم.

– إذا دعيني اراك، اشتقت اليك…

(مكالمة فيديو)…

رفضت هناء استقبال المكالمة

– اخاف…

– مماذا؟ اقفلي الغرفة بالمفتاح وتشجعي، فانا أموت شوقا لأراك.

وقفت هناء لمراقبة الباب، كان مغلقا

وردت على المكالمة عبر الفيديو… رأته ملقا على ظهره في السرير، عاري الصدر مستعدا للاغراء…

كانت هي غارقة في خجلها وضعفها ورغبتها في أن تعيش حكاية من حكايات الصديقات التي طالما سمعتهن يحكونها…

دخلت فصل الدراسة صباح الغد تحت وشوشات وضحكات الزميلات والزملاء…

تسرب الى سمعها:

شوهة…

ضحك عليها…

طمعها…

كاميرا…

عريانة…

استيقظت هناء وهي تتصبب عرقا، التفتت يمينا وشمالا تتجسس نبض المكان الذي تنام فيه. كانت هي في سريرها وعلى بعد خطوات منها سرير اختيها وهما تغضان في النوم رغم أشعة الضوء التي تسربت من النافذة معلنة أن وقت المدرسة قد حل وانها يجب ان تحضر نفسها واختيها للذهاب اليها.

دخلت قسمها وهي تجر خطواتها جرا وتفاصيل الحلم لا تزال تسكنها.

لم يكن إلا كابوسا إذا… الحمد لله

إلا أنه يملك من الحقيقة بعضا، فالشبح الذي يلهت وراء صورها والتواصل معها ليلا متواجد وحقيقي وهو يتربص كل ليلة كالذئب الجائع المتلهف للجسد والعراء والإغراء…

فهل ياترى هذا كان مجرد اشعار من السماء ينجد عفتها ويحفظ صباها من التشتت وسمعتها من الانفلات…

قررت ان تحكي قصتها لصديقاتها وأختيها على انها حقيقة حصلت في احدى المدن المجاورة لصديقة لها هناك، علهن يستوعبن خطورة الاستهتار والتساهل …

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد