أصغر مبدعة عربية من هامش المغرب محكيات مثيرة بعنوان “آيريس وطفلة الشمس”

بقلم:سعيدةالرياحي

“آيريس طفلة الشمس” هي قصص موجهة للبراعم لكنها محملة بنفس الكبار وأسئلتهم، لأن خيالها يسائل قضايا كبرى بطريقة مبدعة وحالمة، نقرأ في نص تقديم الطفلة المفاجآة لمجموعتها القصصية: “كنتُ دوماً أشعر أنني مختلفة عن الجميع، لا أتحدث عن الاختلافات الجسمية التي ميّز الله بها خلقه، لا… أقصد أني مختلفة في أحاسيسي وفي ما يشغلني دون باقي أقراني، لي خيال واسع، قلبي حنون، لطيفة مع الكل، ولي طاقة غريبة على الحزن… وأطمح أن أغير شخصيتي إلى الأفضل.
سأكون قوية، شجاعة، لا أبكي لشيء تافه، ذكية، تجيد التعامل مع أي موقف، هادئة، بشخصية صلبة، أتمتع بالثقة بالنفس… علينا ألا نستسلم، في الحياة توجد العديد من المواقف، منها المحرجة، المحزنة، المسعدة… هذه هي الحياة، كل ما شعرت بخيبة الأمل أردد هذه الجملة: “يا شمس، تعالي أنيري طريقي بأشعتك التي تجلب الأمل”، فترتفع معنوياتي.
أكتب كل الأحلام التي تراودني، أراها تتتابع أمام شاشة عيني، ثم تتطاير مثل فراشات، تحلق عالياً في السماء، وأطير معها، لا معنى لحلم لا تطارده كي يتحقق بالاجتهاد والمثابرة… لا تفقد الثقة، فمن دونها لن تكون لديك شجاعة…
والآن فلتتقدم إلينا طفلة من عالم آخر… خيالها واسع وقلب مفعم بقلق مبهم وأحاسيس غامضة، وهي من ألهمت زملاءها بحكمتها: “ستشعر بضيق في صدرك، وبأن كل فرحتك تحطمت، رغم ذلك كن قويّاً متفائلاً”.
آية حمدون طفلة قاصة مغربية ملهمة تدرس بالصف الخامس ابتدائي لا يتجاوز عمرها تسع سنوات، حين كتبت مجموعتها القصصية المتميزة “آيريس وطفلة الشمس” جاءت من الهامش ككاتبة قصص قصيرة ومولعة بالتشكيل.
“آيريس طفلة الشمس” الصادرة حديثا عن منشورات النورس، هي قصص موجهة للبراعم لكنها محملة بنَفَس الكبار وأسئلتهم، لأن خيالها يسائل قضايا كبرى بطريقة مبدعة وحالمة، يقول الأستاذ عبد الرحمان بوطيب في تقديمه للمجموعة القصصية للطفلة الصغيرة آية حمدون: “نؤمن، كغيرنا من المتتبعين للساحة الثقافية، وكغيرنا من الملاحظين، بأن في أعماق كل مبدع كبير يسكن طفل مشاغب، طفل جميل، مشاكس، لا يهدأ له بال حتى يعصر من قلب الذات الراشدة المبدعة المسكونة بطفل، ووجدانها وعقلها، وازنَ تعبيرات أدبية جمالية، بفيض إبداع منها وتفرد وتميز.
تلكم قاعدة عامة، على وجهٍ من أوجهِ العموم، بَيْدَ أن الحال مع “آية” حالٌ خاصة، إذ تنقلب الآية من حدِّ عامِّ قاعدةٍ، إلى حد خاصٍّ منها، فنؤمن ــ بديلًا عن عامّ القاعدة ــ بأن في أعماق كل طفلٍ يافعٍ غضٍّ يسكن مبدعٌ كبير… كامنٌ، منزوٍ، منتظرٌ فرصةَ انطلاقٍ في رحيب آفاق، إنْ هو حظي، وهذا حقه، باكتشاف مبكر، ونَعِمَ باحتضان مسؤول.
الشاخصُ من قولٍ ــ إن كان لابد من بَيِّنَةٍ على سابق مشارٍ إليه ــ هو قولٌ آيةٌ من طفلةٍ آية… قالت، فاتحةً شهيةَ تلقٍّ: (الشمس غاضبة… والأرض خائفة أن تحترق)، وكأننا بها تصفع وجوهًا لاهيةً عن واقع حال عامٍّ لا تستقيم معه حالٌ خاصةٌ لأطفال، عسى أن تستفيق قلوبٌ غافلة، وعقول مُخَدَّرة نائمة، في غَيِّها سادرة، من لهوٍ وغفلة وانشغال عن مشترَكٍ كونيٍّ مأزومٍ”.
تمتح المجموعة القصصية من متخيل واسع من الخيال العلمي، إلى ذلك التداخل بين عوالم المدينة وما فرضه تطورها الحضري والقرية والانتقالات الجريحة التي رافقتها، وتلك العوالم القصية لمبدعة صغيرة بخيال كبير، تصوغ بلغة أنيقة عباراتها ورؤاها إلى الزمن والتاريخ والإنسان، برؤية تتجاوز بكثير عمرها ومستوى أقرانها، آية حمدان هي آية متميزة تضيء سماء الإبداع المغربي، بباكورة عملها الذي نتمنى ألا يكون بيضة الديك، لأنها طاقة واعدة ومتميزة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد