محمد الأعرج قانوني يضبط توازن كفتي الثقافة والاتصال

بقلم : محمد لعبيدي

هو القادم من حقل قانوني بحث، امتطى صهوة جواد السياسة، في وقت مبكر، خاض رحلة طويلة داخل جغرافيا سياسية تتسم بالصعوبة والوعورة، وبالرغم من ذلك لم تثني مصاعبها ومتاريسها العديدة، عزمه في بلوغ أعلى المراتب، واحتلال أعلى الرتب.

لم يكن تقلده لمسؤولية إدارة قطاعين، يشكلان أهمية قصوى داخل القطاعات الحكومية، بالأمر الهين أو السهل، خصوصا وأن القطاعين معاً، يجسدان حقلاً ملغما، مليء بمكائد كثيرة.
الثقافة العصب المحوري للمجتمع، وأي مجتمع، المجتمع المغربي، الذي أنجب جهابذة الفكر والثقافة، مفكرين ذاع صيتهم من المحيط الى المحيط، وفنانين ومسرحيين وأدباء وغيرهم، ممن يشكلون ركنا لا محيض عنه، لإقامة ثقافة متراصة البناء سويّة التناسق.

الاتصال القطاع الذي لا يمكن وضع اليد عليه، دون أن تتحسس حرارته، فما بالك، وضعين اليدين معاً، لضبط حرارته، بما يساير المغرب الجديد، مغرب الحريات، ومنصات التواصل الاجتماعي، مغرب الصحافة المواطنة أو البديلة.

الثقافة عش الدبابير:

الثقافة ذلك القطاع الشاسع العريض، الذي يمس مختلف مناحي الحياة للمواطن، لدى نجده في أدق تفاصيل المجتمع، إن لم تكن الثقافة هي ذلك التعبير الشمولي عن المجتمع، وما يعتمل داخل دواليبه من تفاعلات اجتماعية واقتصادية ونفسية…

رهان تنظيف البيت الثقافي من تمظهرات ريعية، تلك كانت أولى المهمات الصعبة، التي خاضها الوزير الأعرج، وذلك بمقننة قنوات الاستفادة من دعم الدولة في هذا الصدد، وايقاف نزيف ميزانية الثقافة في هذا الشأن، وهو الرهان الذي لم يكنْ سهلاً بالمرة.

إعادة الاعتبار لشأن التراثي والمواقع الأثرية، وحفظ الذاكرة الجماعية للمغاربة، لم تخرج عن دائرة اهتمامات الوزير الأعرج، وهو الامر الذي خصصت له اعتمادات مهمة، لأن الذي لا يملك الماضي لا يمكنه أن يملك المستقبل، ولا أسوء ما يكون أمة لا تاريخ لها، ولحسن الحظ فالمغرب امبراطورية ضاربة في القدم، لها تاريخ مجيد وعريق، وجزء من ثقافة يكمن في صون هذا التاريخ لنقله لباقي الأجيال اللاحقة.

الجهوية الموسعة في صلب اهتمامات وزارة الثقافة، عبر حضور قوي ولافت للوزارة في أنشطة عديدة، تعدت في حصيلتها السنوية ما يفوق ستة آلاف نشاط، وهو العمل الذي يشكل سابقة في الحقل الثقافي للبلاد، اذ أن حضور الوزارة لا يقتصر على دائرة المركز الضيقة.

اعادة إحياء المنشورات الثقافية والمجلات الثقافية الوطنية، ودلك بغية توفير مساحة أوفر لنخبة المثقفة من أجل التعبير عما يعتريها من قلق فكري اتجاه منظومتنا المجتمعية.

القطاع الثقافي عرف على العموم خلال ولاية الوزير الحالي طفرة نوعية، تجسدت في ما أسلفت ذكره، وما لم آتي على ذكره كثير، غير أنه وبالرغم من المجهودات المبذولة في هذا الصدد فإن القطاع الثقافي للبلاد في حاجة الى جهود إضافية من أجل النهوض به، ولو أن ما قام به الوزير الأعرج منذ توليه مسؤولية إدارة هذا القطاع، يجسد بناء أسس متينة وقوية من أجل بناء قطاع ثقافي قوي، يتصدى لمختلف أشكال التهديد الثقافي التي تلاحق مجتمعنا، وتتربص به من كل جانب.

قطاع الاتصال مرآة المجتمع:

الاعلام بمختلف أشكاله وأجناسه، يعتبر من بين القطاعات شديدة الحساسية، لأن دوره يتمثل في تسليط الضوء على مساحات الظل في مختلف القطاعات ومختلف مناحي حياة الأفراد.

لذلك تبدو مسؤولية إدارة قطاع له علاقة مباشرة ووطيدة بمختلف مهني القطاع من صحافيين وإذاعات وقنوات وناشرين، مسؤولية جسيمة، لأنه قطاع مفتوح على فضاء عالمي، وقطاع معقد بالنظر الى تطور وسائل التكنولوجية الحديثة والرقمية.

وبالرغم من ذلك، فإن اخراج المجلس الوطني للصحافة والإعلام الى الوجود، وهو الإطار القانوني، الذي يسمح لمهني القطاع بإدارة شؤونهم بشكل مستقل في حياد تام عن سلطة الحكومة، وهو الأمر الذي يعبر عن ورش كبير، يدخل في مضمار بناء صحافة مستقلة قوية، تقوم بأدوارها الطلائعية داخل المجتمع دون تقييد أو وصاية.

بحيث أنه واعتبارا من العام القادم، فإن المجلس المذكور هو الذي سيشرف على عملية توزيع بطائق الصحفيين المهنيين.

تقنين الصحافة الالكترونية، والتي مع التطور التكنولوجي، فتحت الباب على مصراعيه ونحو المجهول، وإعادة تقويم هذا الشق، الذي بات يقض مضجع الجميع في الأونة الاخيرة، لم يكن بالأمر السهل.
تنزيل مدونة الصحافة والنشر، انجاز يحسب للوزير الأعرج، الذي أخرج قطاع الاتصال من تحت جبة السلطة التنفيذية ووصايتها، وعبر به الى منطقة الامان.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد