في كل المباريات التي خاضها المنتخب الوطني لكرة القدم تحت قيادة المدرب الفرنسي هيرفي رونار ، اتضح جليا أن الاختلال الحقيقي الذي يعاني منه المنتخب مرتكز في خط الوسط، خاصة في ظل تراجع المستوى الفني للاعبين المحترفين في أوروبا والذين كان يعتمد عليهم الفريق الوطني في السنوات الأخيرة كيونس بلهندة ومنير عبادي و كريم الأحمدي لتنشيىط خط الوسط .
وحتى مع اعطاء فرصة للاعبين المحترفين الجدد الذين أبانو عن مستويات عالية بنواديهم، لم يتمكن هيرفي رونارد من حل ”عقدة” وسط الميدان، الذي يعتبر المفتاح الحقيقي لتحقيق الانتصارات، خاصة و أن المنتخب الوطني مقبل على مواجهة منتخبات إفريقية قوية في بطولة أمم إفريقا التي ستقام بعد شهر من الان، بالإضافة إلى التصفيات المؤهلة لكأس العالم “روسيا 2018″، و التي حقق خلالها المنتخب تعادلين بطعم الخسارة، سيعقدان من مهمته في باقي المباريات التي ستكون حاسمة لتحقيق التأهل.
غياب لاعب خط وسط محوري و تراجع المنسوب البدني، يشكلان مركب نقص للمنتخب
رغم التغييرات التي أحدثها هيرفي رونارد بعد توليه قيادة الأسود ، إلا أن المستوى الفني والتكتيكي للمجموعة لم يتحسن، حيث إن التلاحم المطلوب بين الخطوط الثلاث لم ينعكس على رقعة الميدان ،في ظل غياب لاعب محوري في خط الوسط قادر على الربط بين الخطوط و تأدية مهامه الدفاعية أو الهجومية حسب الخطة التكتيكية الموضوعة ، بالإضافة إلى أن تراجع المنسوب البدني لازال لعنة ملتسقة بأرجل اللاعبين و الذي يؤثر بشكل سلبي على المردود العام للمباريات التي لعبها الفريق الوطني ،خصوصا و أن مستوى المنتخبات الافريقية تطور بشكل كبير في السنوات الأخيرة حيث إن اللاعبين المغاربة ملزمون بتطوير مهاراتهم البدنية خاصة في المبارايات التي تلعب خارج الديار ،والتي تتطلب بدل مجهودات بدنية مضاعفة للوقف أمام تحركات لاعبي المنتخبات الافريقية الذين يمتازون بالسرعة و القوة البدنية و الفعالية الهجومية .
التشكيلة القارة للأسود
كثرة التغييرات من المشاكل الأساسية التي تؤثر على الأداء العام للمجموعة ، حيث إن السر وراء نجاح المنتخبات العالمية في بلوغ منصات التتويج وتحقيق الألقاب يكمن في قوة التلاحم و التجانس بين اللاعبين، وهذا الأمر يساهم في تحقيقه المدرب وحده، و هي المسؤولية الأساسية الملقاة على عاتقه, حيث إنه مطالب بتشكيل منتخب قوي وقار عن طريق الحفاظ على الثوابث الأساسية ، و التي لا يتم تغييرها إلا في حالة الاصابة أو الطرد أو تراجع المستوى ، و هذا المعطى لم يفطن له هيرفي رونار الذي لم يستقر بعد على تشكيلة قارة خاصة وأن موعد الاستحقاقات القارية الكبرى على الأبواب ، وهذا ما يفسر تدبدب المستوى الفني للمنتخب في المباريات الرسمية الأخيرة التي خاضها، خاصة مباراة الكوتديفوار التي ظهر فيها ”محتشما” حيث لم يتمكن من خلق فرص حقيقية للتسجيل، خاصة وأن المنتخب المنافس ناقش أطوار اللقاء في ظل غياب أبرز لاعبيه و نجومه ، وبالتالي ظهر اللاعبون المغاربة بمستوى ضعيف وفقدوا السيطرة على خط الوسط بسبب التراجع البدني الذي ساهم في تعزيز العقم الهجومي، والذي تمثل في غياب مهاجم صريح قادر على ترجمة الفرص إلى أهداف يعوض ”المغضوب عليه ” يوسف العربي الذي كان يشكل الخيار الأمثل في الخط الأمامي .
حكيم زياش ” الدينامو” الجديد لخط وسط الأسود
أظهر لاعب أياكس أمستردام الهولندي عن مستوى فني جيد رفقة الأسود ، حيث تمكن من فرض وجوده داخل التشكيلة في ظرف وجيز و ساهم بشكل فعال بأسلوبه الفني المتميز و مهاراته الفردية في تعزيز خط وسط الهجومي للمنتخب ،حيث كان ظهوره بارزا في مبارتي الكوتديفوار و غينيا الوديتين تحت قيادة بادو الزاكي ، من خلالهما أبان اللاعب عن روح قتالية كبيرة و ساهم بتمريراته الحاسمة في تنشيط الخط الهجومي ، لكن رغم كل ما قدمه زياش في عهد الزاكي إلا أنه لم يفلح في إقناع المدرب الجديد هيرفي رونارد الذي لم يعتمد عليه بشكل كبير خلال المباريات التي خاضها و فضل الاحتفاض به في دكة البدلاء خاصة في غياب لاعب خط وسط يتقن الأدوار الهجومية بمستوى زياش ، حيث أرجح المدرب الفرنسي اختياره هذا بكون اللاعب لازال مستواه مهزوزا بسبب الاصابات المتوالية مع فريقه الأياكس .
غياب زياش عن مباراة الكوتديفوار في إطار التصفيات المؤهلة لكأس العالم روسيا 2018 ، ترك فراغا مهولا على مستوى خط الوسط كما افتقد الأسود كذلك كريم الأحمدي الذي غيبته الاصابة ما أثر بشكل كبير على أداء المجموعة ، و بالعودة إلى زياش تناقلت وسائل اعلام وطنية أن غيابه كان سببه خلافه مع المدرب و بالتالي قرر عدم الالتحاق بالمعسكر الاعدادي بسبب إصابته ، قبل أن يعبر اللاعب في تصريح لوسائل الاعلام الهولندية عن غضبه الشديد جراء الشائعات التي راجت حول غيابه ، حيث أوضح لموقع “أجاكس لايف” الهولندي أنه كان مصابا في ركبته والتقارير الطبية موجودة و تثبت ذلك.
وأضاف نجم أياكس أمستردام، أن ما راج بشأن ندمه على اختيار المنتخب المغربي، كلام غير صحيح بتاتا و سيثبت للجميع أنه سيدافع عن قميص الأسود، وتعهد اللاعب المغربي بأنه سيكون حاضرا مستقبلا مع الأسود وسيسعى رفقة زملائه في المنتخب إلى تحقيق الانتصارات و ادخال الفرحة إلى قلوب الجماهير المغربية.
ويبدو أن عودة زياش إلى صفوف المنتخب سيشكل قوة ضاربة لخط الوسط خاصة وأنه استعاد بريقه مع فريق أياكس في الأسابيع الأخيرة، وبالتالي على رونارد التفكير بجدية في وضع الثقة في هذا اللاعب الواعد الذي يمتلك امكانيات فنية عالية يمكن أن تجعل منه صانع ألعاب من طينة الكبار .
“كان 2017 ” المحك الحقيقي للجيل الجديد من اللاعبين
تغيرت تشكيلة المنتخب المغربي بنسبة 90 في المائة مند كأس افريقيا الأخيرة سنة 2013 ، أربع سنوات كانت كافية أمام الجامعة لاستقطاب لاعبين شباب وموهوبين لضخ دماء جديدة في المنتخب، و أيضا تماشيا مع الأهداف التي سطرها المكتب التنفيدي الجديد بقيادة فوزي القجع ، لكن التغيير الذي أحدث على مستوى التشكيلة في ظل تغيير المدربين وغياب التوازن بين اللاعبين المحترفين و المحليين لم يؤتي أكله ،حيث لا زالت العشوائية في تدبير الاختيارات الفنية موجودة على مستوى الادارة الفنية للمنتخب و بالتالي فالجمهور المغربي لم يلمس على أرض الواقع منتخبا قويا متراص الصفوف قادر على تحقيق الألقاب بحيث إن التتويج القاري يبقى المطلب الأساسي للجماهير المغربية التي عانت لسنوات طويلة من الانتكاسات وخيبات الأمل ، و هي لازالت تمني النفس في أن يظهر المنتخب الوطني بهذا الجيل الجديد و الواعد بقوة في بطولة أمم افريقيا التي ستقام في الغابون و يعيد إحياء أمجاد الماضي وإن كانت محسوبة على رؤوس الأصابع.