طقوس عيد الأضحى في الوطن العربي

عيد الأضحى أو “العيد الكبير” كما يطلق عليه في بعض البلدان العربية، هو مناسبة دينية تختلط فيها الأجواء الروحانية مع التقاليد والعادات الموروثة من جيل إلى جيل، وتختص كل دولة بطقوس معينة تميزها عن غيرها. “المصدر ميديا” رصدت أبرز مظاهر الاحتفال في الوطن العربي وكيفية قضاء المسلمون لعيد الأضحى المبارك.

مصممة الأزياء فتيحة الهاشمي: أهم ما يميز العيد في الجزائر طلاء الكبش بالحناء والمأكولات التقليدية


عن أهم ما يميز عيد الأضحى في الجزائر تقول مصممة الأزياء “فتيحة الهاشمي” ” يتم الاحتفال بعيد الأضحى وفق طقوس وعادات متوارثة من الأجداد، حيث يجتمع الإخوة في بيت العائلة، وتقمن النساء في ليلة العيد بطلاء الكبش بالحناء، أما صباحا فلكل يذهب للمساجد لتأدية صلاة العيد، وبعد الإفطار يتم نحر الأضحية في أجواء عائلية حميمية، أما فترة ما بعد الظهر والمساء يتم تخصيصها لتبادل الزيارات العائلية، وبخصوص المأكولات التي يتم تحضيرها للغذاء فهي “الملفوف” (عبارة عن كبد مشوي مقطع مربعات متوسطة الحجم تلف بقطع من الشحم الشفاف ثم توزع على القطبان ويعاد شويها من جديد) ويتم تقديمه مع السلطة و الشاربات (عصير الليمون بالنعناع). أما عن وجبة العشاء فهي عبارة عن “البوزلوف” (لحم الرأس والأرجل) و”البكبوكة أو الكمونية” (عبارة عن مرق يحضر من مزيج من الكرش والرئة والكبد والقلب والكلي يحضر بطرق مختلفة على حسب المنطقة أو العائلة). وفي اليوم الثاني نقوم بتقطيع أضحية العيد وزيارة المقبرة أما النساء فيقمن بتحضير الكسكس للغذاء والمشاوي للعشاء. ولا تكتمل فرحة العيد دون حلويات تقليدية حيث تحرص الأسر على استقبال المهنئين في العيد بالشاي والحلويات المحضرة على طريقة الأصيلة مثل “المقروط” و”القريوش” وغيرها”.

الصحافية سلمى جابر نحلة: عيد الأضحى في لبنان فرح للمحتاجين وروابط إنسانية واجتماعية وتقاليد موروثة


وبالإنتقال إلى لبنان للوقوف عند مزايا الإحتفال بعيد الأضحى المبارك، استضفنا السيدة سلمى جابر نحلة، محررة صحافية ومديرة التسويق والعلاقات العامة في مجلة الهديل اللبنانية-العربية وفي موقع الهديل الإلكتروني حيث أفادتنا: يعتبرعيد الأضحى المبارك أو”العيد الكبير”كما يلقِّبه الأطفال في لبنان، مناسبة سعيدة على قلوب المسلمين في جميع أنحاء العالم، فهو موعد تجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى عبرالتمسك بالقيم الإنسانية والدينية والإجتماعية وتمتين صلة الرحم، وإحياء التقاليد الموروثة عبر الأجيال، ومن أولويات تقاليد الاحتفال باستقبال هذا الزائر الذي يضفي السعادة بقدومه، هو شراء الثياب الجديدة لجميع أفراد العائلة كبيرهم وصغيرهم ، ورؤية الفرح يعمُّ في قلوب الأطفال الذين ينتظرون ارتداء الملبس الجديد في أول أيام العيد، والتنعُّم بأخذ العيدية من الوالدين والأهل والأجداد والمقربين، ليصرفونها باللهو والمرح في مدن الملاهي وفي ركوب المراجيح وإطلاق المفرقعات، وتناول حلويات الأعياد للأطفال التي تكون منتشرة في صوانٍ واسعة كبيرة تدعى “صدور” وفيها التفاح الصغيرالمطلو بالكراميل والشوكولا، والمشبك، جوز الهند والسفوف، غزل البنات وغيرها.

هدايا الأموات.

أما الكبار لهم موعد مع قدوم العيد، للتبرك بالعادات والتقاليد اللبنانية التي ورثوها عن آباءهم وأجدادهم، وما زالوا يقيمونها ومتمسكين بها بقوة، حيث يخرجون في صبيحة اليوم الأول من العيد المبارك قبل طلوع الشمس إلى المقابر التي يتم غسلها وتزيينها بالورود والبخور قبل يوم العيد وذلك لقراءة الفاتحة وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم وهي هدايا ثمينة لأرواح الأموات من الأهل والأقارب والأصدقاء تستقبلها أرواحهم بفرح وفخر أنه مازال لهم محبين يزورونهم، وبعدها يتوجهون إلى الجوامع الكبيرة والمساجد للاستماع إلى خطب الأئمة التي تدعو الى التقرب من الله، ونشر دين الإسلام القائم على المحبة والتسامح ومدّ يد العون للآخرين ومساعدة الفقراء والمحتاجين.

صلة الرحم

وعند إتمام هذا الواجب، يقوم الكبار بزيارات التهنئة والمعايدات التي تستهل بصلة الرحم للوالدين والأجداد ومن ثمَّ بقية العائلة والأقارب والجيران وفي الوقت الحاضر بإرسال بطاقات المعايدة الإلكترونية إلى الأصدقاء ورؤساء العمل والزملاء، ويعدُّ ذلك تقليد يعبرعن مدى أصالة وعراقة هذه الواجبات المترسخة بالجذور الثابتة .

حلوى العيد

وأيضاً للمنزل حصته من الاحتفال بقدوم العيد، حيث يُجرى حفل تنظيف شامل لجدرانه ومفروشاته، وأحياناً يتم طلاءه من جديد أو تغيير ديكوره أو قطع الأثاث، أو إدخال أي قطعة جديدة على المنزل بحجة “كي لا يُدعي علينا العيد”، بالإضافة إلى إطلاق البخورالمطيّب بالمسك والعود والعنبر الذي تنشر رائحته البركة وتبعد الهموم والحسد عن أهل المنزل كما هوالاعتقاد، ولا تستثنى حلويات العيد من إعدادها في المنزل والتي عادة تتباهى سيدة البيت بطعمها اللذيذ الشهي وتزيينها المتقن، بالإضافة أيضاً إلى شراء بعض أصناف الحلويات كالبقلاوة والمعمول المنوّع بالتمر والفستق الحلبي والجوز وغيره من المكسرات من الأسواق ابتهاجاً بالعيد واستعداداً للترحاب بالضيوف من الأهل والاحباء، كما تقام الولائم العائلية التي تجمع الشمل بسعادة.

فرحة المحتاجين

وكما أن عيد الأضحى المبارك تسمو فيه النفس وتعلو نحو المحبة والتسامح والعطاء والفرح ومساعدة الآخرين، وتقريب صلة الرحم والتقارب الاجتماعي والعائلي، ونبذ الخلافات وإبراء الذمم، وكما أن الفقراء والمحتاجين يشعرون أيضاً بالعيد ومباهجه، لأن من الأمور الأكثر أهمية في صبيحته هي من أهل اليسر توزيع الأضاحي”الخراف المنحورة” على المحتاجين والفقراء ، كما توزيع المال والثياب في مساهمة بسيطة تعوّض عليهم بعض من المحن التي يمرون بها.

زينة المساجد

تزين المساجد في عيد الأضحى المبارك بالإنارة والمصابيح المضيئة التي تضفي البهجة على قلوب المسلمين، وباللافتات التي تحمل شعارات الحج وعبارات التهنئة لحجاج بيت الله الحرام ك “حج مبرور وسعي مشكور”، وتتدلى على مداخل المنازل في إشارة لقدوم من سنحت لهم الظروف بالحج والطواف حول الكعبة المشرفة، والوقوف فوق جبل عرفات، عندما يقف المؤمنون لتأدية أهم المناسك. وكما يستقبل الحجاج بالزفة والأناشيد الدينية وقرع الطبول، وهنا تمر قصة النبي إبراهيم عندما أراد التضحية بابنه اسماعيل، تلبية لأمر ربه، لذلك يتم التقرب أكثر من الله والخشوع في هذا اليوم المشهود بالتضحية بالأنعام، وتوزيع لحوم الأضحية على الأقارب والفقراء والمساكين.

حلة الأحياء

في لبنان و خصوصاً العاصمة بيروت ترتدي الأحياء حلّة جديدة تتمثل بالزينة والمباهج التي تدل على قدوم ضيف عزيزعلى قلوب المسلمين والمؤمنين، ويتجلى ذلك في الصلاة الجامعة والاستماع إلى خطبة العيد التي تدعو إلى معاني التسامح والخير والمحبة. وتستقطب العاصمة إلى جانب القرى والمدن الكبرى، أعداداً كبيرة من المصلين للتبرك والمشاركة بهذه المناسبة العزيزة، التي يلتئم فيها الشمل وتُنسى الأحقاد والكراهية.

الإعلامية مريم محجوبة : العيدية والزينة والزيارات العائلية من أبرز مظاهر الاحتفال بموريتانيا

أما عن الأجواء الاحتفالية في موريتانيا فتقول الإعلامية مريم محجوبة ماءالعينين” يجمع عيد الأضحى في موريتانيا الأهل والأقارب الذين طال فراقهم بسبب مشاغل الحياة والغربة و يجعلهم يجدون فيه فرصة لتجديد أواصر المحبة والتواصل، والتجمع في منزل العائلة أو التزاور بعد انتهاء مراسيم الصلاة ونحر الأضحية. ويقضي الموريتانيون «يوم العيد الكبير» كما يسمونه في صلة الرحم وطلب السماح وتقديم العيدية إلى الكبار والصغار، و بالنسبة للنساء فإن مهامهن في العيد تمنعهن من تخصيص وقت للزينة، خاصة أن الزينة الموريتانية تحتاج إلى وقت طويل .فغالبية الموريتانيات تؤجلن زينة العيد إلى ما بعد الانتهاء من مهام البيت كالإشراف على لحم الأضحية والمطبخ، واستقبال الزوار وإعداد الشاي لذلك يفضلن القيام بنقش الحناء وتصفيف الشعر وتزيينه بالضفائر الأفريقية في اليوم الثاني من أيام العيد حيث تكون مسؤولياتهن أقل ويقمن خاصة باستقبال المهنئين وصلة الرحم والاستمتاع بالخرجات العائلية مما يفرض عليهم الظهور في أبهى حلة. كما تعيش محلات الزينة في موريتانيا ذروة موسمها في فترة عيد الأضحى حيث تعمل طيلة أيام العيد نهارًا وليلاً، وتقدم خدمات عديدة للنساء والفتيات من زينة عصرية وتقليدية، مثل الفنون النسائية لنقوش الحناء وعمل جدائل الشعر المحلية والأفريقية، إضافة إلى الزينة العصرية.

عادات تتحدى الزمن

تضيف ” ليس الموريتانيون بدعا عن غيرهم من المسلمين في الاحتفال بعيد الأضحى المبارك ولكون الشعوب الإسلامية لكل منها خاصيتها الاحتفالية النابعة من تاريخها وتراثها فإن الموريتانيين غير خارجين عن تلك القاعدة، حيث لكل فئة عمرية وجنسية سلوك خاص وزينة محددة تتماشى ووضعيتهم الاقتصادية، خصوصية بصمتها الحداثة بإكراهاتها فاختفى الكثير من البساطة والعفوية الاحتفالية التي كانت تميز مجتمع بدو ما قبل الدولة فاختفت زينة المرأة التقليدية التي كانت تقتصر على لحاف “النيلة” والخلاخل المصنوعة يدويا من “الفضة البيضاء” تراعي حجم أسفل الساق الذي يكون عادة ضخما بسبب ظاهرة السمنة التي تعتبر جزءا من جمال المرأة، إضافة إلى أساور بسيطة من الذهب وعصائب توضع على الرئيس مرصعة بالذهب،هذا بالنسبة لميسورات الحال، اختفت هذه الأنماط وحلت محلها الموضة العصرية لكن بطابع محلي يخاله الأجنبي تقليديا، وهو كذلك بمعايير الموضة العالمية لكنها تتماشى والبيئة الحداثية الموريتانية غير المعقدة والتي ما تزال البساطة ماثلة في جوانب عديدة منها.

تبدأ الاستعدادات لعيد لأضحى في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وتتحمل النساء الجزء الأكبر إن لم يكن الكل من تحديد ما ينبغي أن يقام به بدء بحاجات الأطفال حسب جنسهم وأعمارهم، ويكاد دور الرجل يقتصر على تقديم المال الذي سينفق، وعادة ما يكون يوم العيد يوم خاص بالصغار من الجنسيين حيث يرتدون الملابس القشيبة، ويقتصر نشاط الرجال على التزين للصلاة وليس لهم زيُ خاص بل دراعة ونعال وقمصان حسب المستوى الاقتصادي، وبعدها زيارة الجيران وتقديم التهاني لهم وطلب السماح عن كل تقصير في حقهم غير مرغوب شرعا، أما ربات البيوت فيظللن بين الأسواق والمطابخ حيث يبدأن رحلتهن لزيارات الأقارب والجيران في المساء وتستمر إلى منتصف الليل كل حسب من يجب عليه صلته من الأقارب.”

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد