وعقدنا العزم أن يحيا المغرب

“كل الناس أستطيع أن أرضه، إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها”
من أقوال “معاوية بن أبي سفيان”

في أواخر شهر أكتوبر من العام 2021 قرر الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” قطع إمدادات الغاز عن المملكة الشريفة عبر غلق الأنبوب الذي يزود إسبانيا والبرتغال بالغاز الطبيعي، والذي كان يستفيد منه المغرب كذلك في إطار اتفاقية بين البلدين.

فما الذي تغيير بعد ما يقرب من السنة والنصف من إصدار هذا القرار ؟

كان الهدف من هذا القرار زعزعة استقرار بلادنا، وتخويف إسبانيا ومن ورائها اوروبا من إتخاذ مواقف إيجابية من القضايا الحيوية للمغرب.

والحقيقة أن الذي حدث هو العكس تماما.

فبالرجوع لتاريخ العلاقات الاقتصادية الجزائرية – الإسبانية، وخصوصا فيما يتعلق بمسألة الإمداد بالغاز الطبيعي، ففي مطلع هذا القرن اي منذ ما يقرب من 23 سنة كانت إسبانيا تعتمد على الغاز الجزائري بما يقرب من ستين في المئة من حاجياتها، وبعد قطع الأنبوب الذي يمر عبر تراب المغرب تقريبا أواخر سنة 2021 تقلصت هذه النسبة إلى حدود 45 في المئة، حتى وصلت منذ شهور قليلة إلى مستوى 23 في المئة.

فما الذي حدث ؟!

الأوروبيون والغرب بصفة عامة، لا يقبلون العبث فيما يخص المسائل الاقتصادية الحيوية التي تخص بلدانهم، ولا يحبون المزاجية في اتخاذ القرارات من طرف شركائهم الاقتصاديين، والدليل أنهم تقريبا استغنوا عن أكبر مورد للغاز لأوروبا، وهنا بطبيعة الحال نتحدث عن المارد الروسي، وفقط عندما أحسوا أن الروس قد يستغلون مسألة الإمداد بالغاز كوسيلة لابتزاز وضغط سياسي، قرروا الاستغناء عنه تماما.

وإسبانيا حدث معها نفس الشيء، فلقد رأت أن قطع الجزائر لأنبوب الغاز الذي يمر عبر التراب المغربي نوع من العبث، وبدأت تشك في أن الجزائر ممكن أن يعتمد عليه كشريك اقتصادي رصين ومحترم، فقررت تعويض نسبة كبيرة من الغاز الجزائري بغاز من بلدان أخرى.

وهنا أيضا تدخلت أمريكا التي استغلت وبذكاء نقص بعد النظر والتبصر عند حكام الجارة الشرقية، وبدأوا في تصدير الغاز وبكثافة لاسبانيا بحيث في زمن قياسي ارتفعت امداداتهم للإسبان من 16 في المئة إلى حدود 35 في المئة.

أليست ضربة معلم على رأي اخواننا المصريين؟

والنتيجة الآن، ان اسبانيا استفادت من شريك تجاري موثوق، هو أمريكا، وخسرت ماديا مداخيل طائلة، ومعنويا فقدت تاثيرها داخل أروقة القرار السياسي الإسباني الذي أعلنها صراحة، أن لا شيء هنا قد يغيير موقفها الإيجابي من المملكة المغربية ومصالحها الاستراتيجية، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى، مسألة وحدتنا الترابية.

أما على مستوى المغرب، فكما جرت العادة استوعب الصدمة الأولى التي خلفها قرار قطع أنبوب الغاز بكل ذكاء وعقلانية، ودبر الأمر بطريقة لم تؤثر على قراراته ومخططاته الاستراتيجية، بل بالعكس حقق منجزات دبلوماسية غير مسبوقة في قضية الصحراء المغربية، ومستمر كذلك في نهجه في تطوير البلاد وتجاوز المعيقات الاقتصادية التي خلفتها الازمات العالمية الأخيرة في أفق تحقيق تنمية تليق بمكانته الإقليمية والدولية، تحت شعار
وعقدنا العزم أن يحيا المغرب رغم كيد الكائدين.

بقلم: حجيبة ماءالعينين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد