تفشت الجريمة بشكل مخيف في مختلف أنحاء العالم عامة، وفي المغرب على وجه الخصوص، يصدم المغاربة بأخبار متعددة حول جرائم الضرب والجرح، بل والقتل التي يرتكبها الجناة في حق ذويهم وأقاربهم وأصدقائهم، وهناك من تجاوز ذلك ليصل به الحال إلى توثيق تفاصيل الجريمة ونشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وبعيداً عن عالم الجريمة هناك ظواهر أخرى تطفو على السطح وتحتل الصدارة في قائمة المحتوى الرائج على مختلف منصات التواصل الإجتماعي، كالسب والشتم والمشادات العلنية والصور المخلة وغيرها الكثير.
ومنه أجرت المصدر ميديا، حواراً خاصاً مع أحمد متمسك أستاذ باحث في علم الإجتماع، لتسأله عن تحليله السوسيولوجي لبعض الظواهر الإجتماعية الغريبة عن المجتمع المغربي، والتي أصبحت تنتشر بشكل مخيف.
- من منظورك الشخصي ما أسباب تفشي ظاهرة إجرام الأصول في المجتمع المغربي؟
إجرام الأصول من الظواهر التي انتشرت في المجتمع خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة، والعامل الأول حسب ما نراه وما نقرؤه وما يظهر خلال المحاكمات هو المخدرات، حيث أنها تساهم في الهذيان واحياء الغرائز العدوانية لدى من يتناولها خاصة تلك المخدرات السهلة والمتوفرة والرخيصة مثل السيليسيون …، إن هذا النوع من الجرائم الشنيعة التي تصل إلى حد قطع الرأس والتشهير بالجثة يشير إلى أن الجاني فاقد لعقله؛
ثانيا، غياب القيم، مثل: احترام الوالدين الذي أصبح في اندثار، لأن العلاقات أصبحت نفعية مادية بالدرجة الأولى. إن المجتمع المغربي مفهوم ينبغي أن نحلله على اعتبار أنه مجتمع غير متجانس، وذلك بسبب انقسامه لفئات اجتماعية مختلفة؛ ثالثا، هذا النوع من الجرائم شائع أكثر لدى الفئات الاجتماعية الهشة التي تعيش علاقات أسرية مفككة والأب فيها يكون عادة غير مسؤول ولا يعتبر قدوة مثالية لطفله، الشباب مدمنون، عاطلون، وبلا هدف في الحياة.
- هل الفكر المتطرف وضعف الوازع الديني سبب في انتشار الجريمة؟
إن المنظمات الارهابية تستهدف عادة الشباب من الأوساط الاجتماعية الهشة وذوي السوابق الإجرامية، إذ أن التطرف يشترط نماذج معينة من المجتمع يتم دعمهم بالمال، “ها اللي كان كيشفر، كيقتل، كيتحشش حتى ولا متطرف وداك القتل والسرقة اللي كان كيدير ولا شرعي ما بقاش جريمة بالنسبة ليه، ومن الناحية السيكولوجية الناس اللي كيكونوا هشين من السهل توجههم وتسيطر عليهم، بالنسبة ليا اللي عنده وازع ديني بالفعل لازم يكون انسان مسالم”
- ما رأيك في المحتوى الرائج في وسائل التواصل الإجتماعي في المغرب؟
اثبات الذات هو مفهوم مركزي يفسر طبيعة ما يحدث وما ينشر من محتوى عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ففي الحقبة الزمنية ما بين الستينات والثمانينات كان اثبات الذات عند الشباب من خلال التفوق في الدراسة، الإبداع والفن، الرسم، الرياضة كما هو الحال بالنسبة لعويطة والكروج اللذان أثبتا ذواتهما من خلال التفوق الرياضي.
أما ما يقع في المغرب ومن منظوري الشخصي أفترض أن الأجيال التي جاءت بعد تلك الحقبة فقدت أشياء كثيرة جداً، إذ أن دُور الشباب لا تلعب دورها المهم في استقطابهم، والمدرسة عبارة عن تكرار للمعارف ونجح باش ما كان …، وبالتالي أصبح النموذج الطاغي هو: نوصل باش ما كان ونثبت راسي بأي طريقة ومنه أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي فضاء لإثبات الذات عن طريق الإثارة شحال ما عجبتي الناس شحال ما غادي تربح الفلوس وهو نوع من المغالاة كلما كنتي مثير للجدل كيبغيوك الناس، وباختصار شديد تتمحور وسائل التواصل الإجتماعي حول ثلاثة نقاط هي: الجنس؛ التشهير؛ العنف والجريمة.
كما أن الجمهور هو مشارك مهم في عملية ترويج المحتوى التافه، لأنه يشجع هؤلاء على نشر مزيد من التفاهه من خلال المتابعة والتعليق والإعجاب بهذا النوع من المحتوى، بالإضافة إلى أن المدارس لا تُعلم التلاميذ كيفية قراءة الصور والفيديوهات وتحليلها. روتيني اليومي منين لقاو فيه العيالات الفلوس وصلوا فيه للاباحية، ووسائل التواصل أصبحت مصدر رزق ديال الناس اللي مستعدين يقدموا اي حاجة في سبيل المال السهل، وهم على دراية تامة بأن المحتوى الذي يُقدم يمكن أن يتسبب لهم في مشاكل مع السلطات قد تؤدي إلى عقوبات سجنية ومع ذلك يستمرون في النشر تيقول ليك ندخل ونخرج غادي نلقى فلوسي موجودة. كما أن عدم توفر مساحات خضراء ومتنفسات للشباب في بعض المدن يدفعهم للسطحية والفراغ والإدمان على المخدرات.
إن تكوين الذوق المغربي يتم من خلال انتاج فيلم رفيع، ومزاولة للأنشطة المدرسية التي تساهم في تكوين الذوق والحس الجمالي لدى المتعلمين كالأنشطة المسرحية وفنون الرسم والتشكيل والطبخ…، للأسف المدرسة فقدات الذوق الجمالي ديالها، ومن جهة أخرى يجب أن تعيد البرامج التلفزيونية النظر في المواد التي تطرحها لأننا لن نقضي على الكوارث والظواهر السلبية في وسائل التواصل الاجتماعي إلا اذا تم رفع الحس والذوق الجمالي للمشاهد المغربي.
إن الأعمال المصرية والتركية والبرازيلية المدبلجة هي التي أصبحت تشكل الذوق عند المواطن المغربي العادي الذي تعلم جمع المال بالطرق السهلة، بل والأدهى من ذلك أن قيمه بدأت تتأثر بما يراه ويشاهده من خلال ما يتم عرضه من أعمال أجنبية. وفي سياق آخر يجب على الأساتذة والتربويين أن يكونوا نماذج ايجابية للطلاب والتلاميذ، الاستاذ ما خاصوش يعاير في القسم باش ما يعطيش تصور للطالب انه هادي هي الطريقة اللي خاص نقريو بيها، الاستاذ خاص يجي المؤسسة بهندام أنيق يحترم معايير النظرة الجمالية.
بإختصار إلا حيدتي الرياضة والفن والرسم غادي تحيدي أساس تربية الذوق حنا حيدو لينا الكوزينة من المدرسة، وفي الفلسفة حيدو مادة علم الجمال من المقررات يعني حيدو كيفاش ممكن يكون المغربي الذوق الخاص بيه.
- ما صفات المؤثر الجيد الذي يحتاجه المغرب واجهة في منصات التواصل الإجتماعي؟
نريد مؤثرين يبحثون على معلومات علمية، ثقافية، تاريخية، اللي كينقلوا الحضارة الاسلامية والثقافة المغربية، الطبخ المغربي، واللباس المغربي، بغينا نماذج تعكس حضارات البلاد، والإعلام خاص يخدم معاهم ويزيد يبينهم خاص نرفعوا من قيمة الانسان والكرامة ديالو المدرسة خاص تلعب الدور ديالها اللي ما بقاش وكنقصد هنا الدور التربوي ديالها والأساتذه خاص يكونوا نماذج ايجابية تمارس القيم في المؤسسات التربوية.