عبد المجيد الهواس: مسرحية جرعة زائدة تعرية ساخرة لواقعنا العربي والجمهور لا يحتاج للخطب العصماء والوصايا
يلتقي الجمهور العاشق لأب الفنون بالرباط في الأيام القادمة، مع مسرحية “جرعة زائدة” لمخرجها عبد المجيد الهواس، وهي دراماتورجيا ركحية مستلهمة من مسرحية “سند وباد” لكاتبها عبد الحفيظ المديوني، والذي يؤسس نصه على فكرة أن السندباد وهو يستعد لإحدى رحلاته، التفت إلى جانبه ليكتشف شبيها له اسمه سندباد هو الآخر. سيتنازعان على الإسم وينتهيان باقتسامه لفض الخصام.
وقال عبد المجيد الهواس، في تصريحه لـ “المصدر ميديا”، أن مسرحية “جرعة زائدة” من إنجاز فرقة “فوانيس المسرحية” هي تجديد داخل موضوعات كاتب مسرحية “سند وباد” بإنتاج نص ثان، “يراهن على التعرية الساخرة لواقعنا العربي الحالي، وتفاهته، وصغر عقول ساسته، وانحطاط أممهم بإذلالها وتجويعها إن لم أقل خصيها من أدنى ذرة فكر، فهي هي جرعة زائدة من الهمجية ومن صناعة الدمار، جرعة زائدة من الخنوع، وجرعة زائدة من التطرف، وجرعة زائدة من المرارة والسأم”.
وأضاف الهواس أن العرض المسرحي “يتشكل من خيارات جمالية وفنية عديدة، تلتف حول الموضوع لتشكل فرجة وسائطية بامتياز، فالسينوغرافيا الملهمة التي أبدعها عبد الحميد آيت عبو، والزي الذي شكلته عيدة المباركي خلق شخصيات فنتازية مثيرة، ووسيط الفيديو والمؤثرات الصوتية التي ترقى لأن تتحول إلى مشاهد، فتصير موضوعات في حد ذاتها، تكثف المعنى وتقويه”، موضحا أن “تلك إحدى خاصيات الدراماتورجيا الركحية أن تولف وتؤلف نصوص تتجاوز المنطوق لتحتفي بالمرئي والمسموع، إذ أن المطوق في حد ذاته يعجز عن رسم الفجيعة حين الصورة تقوى على ذلك مثلما تفعله الصرخة، وهي تجربة تحتفي بالموسيقى أيضا لتجعل منها نبضا للعرض، وهو الشيء الذي يجعل من العمل عرضا فرجويا بامتياز، نضع فيه المتلقي في مواجهة مرآته، إن لم أقل، في مواجهة مرآته الدفينة، “ذاته”.
وعن علاقة الجمهور المغربي بالمسرح، أكد الهواس أن المتلقي الآن -وعبر تجارب عديدة في المغرب- “لم يعد في حاجة إلى الخطب العصماء والوصايا، وتقديم النصيحة، والإسفاف في الكلام والإطناب والتهريج، حيث صار بمقدور الجمهور الآن أن يحظى بأعمال فنية راقية ومتقنة، أو تسعى بوعي لأن تكون كذلك، لا تقزم المتلقي أو تهمشه حين تدعوه للتجربة الفرجوية الحية وللخيال، وذلك عبر طبيعة الموضوعات المتجددة، التي تنتمي لواقع التجربة الإنسانية، وأساليب وتقنيات لا شح فيها، ورؤى جمالية تتوضح تجربة بعد تجربة دون أن تسقط في النمط”.
وأشار مخرج مسرحية جرعة زائدة إلى أن طبيعة هذه التجارب حاليا، والتي لا تستخف بجمهورها، هو الذي “يعيد الروح لما قدمه المجتهدون السابقون من تجارب مضيئة، كان أساسها الإبداعية الخلاقة، والوعي الفني والإنساني، والمستوى الفكري أساسا، تلك التجارب التي تجاوزت النقل والإجترار واستنساخ الأشكال التي ورثنا إياها الإستمعار بعقلية البورجوازية الفرنسية في القرن الثامن عشر، وهي فعلا العقلية التي أساءت للجمهور حتى انفض عنها، ذائقة الجمهور ترقى بالرقي.