يوم الأرض.. تعبئة جماعية من أجل مستقبل مستدام

فيضانات وجفاف وإجهاد مائي وموجات حر شديدة.. كلها ظواهر ناتجة عن التغير المناخي تنهك “أمنا الأرض”، التي يحتفى بيومها العالمي في 22 أبريل من كل سنة، في إطار مساع لتعبئة جميع الجهود الممكنة لماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية، من أجل مستقبل أكثر مرونة وإنصافا واستدامة للأجيال القادمة.
ويندرج هذا الاحتفال في إطار دينامية تروم حث المواطنين والمقاولات والمؤسسات على الانتقال من مرحلة الوعي إلى الانخراط في العمل الجماعي، لا سيما فيما يتعلق بإعادة تأهيل التربة واستعادة الغابات والحفاظ على المياه والهواء، كما أشار إلى ذلك الباحث الرئيسي بالمعهد الوطني للبحث الزراعي ورئيس الشراكة العالمية للتربة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، رشيد مصدق. وأوضح السيد مصدق، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “يوم الأرض” لهذه السنة لم يعد يقتصر على الدعوة إلى “ضرورة حماية كوكب الأرض”، بل بات يؤكد أن “الوقت قد حان للعناية به”، وذلك من خلال التحرك السريع والمشترك والمستدام. وأضاف الباحث أن “أمنا الأرض تتعرض للاستنزاف، ومعها يختل توازن بشكل كامل”، مشددا على أن مواجهة هذه الحالة البيئية الطارئة تتطلب حماية واستعادة النظم البيئية الطبيعية، من خلال تعزيز المناطق المحمية، ومحاربة اجتثاث الغابات، واستعادة المناظر الطبيعية الغابوية المتدهورة، وتعزيز الإدارة المستدامة للغابات، باعتبارها إجراءات ذات أولوية.
وأعرب الباحث عن أسفه لكون التربة كثيرا ما تهمل، رغم أنها من العناصر التي تستدعي الحفاظ عليها بشكل خاص، باعتبارها أساس الحياة على الأرض، مبرزا أن التربة تشكل ركيزة للتنوع البيولوجي والأمن الغذائي ودورة المياه. وأوضح أن أكثر من 33 في المائة من أراضي العالم تعاني حاليا من التدهور.
وللحد من هذا المنحى المتصاعد، تبرز حاجة ملحة إلى تبني ممارسات من قبيل الزراعة الحافظة، والغطاء النباتي، ومكافحة التعرية والملوحة. ودعا السيد مصدق، في هذا الصدد، إلى أن تكون صحة التربة رافعة أساسية في جهود تخزين الكربون، وتصفية المياه، وتغذية النظم البيئية، مع التأكيد أيضا على أهمية صون التنوع البيولوجي.

وأضاف الباحث أنه ولمواجهة هذه التحديات، أطلق المغرب عددا من المبادرات الفلاحية الإيكولوجية، وأكثرها طموحا هو تحويل مليون هكتار من الأراضي المزروعة بالحبوب إلى زراعة حافظة بحلول سنة 2030، في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”.
وتابع أن هذا التوجه قد تعزز من خلال إعلان الرباط الصادر خلال المؤتمر الإفريقي الثالث للزراعة الحافظة الذي انعقد في يونيو 2023، مشيرا إلى أن هذا الإعلان يؤكد التزام المغرب بتعزيز الممارسات الفلاحية المستدامة، مثل الزرع المباشر وتدوير المحاصيل والتغطية الدائمة للتربة لاستعادة خصوبة التربة وتحسين إدارة المياه وتعزيز القدرة على المرونة في مواجهة تغير المناخ.
وقال الخبير البيئي إنه بالاعتماد على البحث العلمي والشراكات المتينة والسياسات العمومية الاستباقية، يتموقع المغرب كبلد رائد في مجال الفلاحية المستدامة بإفريقيا، معتبرا أن هذه المبادرة تقدم نموذجا ملهما للبلدان الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة، وتثبت أنه من الممكن المزاوجة مع تحقيق هدف الإنتاجية الفلاحية.
ويعد التغير المناخي ظاهرة خطيرة تتطلب اتخاذ تدابير للتخفيف من آثاره والتكيف معه، من أجل حماية الغابات والتربة والتنوع البيولوجي، إذ كما قال فرانسوا مورياك “لا فائدة للإنسان من غزو القمر، إذا كان سيفقد الأرض”.