الغيرة بين الزوجين هو شعور طبيعي في أي علاقة زوجية مبنية على الحب، فهذه المشاعر تضفي على حياتهما بهارات حتى لا تصبح حياة مملة، وألا يشعر فيها كل طرف بأنه بلا قيمة، ولكن عندما تتجاوز الغيرة الحدود وتتحول إلى غيرة عمياء فإنها تتسبب في تفكك الأسرة وانهيار العلاقة الزوجية. فمتى تصبح الغيرة مدمرة؟ وكيف نفرق بين الغيرة العادية والغيرة المرضية التي قد تؤدي إلى العديد من المشاكل؟ وما هي النتائج التي قد تؤول إليها الأوضاع بين الزوجين بسبب نار الغيرة التي تحرق مشاعر الحب وتحوله إلى رماد؟. أسئلة وغيرها نتعرف على أجوبتها من خلال تجارب بعض الأزواج وكيف تحولت حياتهم إلى سجن مليء بالمشاكل وعدم الثقة.
تحولت حياتنا الزوجية إلى سجن كبير
تقول حياة وهي سيدة تتمتع بقدر كبير من الجمال “من من النساء لا تتمنى أن يغيرعليها زوجها وأن تظل دائما المرأة الوحيدة في حياته؟..لكن كل شيء إذ زاد عن حده انقلب إلى ضده، فإن تحولت مشاعر الحب إلى غيرة زائدة عن حدها لابد أن تصل إلى هوس وأوهام قاتلة والتي بدورها تتحول إلى حبل مشنقة حول رقبة الزوجة.” تضيف” أحبني زوجي بجنون وكان يغار عليا من كل شيء في الدنيا، وكثيرا ما كانت تحدث بيننا مشاجرات بسبب هذه الغيرة فاضطر في كل مرة أن أؤكد له أنني أحبه بشدة ولا يمكن أن أنظر إلى أي أحد سواه فيعتذر مني ويطلب مسامحتي ولكن سرعان ما تعود ريما إلى عادتها القديمة، وحتى مع مرور السنوات وإنجابنا لطفلينا لم يتغير ظل كما هو دائم الغيرة والشك مما أحدث شرخ كبير بيننا وحول حياتنا الزوجية إلى سجن كبير، فأخذت قرار الانفصال عنه وطلبت منه أن يمنحني حريتي ويطلقني، رفض في البداية وبإصرار وأخبرني أنه يحبني بجنون ولا يتخيل الحياة من دوني أو من دون أطفاله، فلم يكن أمامي خيار سوى الذهاب لمنزل عائلتي ورفع قضية طلاق لأستطيع أن أعيش في سلام فقد عانيت كثيرا منه وأمضيت معه سنوات من عمري في مشاجرات ونكد لا أساس له ولا سبب يبرره.”
زواج فغيرة فطلاق
أما أحمد بدأ حديثه قائلا: رغم أنني تزوجت بعد قصة حب كبيرة وكنت اعتقد أن زوجتي هي توأم روحي وهي المرأة التي سأكمل معاها كل حياتي، إلا أنني كنت مخطأ فطبعها الغيور حول حياتي إلى جحيم لا يطاق، فهي كانت تغار من كل شيء وتعتبر كل امرأة غيرها في حياتي منافسة لها وحجتها دائمة أنها تحبني وتخاف أن أتزوج من امرأة ثانية، في البداية تفهمتها وجاريتها لأنني لم أرد خلق مشاكل ومتاعب لي ولزوجتي ولبيتي، لكن مع مرور الوقت أصبحت عديمة الثقة بي وحتى بنفسها فلم أستطع تحمل هذه الغيرة المفرطة التي لا أساس لها فطلقتها لأنني لو استمريت معها لأصبت بالجنون.”
أحببته كثيرا لكن غيرته دمرت الكثير من هذا الحب
في المقابل ترى فاطمة أن الغيرة الزائدة توصل الشخص إلى عدم الثقة بنفسه مما يسبب له مشاكل نفسية لا نهاية لها. وتقول ” بعد زواجي انقلبت حياتي رأسا على عقب فقد عانيت كثيرا من غيرة زوجي المستمرة، تحملت في البداية بسبب رغبتي في استمرار حياتنا الزوجية وحرصا على مصلحة أطفالنا الثلاثة الذين كانوا نتاج هذا الزواج.” تضيف “لا أنكر أنني أحببت زوجي كثيرا لكن غيرته دمرت الكثير من هذا الحب، وللأسف فشلت تماما في انتشاله من مرض الغيرة الذي أصابه، فقررت الانفصال عنه لأعيش حياة هادئة بلا غيرة ولا اضطرابات ولا مشاكل”.
الزواج ليس بعقد إحتكار أو تملك
أما خديجة وهي سيدة في عقدها الثالث فتقول ” الغيرة الزائدة وفرضه لقيود وشروط على طريقة لباسي وعلاقاتي جعلت حياتي مستحيلة معه، فكانت هذه هي الأسباب التي أنهت علاقتي الزوجية التي استمرت عامين فقط، فأنا أفضل أن أكون مطلقة على أن أكون زوجة لا يشعرر بها زوجها ويريد أن يتحكم بها فقط.” تضيف “لا أستطيع فهم تركيبة الرجل، فبمجرد ارتباطه بشريكة حياته يعتبرها جزءا من ممتلكاته ويفرض قيودا على كل تصرفاتها وحتى لباسها بحجة أنه لايحق لأحد رؤية مفاتنها سواه وغيرها من التصرفات المزعجة التي تتحول مع الوقت إلى كابوس غير محتمل وتجعل علاقتهما تصل إلى نهايتها، فعلى الزوج أن يعرف أن الزواج ليس بعقد إحتكار أو تملك بل هو الشعور بالأمان مع الشريك والحب والإحترام المتبادل بينهما، والغيرة ممكن أن تكون أحيانا دليلا على الحب والاهتمام لكن إن زادت عن حدها دمرت كل شيء، لهذا الاعتدال هو الأهم لاستمرار العلاقة الزوجية”.
الفرق بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية
تقول لوبنى رشيد مدربة التنمية الذاتية والمستشارة الأسرية أن الغيرة بين الأزواج شعور وإحساس لا يمكن قياسه أو وصفه فهو يولد عندما يحس أحدهما بأن العلاقة القوية بينه وبين شريك حياته مهددة من طرف شخص آخر مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الانفعالات لديه (غضب، توتر،….) وفي غالب الأحيان عندما لا يتحكم الشخص في الغيرة تتطور وتصبح قاتلة للغير ومن يغار عليه وللحياة الزوجية ككل.
وتنقسم الغيرة إلى قسمين:
*غيرة محمودة: وهي الغيرة على الطرف الآخر بدافع الحب حيث يعتبر كل واحد منهما أن نصفه الآخر جوهرة ثمينة لا يحق لأحد الاقتراب منها وهو وحده من يجب أن يعجب بها ويبادلها الحب.
*غيرة مذمومة: عندما تتحول الغيرة المحمودة إلى شك هنا يجب دق ناقوس الخطر لأن الشخص يصبح يشك في تصرفات شريكه، يفتش ملابسه، الهاتف، يتجسس عليه طوال الوقت مما يحسس الطرف المشكوك به بالضيق الذي يزداد يوما بعد يوم فيصبح الشخص كارها لزوجه، بيته وهاربا منهما باستمرارأو حاضرا غائب. أما الغيور فيصبح تركيزه منصبا طوال الوقت حول ماذا يفعل الشريك؟ أين هو؟ ومع من يتكلم؟ وإلى من ينظر؟ ..فيزداد الشك والحزن وخيبة الأمل ويزداد التعب النفسي الذي يتحول إلى مرض نفسي وبعد ذلك إلى أمراض عضوية كارتفاع ضغط الدم…إذا لم يتحكم بالغيرة في مراحلها الأولى.
وللغيرة أسباب متعددة من أهمها:
*ضعف الثقة بالنفس .
*نظر أحد الزوجين للجنس الآخر باستمرار وبنظرة إعجاب.
*كثرة التحدث على الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي مع الجنس الآخر.
*الخروج باستمرار مع زميلات العمل.
*غياب الرجل الدائم عن المنزل.
وللغيرة حلول كثيرة من أهمها:
*العمل على تقوية الثقة بالنفس.
*الاقتناع الكلي بأن لكل امرأة جمالها وسحرها ولكل رجل قدراته وسحره الخاص به فلا داعي للمقارنة.
*الاهتمام بالذات والشريك ومحاولة مشاركته اهتماماته.
*إعطاء وقت كافي لطرف الآخر.
*الابتعاد عن الإدمان على المواقع الاجتماعية.
*السعي الدائم من أجل تحقيق السعادة الزوجية.