بعد الصدمة التي تلقتها مليلية المحتلة، اثر اغلاق المغرب للحدود الجمركية، أصبح الكل بالمدن التي بات سكانها يمتهنون التهريب المعيشي، محاطين بأسئلة إستمرار المهنة التي يزاولها الآلاف من المواطنين ويرهنون عبرها مصير لقمة عيش عائلات تترقب إنتهاء عمل “حمالة” أغلبهم من النساء.
إنتهاء “التهريب المعيشي” زادت مخاوف إنهائه بعد ورود اخبار عن عزم المغرب منع التهريب المعيشي بداية السنة المقبلة، حيث يخشى تجار مدينة مليلية المحتلة، من إمكانية منع السلطات المغربية للتهريب المعيشي.
ففي تصريح لموقع “إلفارو دي مليلية” قال رئيس جمعية تجار الحدود في مليلية، عبد السلام محمد، أن الأخبار التي تصل من الجانب الآخر للحدود غير مطمئنة وتشير إلى أن المغرب يستعد لمنع التهريب المعيشي خلال شهر فبراير المقبل.
وأضاف أن هذه المعلومات استقاها “من جمعية للتجار في البلد الجار” تعمل في مدينة الناظور، سبق للجمارك المغربية أن قامت بتحذيرها.
المتحدث ذاته قال إن هذه المعلومات يجب أن يتم أخذها على محمل الجد، موضحا أنه “في البداية كان موضوع إغلاق الحدود التجارية مع المدينة مجرد إشاعات، غير أنه فيما بعد أصبح أمرا واقعا، نفس الأمر بالنسبة للتهريب المعيشي”.
واعترف بأن هامش التحرك يظل صغيرا، بحكم أن المغرب بلد ذو سيادة، حتى وإن اتخذ قراراته بشكل أحادي، موجها الدعوة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للدفاع عن المصالح الاقتصادية للمدينة.
وقال “إسبانيا لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي. يجب أن تناقش وتفاوض لمنع تأثر مدينة مليلية بالقرارات التي تتخذها السلطات المغربية”.
وأشار إلى أن منع التهريب المعيشي سيكون له تكلفة اجتماعية كبيرة، إذ أن 200 عامل يشتغلون لحسابهم الخاص، في حمل ونقل السلع مهددون بفقدان مصادر رزقهم، مؤكدا أن هذا الرقم من الممكن أن يرتفع ليصل إلى 1500 شخص سيتأثرون بشكل مباشر من القرار في حال تطبيقه.
وبحسب رئيس جمعية تجار الحدود في مليلية فإن قرار المنع إن تم تطبيقه “ستكون له تبعات كارثية”، وقال إن التهريب المعيشي يساهم في اقتصاد المدينة، سنويا حوالي 1,200 مليون أورو (13 مليار درهم).
وعلى الجانب الآخر، سبق للنائبة عن حزب العدالة والتنمية بثينة قروري، أن قالت في جلسة عامة بمجلس النواب يوم 29 يناير 2018، إن خزينة الدولة تتضرر بما مجموعه 12.5 مليار درهم (م يعادل نحو 1.2 مليون يورو)، من التهريب المعيشي.
وخلال الجلسة ذاتها أقر وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت، بصعوبة إيجاد “حل جذري وعاجل” لـ “التهريب المعيشي” للبضائع، بالمعبرين الحدودين مع سبتة ومليلية.
وقال الفتيت، إن التهريب بالمعبرين الحدوديين يمثل “إشكالية كبيرة ومتشعبة، يتداخل فيها ما هو قانوني بما هو اجتماعي، والحكومة تعمل على إيجاد حل شامل لهذه المعضلة”.
ولفت إلى أنه في انتظار “الحل الشامل”، اعتمدت السلطات المغربية إجراءات وصفها بـ “المحدودة” من خلال تنظيم المرور بالمداخل الحدودية مع مليلية وسبتة.
وأشار إلى أن الحكومة “ليست لها إمكانيات لإيجاد حل جذري عاجل للتهريب المعيشي”. لافتًا إلى أن “هذه الإشكالية عويصة وحلولها صعبة جدًا”.
وكان مجموعة من ممتهني التهريب المعيشي، قد خرجوا في وقفات إحتجاجية حاشدة، إحتجاجا على منعهم من الدخول الى مليلية المحتلة، مطالبين المسؤولين بإيجاد حل لمشكلة إغلاق معابر مليلية في وجه ممتهني التهريب المعيشي، خاصة وان المئات من الاسر تعيش بشكل مباشر وغير مباشر من هذا التجارة غير المنظمة، ما جعل العديد منهم يعيشون في عطالة تهدد اسرا بالتشرد .
وإذا كان ممتهينو التهريب المعيشي يعيشون وضعا مزريا، فإنه ومن جانب آخر فإن خزينة الدولة ينتظر أن تستفيد من اموال مهمة تضخها المنصة الجديدة للحاويات التي ستسهل تصدير السلع واستيرادها في ميناء بني انصار بالناظور، بتخفيض 30 في المائة من الرسوم الجمركية لكل البضائع التي ترسو في ذات الميناء.
إجراء إقتصادي مهم يطرح سؤال المراهنة على البعد الإقتصادي في علاقته بمختلف الأبعاد الأخرى على رأسها البعد الإجتماعي الذي تحرك تفاصيل رهاناته مهنة “التهريب المعيشي” بين الإنهاء والبدائل.