كتب : محمد الغيث ماء العينين
قررت الدولة في اطار معالجة التداعيات الاقتصادية و الاجتماعية لوباء كورونا فيروس التخلي عن السقف الذي كان محددا كحد اعلى مسموح به لعجز الميزانية. و هو ما يعني ان الانفاق سوف يتجاوز المداخيل بشكل اكبر بكثير مما كان يوصي القيمون على الشأن المالي محليا و دوليا ( البنك الدولي و صندوق النقد ) .. و هذا سوف يعني ان حجم الدين العام الداخلي و الخارجي سوف يرتفعان لان ذلك هو الحل الوحيد لتغطية العجز…
هذا الاجراء ضروري لان مثل هذه الازمات تتجاوز قدرات الفاعلين الخواص و تتطلب اللجوء الى الدولة كرافعة اساسية للاستثمار ( عالى المخاطر) للإبقاء على دوران عجلة الإقتصاد في حدها الادنى و لكي يبقى الاقتصاد في حد مقبول من الجهوزية لما بعد الأزمة ..
الدولة سوف ترفع من نفقاتها ايضا للعب دور الدولة الراعية لحماية الطبقات الاكثر هشاشة عبر اجراءات توسع من دائرة المشمولين بالحماية الاجتماعية و التقليص من هامش الليبرالية الاقتصادية التي لا تتلاءم ابدا مع اوضاع من هذا القبيل …
المحاذير التي يجب أخذها بعين الاعتبار و العمل على عدم السقوط فيها هي ان يزداد الجشع لدى البعض و ان تعتقد بعض الفئات أن اتساع هامش تدخل الدولة الراعية هو فرصة يجب استغلالها للاستفادة من الصناديق المنشأة لمواجهة الأزمة و قد رأينا نماذج من ذلك في مطالب هيئتين الاولى تحدثت باسم قطاع التعليم الخصوصي و الثانية باسم المصحات الخاصة تطالبان فيه بالاستفادة من اموال صندوق مكافة آثار كورونا فيروس .. صحيح انه تم التبرأ من ذلك من طرف منتمين للقطاعين لكن هذه عينة مما قد يقع و ينتشر .. كذلك فالكل يعرف ان نظام راميد يستفيد منه بعض من هو في غنى عن الدعم و مع ذلك سوف يزاحم المحتاجيين الحقيقين للاستفادة من منحة الالف درهم …
إن الانفاق العمومي الذي رصد اليوم لمواجهة الازمة الحالية هو جهد استثنائي و يتطلب منا جميعا سلوكا تضامنا مثاليا و إلا فإننا سوف نجد انفسنا خلال سنوات قليلة جدا امام ازمة اقتصادية تتجاوز بكثير الازمة الحالية يجب علينا كمغاربة ان نختار بين اسلوبين لا ثالث لهما في تعاملنا مع الازمة و مع الامكانيات التي تم تحصيلها بمشقة و التي اغلبها دين سوف يتوجب علينا اعادته لاصحابه :
– الاسلوب الأول هو المنطق الانتهازي الذي لا يعبأ بالعواقب أي كما يقول المثل الشعبي ” اليوم قصعة ( gas3a) و غدا نسعى )
– الاسلوب الثاني هو التعامل مع هذه الامكانيات كمال اليتيم ” من احتاج يأكل بالمعروف ( دون اسراف) و من استغنى يستعفف ”
و لنعلم جميعا ان التاريخ سوف يشهد على جيلنا كيف تعامل مع هذه الازمة و أي مغرب سوف يُخَلِّفُهُ للاجيال القادمة
محمد الغيث ماء العينين
سلا الاثنين 6ابريل 2019