محمد الفزازي هو فقيه مغربي, من فقهاء أهل السنة والجماعة وينتسب إلى قبيلة منديسه. اعتقل على إثر تفجيرات الدار البيضاء 2003 وحكمت عليه المحكمة بالسجن 30 عاما، وحين اندلعت الاحتجاجات في المغرب عام 2011 نال الشيخ الفزازي عفوا ملكيا من قبل الملك محمد السادس. يصنف محمد الفزازي تارة ضمن السلفية الجهادية وتارة ضمن السلفية العلمية لكنه يصرح برفضه لهذه التصنيفات ويكتفي بأنه مسلم فقط، وللفيزازي استدراكات على عدد من مشايخ السلفية وأبرزهم الشيخ الألباني.
يفتح الداعية الإسلامي “محمد الفزازي” قلبه في حوار خاص مع ” المصدر ميديا” ليتكلم عن مساره :
في نظرك، من المسؤول عن الدفع بالشباب المهاجر إلى أوروبا لتبني الفكر المتطرف ؟
الجهل، عدم التصدي بالقوة لهذه الأفعال من قبل العلماء و طلاب العلم . كلنا مسؤولين إبتداءا من الوالدين و الأسرة و المناهج الدراسية، و الإعلام مسؤول بشكل مباشر، و كذلك المسجد المسؤول، رغم أن هناك مجهودات مبدولة من طرف الوعاظ والمسؤولين إلا أننا نحتاج للمزيد . ثم تفعيل ترسانة قانونية تعاقب كل من سولت له أن ينال من أمن الآمنين، إذن كلنا مسؤولين.
أين هو دور علماء الدين المغاربة المتشبعين بالتسامح و الإعتدال، في نشر هذه التعاليم بين مغاربة العالم ؟
العلماء كلهم متشبعون بالتسامح و لا أستثني منهم أحدا، ومن لا يشمله هذا الوصف لا يمكن أن يكون عالما، لأن الإسلام دين تسامح و هناك آيات عديدة تدل على التسامح و الإعتدال، لا يمكن أن يكون الشخص عالما و هو يحث على الكراهية و القتل بحجة الكفر أو الشرك، و كل العلماء سواء في المغرب أو خارجه يدعون للإعتدال و التسامح لأنها صفة لازمة بالعلماء، و إذا كان غير ذلك فسيتخلف على خط الإسلام .
مؤخرا شاهدناك في مجموعة من الخرجات الإعلامية توجه إنتقادات لاذعة لصديق الأمس “أبو حفص” ما سبب هذا الصراع ؟
نحن إطمأنت قلوبنا على مراجعة أفكارنا و مواقفنا ولكن لا لكي نراجع كتاب الله، أبو حفص مؤخرا بدأ يراجع محتوى كتاب الله، و بدأ يشكك في أعظم كتب الدين وهما صحيحي البخاري و مسلم، ومؤخرا نشرت أحد التدوينات التي نسبت إلي رغم أنني متفق معها في كل ما جاء فيها، و أن المسؤول عن الواقعة هي التربية والوالدين وغير ذلك، وأصبح يوجه إلي إنتقاذات، و كأننا في واد وهو في واد أخر، و نحن متشبثين بدين الوسطية والإعتدال ولله الحمد.
في السنوات الأخيرة شاهدناك تغير مجموعة من المواقف التي إعتبرها البعض صفقة مع الدولة ما رأيك في الموضوع ؟
(ساخرا) دولة إسرائيل أو دولة فرنسا أو دولة أمريكا أو دولة اليابان ؟
لا هي فقط تغيير مواقفنا تجاه المؤسسات تجاه الأحزاب السياسية وكذلك تجاه العباد .
واجهت مجموعة من الإنتقادات على خلفية الوقوف في وجه حراك الريف من خلال تدوينات عبر صفحتك في “الفيسبوك” ما تعليقك في الموضوع ؟
أنا أعيد للمرة الألف، أنا مع كل حركة إحتجاجية سلمية، بما يكفله القانون و الدستور، حيثما كانت و على هؤلاء المحتجين أن يأخدوا إذنا من الدولة لإقامة هذه الوقفات و هذه الإحتجاجات، هذا حقهم و أنا مع الحراك في الريف جملة و تفصيلا، من أجل مطالبهم الإقتصادية و الإجتماعية والثقافية فهذا لا يناقشهم فيه أحد.
بالنسبة لك محمد الفيزازي، حراك الريف هل هي “حركة إحتجاجية” أم “حركة إنفصالية” ؟
طبعا هي حركة إحتجاجية، لكن هناك من ركب على الحراك للوي عنقها لكي تصبح حركة انفصالية، ولاسيما من الأدرع الموجودة في أوروبا، وأصبحنا نسمع بالدعوة لتأسيس الجمهورية الريفية الوهمية، رفع الراية الريفية بين قوسين، وكأنه هذه الراية المغربية لم يناضل من أجلها رجال الريف، أصبحنا نسمع شعارات إنفصالية حقيقية، ك”عاش الريف”، ومنع الراية المغربية .
ولكن الأستاذ الفيزازي، هل هناك منع لرفع العلم المغربي ؟
هل رأيت راية واحدة في الحراك، أنا لست ضد الراية التي تعبر عن ثقافة الريف، و لكن أنا ضد أن ترفع الراية التي تعبر عن الجمهورية الريفية الوهمية، رفعت شعارات إنفصالية، مثلا عندما يقول الزفزافي بأن “الإستعمار الإسباني كان أرحم من الإستعمار العروبي” حلل و ناقش، هل المملكة المغربية إستعمارا لمنطقة الريف ؟ هل الإسبان كانو أرحم بالغازات و المواد الكيماوية .
فالحسيمة أحسن من مجموعة من المناطق، نعم هناك فساد لكن الفساد مجموعة في المناطق داخل المغرب، ويجب علينا جميعا محاربة هذا الويل .
وجلالة الملك قرر أن تكون مدينة الحسيمة منارة المتوسط، و خُصص لهذا المشروع ملايير الدراهم، ووقعت تعثرات و تجاوزات مما أثر سلبا على الساكنة التي خرجت للإحتجاجات، والحكومة كانت مسؤولة على كل ما وقع، وأقصد الحكومة السابقة .
هل كانت لتصريحات أفراد من الأغلبية الحكومية ونعث المحتجين بالإنفصال سببا في إحتقان الوضع بمنطقة الريف؟
نعم بالفعل ذلك كان خطأ فادح ، و لذلك تراجعت عليه بعد يوم واحد، كنا نرى سلمية رائعة و كنا نرى شباب يحمون مراكز الشرطة، و المرافق العامة في رقي منقطع النظير، وينظفون الشارع بعد إنتهاء المسيرات و الوقفات، و الشعارات لم تخرج عن المطالبة بالحقوق الإجتماعية و الثقافية و الإقتصادية، كانت شعارات “ضد الحكرة” ضد التهيش، و هذه مطالب معقولة و شرعية ولا يمكن أن توصف بالإنفصال، هذا الأخير هو فقط عند بعض الأشخاص الذين لديهم أدرع في الخارج، ربما لهم تمويل و لهم أجندة، وبعد ذلك أصبحنا نرى رشق رجال الأمن بالحجارة، الضرب و الضرب المضاد بين المحتجين و رجال الشرطة، و مازلت أذكر ذلك المنظر، رجال شرطة أخدو للمستعجلات، و أنا شخصيا لست ضد الحراك أبدا لكننا ضد كل نزعة إنفصالية، مثلا الطريقة التي خاطب بها الزفزافي جلالة الملك، “إذا كنت أمير المؤمنين فعليك كذا و كذا ” هو فعلا أمير المؤمنين واقعا و تاريخا و دينا لماذا هذا التشكيك؟ لماذا الطعن في المؤسسات الكبرى للدولة؟ ، وهذا الشيء هو الذي دفعني لإرسال رسالة للزفزافي لأذكره بما هو عليه و بما يصرح به، و الركوب على الموجة من أجل الحصول على الزعامة بدون كاريزما دون واقعية، فهذا لا يفيد في شيء، وأنت تعلم ما هي وضعية الزفزافي الآن، و أسئل الله عز و جل أن يفرج عنه و عن باقي السجناء لأنني جربت السجن و معاناة السجن وجربت الإعتقال و أعرف مرارة السجن بعيدا عن الحرية، و القضية الآن عند القضاء، و لا يمكنني أن أزايد على القضاء، و لكنني صادقا أود أن يخرج الزفزافي و رفاقه بتصريحات من داخل السجن يعربون فيها عن خطئهم، و عن إستعدادهم للمصالحة من شعبهم و دولتهم و ملكهم .
وكآخر سؤال … كلمتك للشعب المغربي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
أقول للمغاربة و للمسلمين في كل الدول الإسلامية، تقبل الله منا و منكم وأسأل الله أن يتقبل منا هذا العيد المبارك، وأنها مناسبة لصلة الأرحام و هي فرصة للتمسك بالأسرة و بالبلاد، واحدا موحدا، و أن نعتصم بديننا الحنيف، ثم بعد وحدتنا الترابية، ونعتصم بالقيادة الرشيدة لملك البلاد، و نعتب بتماسك هذا الوطن الذي نقيم فيه صلواتنا، و بأمنه و أمانه .