الكيل بمكيالين عند الغرب (أمريكا وفرنسا نموذجا)

منذ أن كنا صغارا، ونحن نصبح ونمسي على جرائد،وقنوات تلفزية، ومحطات إذاعية، لهذه الدولة الغربية أو تلك،تلعن ديمقراطية عموم الدول الإفريقية والعربية، ورؤسائها الذين لا يغادرون كراسيهم الوثيرهم إلا على نعوش الوفاة.

‎يستعملون من أجل ذلك مايمهد لهم الخلود حتى ولو كان على أصوات لعلعة الرصاص أو تفسير الإنتخابات بما يخول لهم ذلك.ومقابل هذا يتغنون بأشجار الديمقراطية الوارفة الظلال التي تستظل بها دول الغرب التي تصف نفسها بأنها واحة للحرية والديمقراطية…،نتذكر جيدا بعضا مما كان يقوله هذا الغرب في حق هذا الرئيس أو ذاك الذي يعتبر
‎أن كرسي الحكم له وسيورثه لأحد أبنائه، ولا يحق للغير أن يحلم بالإحلال مكانه مادام على قيد الحياة.

‎لقد قيل فيهم مالم يقله مالك في الخمر،لن أسرد لائحةالرؤساء الذين تم استهدافهم من طرف الغرب،وكانوا مواد دسمة لإعلامه المسموم، ويكفي التذكيربما كان يقال عن:عمر بونكو الذي قضى 42سنة على كرسي الحكم وبعد وفاته خلفه إبنه بعد انتخابات..تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو رئيس جمهورية غينيا الاستوائية الذي مكث على كرسي الزعامة 30سنة-روبرت موكابي الذي تربع على كرسي السلطة زيمبابوي 29سنة.

‎أما عن عالمنا العربي  فيكفي التذكير بما قضاه الرؤساء: معمر القذافي على كرسي الزعامة(39سنة)،حسني مبارك(27سنة)وكل منهما كان يريد توريث كرسي الرئاسة لنجله،عبد العزيز بوتفليقة(20سنة)، والرئيس التونسي الذي قضى قبلهم(30سنة)على كرسي الرئاسة، وكلهم لم يغادر كرسي الزعامة إلا على الطريقة المشينة والمذلة التي نعرفعا جميعا.

‎كنا نخجل أمام ما نرى ونسمع، وننعت به كأفارقة وعرب من طرف هذا الغرب الديمقراطي، ونقف وقفة إعجاب وتقدير وإكبار لما كان يحمله لنا إعلام الغرب من أوصاف وتحاليل إخبارية لديمقراطيته الوارفة الظلال.وفجأة تنقلب الصورة فماذا حدث.

‎أصبحنا نرى ومضات ضوء ساطعة في قارتنا الإفريقية تبشر بمستقبل ديمقراطي زاهر (السينغال وموريتانيا ).وعكس هذا أصبحنا نرى بكثير من الدهشة والإستغراب مايموج في ساحة الغربية، مما لا يشرف ديمقراطيتها التي تتغنى بها وتروج لها عبر إعلامها.على كرسي الرئاسة بأمريكا يتنافس (شيخان موقران)على كرسي الرئاسة فلا الجالس عليه(بايدن 81سنة)قرر التنحي عنه، إلا بعد الضغط عليه من حزبه وأقرب المقربين إليه، وامتناع المانحين من ضخ مئات الملايين لدعم ترشحه، حتى وإن كانت حالته الصحية لا تسعفه حتى في الجلوس عليه،ولا الرئيس السابق (ترامب79سنة)يرغب في الرجوع عن المقعد الذي اقتعده في أمريكا، بلد الحرية والديمقراطية وما شئنا من الأوصاف البراقة.

‎أما واحة الديمقراطية الثانية  الوارفة الظلال في أروبا(فرنسا)بلد الأنوار ومثال الديمقراطية الحقة،فما يقع فيها الآن أشبه بما كنا نعيشه ونسمع عنه في جمهوريات دولنا الإفريقية والعربية ويعيبه علينا الغرب في كثير من السخرية والإستهزاء، خاصة الإعلام الفرنسي لقد قرر الرئيس الفرنسي ماكرون إجراء انتخابات تشريعية مبكرة اعتقادا منه أن نتيجتها ستكون لصالحه،إلا أن العكس هو الذي وقع.

ذلك أن تحالف اليسار تصدر هذه الإنتخابات، يليه معسكر ماكرون، ثم حصل التجمع الوطني(أقصى اليمين) وحلفاؤه على المرتبة الثالثة، مما يعني حسب ما قرأناه عن ديمقراطية الغرب النزيهة والمثالية أن الرئيس ماكرون عليه أن يكلف الكتلة  الحائزة على المرتبة الأولى بتشكيل الحكومة وهي في هذه الحال تحالف اليسار. فماذا وقع؟
‎خرج الرئيس الفرنسي عن صمته بعد صدمة النتيجة قائلا، إن أحدا لم يفز، داعيا جميع القوى السياسية في مؤسسات الجمهورية إلى الانخراط في حوار صادق ومخلص لبناء غالبية صلبة تكون بالضرورة ذات تعددية. وهكذا انزلقت فرنسا إلى حالة من الغموض السياسي بالغة الضبابية بعد هذه النتيجة غير  المتوقعة والمربكة أيضا،وبعد الموقف الماكروني الذي أصبح معه الرئيس يضرب أخماسا بأسداس للعثور على المخرج الممكن وهو الذي تسبب في ذلك بعدم الاحتكام إلى إرادة الشعب الذي أعطى المرتبة الأولى لتحالف اليسار،وهذه حالة يرجع فيها النظر إلى فقهاء القانون الدستوري.

 أما أنا فقد ذكرتني هذه الوضعية، بمقولة قرأتها من قبل لفقيه في القانون الدستوري ، وهو يتحدث عن الديموقراطية والدكتاتورية، قائلا، بأن أحد رؤساء أمريكا – ولعله جورج واشنطن- يرأس أحيانا مجلسا للوزراء، وعددهم سبعة. وحين تطرح نقطة ما للمناقشة، يكون لكل الوزراء رأيا موحدا ، عكس رأي الرئيس، يقوم بعد الأصوات قائلا سبعة أصوات لا وصوت واحد نعم. أصوات نعم غلبت صوت لا. ويضرب على الطاولة قائلا: فلتحيا الديموقراطية .

‎لقد تغيرت  نظرتنا لديمقراطية الغرب تغير طقس هذه الأيام، وعسى أن نصبح في يوم ما واحة لديمقراطية حقيقية أصبح الغرب يفتقدها رويدا رويدا
‎( وتلك الأيام نداولها بين الناس صدق الله العظيم ).

المصدر ميديا : حجيبة ماء العينين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد