أثارت مذكرات الاحزاب السياسية والنقابات الاكثر تمثيلية المحالة لحدود اليوم على اللجنة الاستشارية للنموذج التنموي في اطار جلسات الانصات والتشاور المنظمة من لدنها طبقا للتعليمات الملكية الواردة في الخطب المخصصة للنموذج التنموي الكثير من الانتقادات وذلك بالنظر لمضمونها المناصر لمنطق ما قل ودل، وكذا بالنظر لسقف الانتظارات التي تفوق مقترحات مؤسسات التأطير.
وأكد حمزة الأندلوسي بن ابراهيم الباحث المتخصص في الديمقراطية التشاركية، في تصريح للمصدر ميديا، أن ” ضعف المذكرات المشار اليها اعلاه لا ينبغي قراءته من زاوية المطالب مقارنة بالمتن الترافعي للهيئات الحزبية والنقابية بل ينبغي قراءته من زاوية السياق العام”.
وأضاف الأندلوسي، أنه ” اذا كانت المذكرات الترافعية تعبر عن تصورات الهيئات للورش الوطني المفتوح بمبادرة ملكية، فانها في الواقع لا تتجاوز رؤية مدونيها ذلك ان الاحزاب والنقابات لم تكلف لجانا داخلية للاشراف على ذلك، وان ادعت ذلك، كما لم تكلف نفسها عناء تنظيم لقاءات جهوية لتجميع مقترحات منخرطيها بجهات المملكة الاثنا عشرة فضلا عن كونها لم تكلف نفسها عناء تخصيص صفحة للتشاور بمواقعها الالكترونية اضف الى ذلك ان مجالسها الوطنية لم تجتمع للمصادقة على مقترحاتها الترافعية، بل عملت على تقديم مذكرات اعدها فريق لا يتعدى في الغالب عدد اعضاء مكاتبها التنفيذية وربما اقل من ذلك بكثير”.
وأوضح الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، أنه ” من المعلوم أن أي رؤية استراتيجية لا يمكن ان تحقق الهدف المنشود منها الا عبر تشخيص الوضع والانصات للغير وترجمة الافكار الى مذكرات متناغمة مع مبادئ الحزب والنقابة وليس غيرهم، كما ان نذرة الكفاءات الحزبية سبب رئيسي ادى الى ذلك، وهو ما دفع سابقا جلالة الملك بصفته رئيسا للدولة في خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 2018 – 2019 الى مطالبة الحكومة بتخصيص دعم للاحزاب السياسية قصد الاستعانة بالخبراء والكفاءات في اقتراح ومناقشة وتقييم السياسات العمومية”.
وإعتبر الأندلوسي أن ” الإنحدار المهول للمستوى التعليمي ساهم في ذلك ايضا فالقيادات الحزبية والنقابية الحالية اغلبها لا يتجاوز مستوى الاجازة مع بعض الاسثتناءات وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، كما ان ضعف قنوات التواصل مع المواطنين جعل الهيئات لا تفرق بين لجنة اعداد الدستور المكلفة بانتاج مشروع نص قانوني وبين لجنة النموذج التنموي المكلفة باقتراح مغرب اخر ممكن مغرب يهتم بالموارد البشرية باعتبارها قطب الرحى في اعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية”.
وعليه، يشدد الأندلسي، ” وبغية تجاوز هذه النواقص يجب على هيئات التأطير مستقبلا اعتماد مقاربة تشاركية في اعداد مذكراتها الترافعية مستقبلا مع العمل على استقطاب الكفاءات وتكوين النخب من داخل هيئاتها، والحرص على اعادة النقاش العمومي الى مكانه الطبيعي بشكل دائم حتى تتمكن من تجميع المعطيات و أن تساهم في تحقيق التنمية عبر ممارسة دورها التأطيري الطلائعي.
من جانبه، اعتبر محمد زيان، المنسق الوطني للحزب المغربي الحر، في كلمة له خلال الندوة الصحفية التي نظمها الحزب، يوم أمس الثلاثاء بالرباط، أن لجنة النموذج التنموي الجديد التي يترأسها شكيب بنموسى “لا تمثل الشعب المغربي”، وان “الذي يختار البرامج والأهداف والتصورات هو الشعب المغربي عن طريق الكتلة الناخبة”.
وأضاف زيان قائلا: ” من باب المستحيل أن نقف أمام لجنة بنموسى لنطرح عليها برنامج حزبنا لأن البرامج الحزبية لا تعطى للجان وإنما للشعب”.
وأكد المنسق الوطني للحزب المغربي الحر أن “الأحزاب المغربية التي جالست لجنة النموذج التنموي الجديد لا تستحق ثقة الشعب المغربي”، موضحا أن حزبه سيطرح برنامجه الخاص بالنموذج التنموي على الشعب المغربي في الانتخابات المقبلة.
وكانت اللقاءات التي عقدتها لجنة بنموسى مع الاحزاب السياسية والنقابات الاكثر تمثيلية قد اثارت إنتقادات لاذعة حول مضامين المقترحات “الجاهزة” التي أعدها الفرقاء السياسيون والنقابيون من اجل دعم النموذج التنموي البديل.