تضطلع مؤسسة دار الصانع، منذ تأسيسها، بدور حيوي لتثمين والحفاظ على التراث الحرفي المغربي، وكذا المساهمة في تسويق المنتجات اليدوية التقليدية،وحماية وتعزيز الصناعة التقليدية التي تمثل جزءا مهما من الهوية الوطنية المغربية.
وتمثل الدورة الخامسة عشر من معرض الفرس بالجديدة، الذي يعد من بين أهم التظاهرات التي تحتفي بالتراث المغربي، إلى جانب البعد الرياضي والفلكلوري، نافذة مفتوحة على التراث الوطني بما في ذلك الفنون والحرف التقليدية.
من هنا يأتي الدور البارز لدار الصانع، حيث تشارك في هذا المعرض كمنصة لتقديم الحرف اليدوية المغربية الأصيلة للجمهور المحلي والدولي، وتسليط الضوء على مهارات الحرفيين المغاربة التي تمتزج فيها المهارات الإبداعية بالتقاليد والأصيلة.
في كل دورة من دورات معرض الفرس بالجديدة، تؤكد دار الصانع مكانتها من خلال رواق يستقبل ورشات عمل ومعارض تفاعلية تتيح للزوار فرصة مشاهدة أعمال الحرفيين التقليديين عن كثب والتعرف على مراحل إعداد ومكونات هذه التحف الفنية، بحيث لا تهدف هذه المبادرات فقط إلى الترويج لهذه الصناعات بل تسعى إلى توعية الأجيال الصاعدة بأهمية وقيمة هذه الفنون وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ عليها.
وفي هذا الإطار، أكد السقاط هشام صانع السروج التقليدية، الذي يشارك للمرة الخامسة عشر على التوالي في فعاليات معرض الفرس للجديدة أن “حرفة صناعة السروج كانت تعاني من شبح الانقراض لكن بفضل دار الصانع ومعرض الفرس يتم إعادة إحيائها اليوم والحفاظ عليها”.
وتابع أن الجائزة التي ينظمها المعرض سنويا والخاصة بأفضل سرج ساهمت بشكل كبير في تحفيز الصناع على الإبداع والتنافس لإعادة إحياء هذا التراث العريق.
وأضاف أن هذا الحدث يخصص أيضا جائزة للشباب بهدف تحفيزهم للحفاظ على صناعة السروج وتطويرها مع المحافظة على طابعها التقليدي الأصيل الذي يبرز غنى وتنوع الثقافة والهوية المغربية بمختلف مكوناتها.
وسجل الصانع التقليدي أن مؤسسة دار الصانع تعمل،بدورها، على النهوض بالصناعة التقليدية وذلك من خلال توفير رواق يتيح للصانع التقليدي عرض إبداعاته من جهة ويمكن الزوار من الاطلاع عن قرب على ما تبدعه أنامل الصانع المغربي في مختلف الصناعات التقليدية.
وأضاف أن هذا الدعم يدفع الصناع التقليديين إلى العمل على تحسين جودة صناعة السروج والإبداع بطرق مستمدة من التراث المغربي الأصيل، مبرزا أن السرج على سبيل المثال، يضم حوالي 34 قطعة يشتغل عليها بين 14 إلى 17 صانعا تقليديا كل في تخصصه، من بينهم على الخصوص، النجار الذي يعمل على صناعة “العظم” في حين يعمل الحداد على “الركاب” وغيرهم ممن يساهمون في إبداع هذه التحفة التقليدية.
يشار إلى أن مؤسسة الدار الصانع، التي تأسست سنة 1957 ، تعمل تحت وصاية وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لتكون الجسر الرابط بين الحرفيين المحليين والأسواق الوطنية والدولية.
كما تساهم من خلال مشاركتها في مختلف المعارض والمناسبات الثقافية، بما في ذلك معرض الفرس، في تحسين ظروف عمل الحرفيين وتوسيع نطاق أسواقهم، علاوة على دعم الابتكار في الصناعة التقليدية من خلال تقديم تدريب مستمر للحرفيين حول أحدث التقنيات في التصميم والتسويق، دون المساس بأصالة المنترجات أو جودتها.
كما تتيح دار الصانع للحرفيين فرصة التواصل المباشر مع الزبناء، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، مما يساعد على تعزيز الروابط التجارية وزيادة فرص البيع. إضافة إلى قيامها بإجراء دراسات حول احتياجات الأسواق وتوجيه الحرفيين لتلبية هذه الاحتياجات بما يتماشى مع المعايير العالمية، مما يعزز القدرة التنافسية للصناعات التقليدية المغربية على الصعيد الدولي.