مفتاح في المؤتمر ال 10 للفدرالية.. تابعنا مسلسل سرياليا لتجديد هياكل المجلس الوطني لصحافة .. اليوم اصبح كلمة التفاهة هي العليا واصلا تجاريا لدى البعض

أكد نور الذين مفتاح في كلمته الافتتاحية خلال المؤتمر العاشر لفدرالية الناشرين اليوم الجمعة 14 يوليوز بالدار البيضاء، أن الصحافة الوطنية ما تزال تجتر آثار أزمة الجائحة، مما عمق هشاشة النموذج الاقتصادي للمنشآت الصحافية وأثر على الأوضاع الاجتماعية للعاملين بها، وهذا انعكس على الأداء المهني لهذه الصحافة بصفة عامة، ورفع أسهم التحلل من المبادئ الأخلاقية، وزاد الهوة بين الإعلام الوطني والمجتمع، وانضاف إلى هذه اللوحة القاتمة التشرذم التنظيمي الذي عرفه القطاع مما يجعلنا اليوم أمام آفاق تكاد تكون مسدودة.

وأضاف مفتاح ” لقد عملت الفيدرالية المغربية لناشري منذ 21 سنة، وعلى عهد أربعة رؤساء، على أن تكون شريكا جدياً في مجهود إصلاح قطاع حساس يتجاوز دوره الاقتصادي ليكون جزءا لا يتجزأ من البناء الديموقراطي في بلادنا، وجعلت من النضال من أجل حرية الصحافة زاوية ارتكاز لها، واعتبرت أن المنشأة الصحافية ليست مؤسسة تجارية للربح، ولكنها خدمة عمومية يقوم بها الخواص، وظلت الفيدرالية قوة اقتراحية وازنة، ووقعت على العقد البرنامج الأول مع السلطات العمومية سنة 2005 وعلى الاتفاقية الجماعية التي ما تزال سارية المفعول إلى الآن، وخاضت مفاوضات ماراطونية طيلة سنوات من أجل إخراج منظومة قانونية ضامنة للحرية وموازنة لها بمسؤولية مجتمعية، ومنظمة لمهنة حساسة هي مرآة لحرية التعبير، ويجب أن تكون مفتوحة من جهة، وهي أداة للرقابة والإخبار يجب أن يحمل مشعلها المؤهلون لذلك حتى لا تصبح مهنة لا مهنة له”.

وتابع رئيس الفدرالية ” لقد كانت للمحطات المشرقة لهذا التنظيم المهني المسؤول بصمات لا ينكرها إلا جاحد، وهي موجودة في الدستور وفي مدونة الصحافة وفي العقد البرنامج والاتفاقية الجماعية وفي منظومة الدعم العمومي وفي مؤسسة التنظيم الذاتي، إلا أن حرارة الجائحة التي ضربت في بداية سنة 2020، والقرار المؤسف للسلطات العمومية بوقف طبع الصحف لما يزيد عن 3 أشهر، جعل جزءا من زملائنا يفضلون تأسيس تنظيم ثان، وقد كان هذا جوابا على الأزمة لم يزد إلا من تعميقها على الرغم من أن التعددية حق وخيار للمملكة المغربية منذ استقلالها”.

وكشف مفتاح عن انشغال الفدرالية منذ جمعها العام الاستثنائي في 3 يوليوز 2020، وعدم ترددها في التعبير عن انشغالها بآثار التشرذم على أوضاع مهنة تحتضر، وجعلت من اليد الممدودة للزملاء والشركاء خطا استراتيجيا في عملها، وظلت شريكة في الحلول الاستثنائية للأزمة رغم تحفظاتها على معاييرها في ما يتعلق بصيغة دفع الحكومة لأجور الصحافيين والعاملين بالمؤسسات الصحافية بشكل مباشر، وشاركت في اللقاءات التشاورية التي نظمتها السلطات العمومية المكلفة بالقطاع أو التي نظمها البرلمان ولكن، سارت الأمور في النهاية في نفس الاتجاه الذي انطلق مع الانشقاق التنظيمي، وتواصلت عملية إنتاج الأجوبة الخاطئة على الأسئلة الحارقة.

في سياق آخر، عبر مفتاح عن ما شاب تجديد هياكل المجلس الزطني للصحافة من تماطل قائلا ” وهكذا تحول تدبير استحقاق عادي لتجديد هياكل المجلس الوطني للصحافة بإجراء انتخابات في موعدها إلى مسلسل سوريالي، بحيث تم التمديد في البداية لهذا المجلس لمدة ستة أشهر بدعوى إعطائه الوقت لتنظيم انتخاباته، وفي نهاية هذا الموعد، تم ابتداع مشروع لجنة مؤقتة لتسيير شؤون الصحافة أعطيت لها جميع صلاحيات المجلس المنتهية ولايته، زائد مهام إيجاد تصور جديد للقطاع والإشراف على الانتخابات بعد انصرام سنتين كاملتين، مع التخلي عن كل أعضاء المجلس باستثناء المنتمين لتنظيمين معينين هما اللذان كانا مع هذه التخريجة التي أجمع الرأي العام المهني والخبراء النزيهون على عدم دستوريتها ولا قانونيتها “. مضيفا في ذات السياق ” وتعمق هذا المنحى الإقصائي برعاية اتفاق اجتماعي بين طرفين ومحاولة فرضه على الجميع رغم أن مضمونه معيب وشكله يضرب لأول مرّة منذ عشرين عاما المقاربة التشاركية التي ظلت راسخة بين الشركاء في هذا الملف. وهذه المقاربة زادت من الصدامات، وعمقت الجراح، وأججت نار الفرقة، مما جعل موضوع المهنة يزيغ إلى الهوامش التنظيمية والتنابزية، ويترك الأهم وهو الصحافة كصحافة وكوظيفة لتلبية حق المواطن في إعلام مستقل ونزيه وحر ومسؤول “.

كما عبر عن تنديد الفدرالية وشركاؤها الدائم في القيم المهنية الصادقة قائلا ” بهذا الانجراف نحو هاوية تبدو للبعض أنها الخلاص، ولكنها كانت اختيارات مُرّة لم يخفف من وطأتها إلا رد الفعل المجتمعي الواسع الرافض لما اعتبره ضد مطامحه المشروعة في التدبير الديموقراطي لقطاع هو جزء من مقياس نبض الديموقراطية.إننا بهكذا اختيارات، واصلنا جر الأزمة من أرجلها، وها هي كلمة التفاهة هي العليا، بل أصبح خرق أخلاقيات المهنة بشكل فاضح لدى البعض أصل تجاري، وانهار قطاع التوزيع أو يكاد، وانهارت مبيعات الصحف لتتجاوز 70٪ من التراجع، وفقدت الصحافة لصالح قنوات أخرى ثلثي رقم معاملاتها من الإعلانات التجارية، والأخطر هو أن جسر الثقة زاد تصدعا بين الصحافة ومجتمع لم يعد يرى منها إلا الصراع حول الدعم، والأنانيات وصرف الجهد في البديهيات والتخلي عن الأدوار الحقيقية لحملة هذه الرسالة، وعلى رأسها النقد والمساءلة والرقابة على مدبري الشأن العام ”.

وفي ختام كلمته عبر مفتاح عن تفاؤل كل اعضاء الفدرالية ” ورغم كل هذا، وطيلة عشرين عاما، لم يكن في قاموس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف مكان لكلمة يأس، وهذا دأبها لحد الآن، فالنضال من أجل صحافة جادة وحرّة ليس طريقا مفروشا بالورود، بل إنه التزام وتضحية في رحاب الأمل. وقد عاشت الفيدرالية بعد مؤتمرها الاستثنائي لسنة 2020 أقوى فتراتها التنظيمية، ونزلت برسالتها إلى الجهات العزيزة، فتجاوبت مع توجهها الأغلبية الساحقة من الناشرين والناشرات في كل الجهات، من الداخلة وادي الذهب إلى العيون الساقية الحمراء إلى كلميم واد نون إلى سوس ماسة إلى مراكش آسفي إلى فاس مكناس إلى جهة الشرق إلى طنجة تطوان الحسيمة إلى بني ملال خنيفرة إلى درعة تافيلالت، وإلى أقاليم القنيطرة سيدي سليمان وسيدي قاسم، وهذا هو العزاء الأكبر في هذا الدمار الذي يحيط بمهنتنا من كل جانب”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد