المرأة القروية في 8 مارس .. بين واقع المعاناة والأمل في غد أفضل

لا تعرف يوم 8 مارس ولا دلالته ولا ماذا يعني لنساء المعمور، يصفونها بالمرأة الحديدية التي تنحث من الجبال بيوتا بدون كلل ولا ملل دون أن تنتظر مقابلا لذلك، إنها المرأة القروية في المغرب التي تلعب دورا رئيسيا في الحياة المجتمعية، رغم واقع مليئ بالإكراهات وصعوبات تجعلها تقاسي في حياتها اليومية، والتي تحول دون تمتعها بحقوقها الكاملة.

لا تدري معنى التمكين الاقتصادي ولا الإدماج الاجتماعي والثقافي، بل معانتها تبدأ منذ الطفولة بممارسة الأعمال الشاقة التي هي من اختصاص الرجال، وتظل محرومة من حقوقها في عدة مجالات كالتعليم والصحة والترفيه وغيرها وترضى بواقعها والأمل كله يحذوها لغد أفضل.

فقر وتهميش وقيود بالجملة

istiqlal

إن معاناة الفتاة القروية بشكل أساسي تتجلى في عدم ولوجها للمدرسة إما بسبب الفقر والتهميش من جهة، أو من جهة أخرى، القيود المفروضة على حركتها، والحواجز الثقافية التي تعترضها في بيئة اجتماعية تسيطر عليها الخرافة والرؤية الذكورية التسلطية، مما يجعل حياتها تحت الانسحاق الدائم بين سندان الجغرافيا ومطرقة العادات والتقاليد.

فمن بين الأعمال التي تقوم بها المرأة القروية خارج بيتها هي المشاركة في عملية الحرث وغرس الخضراوات ونزع الأعشاب الضارة وجني الثمار ونقل المنتوجات الفلاحية من المزرعة إلى البيت وجمع التبن وترتيب المحصول وتغذية الحيوانات وجمع الحطب وجلب الماء اللازم للمنزل من البئر على ظهرها، وغيرها من الأعمال الشاقة الكثيرة.

تتحدى الحرارة الشديدة والبرد القارس ولسعات العقارب ولدغات الثعابين، تضع مولدها في البيت دون حاجة إلى المصحات العصرية المجهزة بأحدث التجهيزات رغم أن ذلك يشكل خطرا على حياتها أحيانا، كل هذا وتظل هذه المرأة القروية مثالا يحتدى به في الصبر والإصرار وانتظار اليوم المشرق في حياتهن الذي سيغير واقعن الأليم إلى مستقبل أفضل وأجمل كتتويج لسنوات من المعاناة.

8 مارس، يوم المرأة العالمي، هو مناسبة لاستحضار أوضاع هؤلاء النسوة في ظل معاناتهن من تمييز متعدد الأوجه، ومن تهميش واستغلال، ودعوة إلى حشد الجهود لإنصافهن وتمكينهن من الولوج للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وغيرها من الحقوق الأخرى.

ماذا تنتظر المرأة القروية ؟

انتظارات كثيرة وبالجملة واعتراف من المجتمع بأنها عماده الحقيقي بعيدا عن الخطابات المستهلكة والعقيمة بين حوائط الفنادق المصنفة، تنتظر المرأة القروية التمكين الاقتصادي والسياسي والثقافي الحقيقي وتنتظر المواكبة والتأطير والتواصل، تنتظر أن تشعر أنها وسط مجتمع يحميها و يحمي مصالحها وحقوقها، وفي المقابل لا تريد أن تكون محط حديث مستهلك والتكلم باسمها في المحافل أو في المحاضرات دون تفعيل وأجرأة ما يتم الحديث عنه حول أوضاعها، لا تريد أن تكون محطة لإثارة انتباه المنظمات غير الحكومية المانحة، كل ما تريده هو التنمية الحقيقية على أرض الواقع.

الحكومة تعد بالأفضل 

الحكومة عازمة على ترسيخ حقوق المرأة في الوسط القروي، هذا ما وعد به عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في جلسة مخصصة للسياسات العمومية بمجلس المستشارين، شهر يناير الماضي، مؤكدا أنه “لم يعد مسموحا بأن ترتبط صورة المرأة القروية بالأمية وزواج القاصرات”، وأيضا بالحرمان من حقوقها في التعليم والصحة، والعيش وسط التهميش والإقصاء، والعمل الشاق في السهول والجبال وبين الحقول، ومشاغل البيت وتربية الأبناء.

أخنوش، أكد أنه “آن لهذا الوضع أن ينتهي، من خلال نهج سياسات عمومية، قادرة على إدماج المرأة القروية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وجعلها عنصرا فاعلا في صناعة القرار الترابي”.

الحكومة عازمة من خلال سياسات عمومية مندمجة، يقول رئيس الحكومة، على “تعزيز الإدماج الفعال للمرأة القروية في النسيج الاجتماعي والاقتصادي، من خلال تقليص الفوارق المجالية بينها وبين المجال الحضري، وتعزيز محاربة الأمية في صفوف النساء، بغض النظر عن سنهن، وخاصة في الوسط القروي”، إضافة إلى تعزيز آليات إدماج المرأة القروية في السياسات العمومية، لا سيما فيما يتعلق بتطبيق الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي، إضافة إلى تطوير برنامج “مغرب التمكين” من أجل مزيد من تعزيز الإدماج الاجتماعي، والاستدامة للنساء القرويات.

 

istiqlal
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد