سعيدة فكري فنانة مغربية متألقة، تكتب وتلحن وتعزف و تغرد بصوتها الشجي، هادئة، و مسالمة، غنت عن الحب والسلام وحركت مشاعر الكثير من منكوبي هذا الوطن، حيث خصصت جل مواضيعها الفنية لمعالجة القسوة والحرمان والتهميش ، كانت آخرها أغنية “ولد الزنقة” التي سلطت الضوء من خلالها على أطفال الشوارع.
و في حوار لها مع جريدة “المصدر ميديا” الإلكترونية، قالت سعيدة فكري عن البعض من منتقدي عملها الجديد أنها كانت تنتظر بطبيعة الحال بعض الانتقادات السلبية، لأن موضوع الأغنية لم يسبق و أن تطرق له أحد الفنانين في أعماله. و أشارت أن أطفال الشوارع كفئة من المجتمع تعاني معاناة مريرة في ظل قسوة الحياة و عيشهم تحت رحمة الشارع الذي لا يرحم، هذه الفئة من مجتمعنا يتم تجاهلها من طرف مجموعة كبيرة من أفراد المجتمع و المسؤولين كذلك من حكوميين و برلمانيين، فكانت بالنسبة لها مبادرة منها لتحسيس كل هذه الجهات على اختلاف مواقعها داخل المجتمع و كذلك توعية أفراد وفعاليات المجتمع المدني بهذه الفئة المهمشة التي لا يكترث لها أحد.
و أضافت فكري أن الأغنية أخذت شكل slam و هو شكل جديد في مجتمعنا حيث لم يسبق لأحد أن اشتغل على هذا النمط، فهو نمط زجلي، حيث صب جل المنتقدين انتقاداتهم حول الجانب الموسيقي دون محتوى الأغنية رغم عدم معرفتهم الكافية عن الموسيقى و يجهلون هذا النمط الذي اشتغلت عليه.
هذا من جهة، من جهة أخرى حرصت على اختيار كلمات سهلة و بسيطة للأغنية ليفهمها من أردت أن توصل لهم الرسالة، فأغنية “ولد الزنقة” أخذت نفس نهج و مسار الأغنية السابقة “ولاد الدوار”. حيث حصدت الأغنية قرابة مليون مشاهدة على اليوتوب خلال عشرة أيام و لقيت تفاعلا جد إيجابي من طرف الجمهور، رغم أنها كانت متخوفة شيئا ما في هذه الظرفية بالذات مع الموجة الفنية الحالية و بالتالي تكون أذن المتلقي قد اعتادت على نمط موسيقي متكرر، إلا أنها وجدت الجمهور متعطش لمثل هذه النوعية من الأغاني التي تحمل رسائل هادفة و قوية تخرج من قلب الفنان لتصل مباشرة إلى قلب المتلقي.
و في ردها عن سؤال حول تطور الأغنية المغربية في السنوات الأخيرة، كشفت سعيدة فكري أن الأغنية المغربية مازالت تائهة تبحث عن هويتها، فرغم الكم الهائل من المواهب و الطاقات الشابة المتميزة التي تتوفر على أصوات رائعة و جميلة إلا أن توجه الأغنية أصبح توجها ماديا بالدرجة الأولى و اللهفة نحو الشهرة المزيفة كما سمتها فكري، و يبقى الشباب المغربي التواق إلى الفن الجميل يطمح و يحلم بمستقبل أحسن. و أبرزت فكري في الآن ذاته أن معظم الفنانين الشباب تائهون في غياب التوجيه الصحيح و السليم، حيث لا تتوفر لديهم تربية فنية ذوقية تحصنهم من أخطاء اليوم.
و تطرقت فكري في معرض حديثها إلى مثل شعبي مغربي (تابع عيساوة بالنافخ) في إشارة منها إلى التقليد الأعمى و غياب الإبداع و الابتكار لدى مجموعة من الفنانين الشباب، فعند نجاح موجة أو نمط موسيقي جديد ينساق الجميع ورائه واضعين صوب أعينهم الوصول إلى شهرة وهمية زائلة مع مرور الزمن.
و عن شهر رمضان، أشارت الفنانة سعيدة فكري أن أول يوم صيام لها و هي لا زالت صغيرة في التاسعة و النصف من عمرها، وقالت أنه كان يوم صعبا و شاقا للغاية إذ كانت ذو جسم نحيف، فلم تقدر على إكمال صيامها و سمحت لها والدتها بالإفطار، وأردفت قائلة: “أفضل خلال شهر رمضان ممارسة رياضة المشي قبل موعد الإفطار قرب البحر بحكم أنني أقطن بجواره، و مائدة إفطاري مائدة شعبية مغربية محضة فلا يروق لي تناول شيء آخر سوى الأطباق المغربية التقليدية كالحريرة و أتجنب المأكولات المضرة كالشباكية و كل المأكولات الذهنية”.