نفى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وجود “بلوكاج” في مسار التعديل الحكومي الذي كلفه به الملك محمد السادس، مؤكداً أن تدبيره يتم بطريقة “مناسبة”، وهو التصريح الذي ناقدته جملة وتفصيلا وقائع وأحداث حرك تفاصيلها كل من حزب “الإتحاد الإشتراكي” و”حزب التقدم والإشتراكية”، حملة مضامينها رسائل سياسية مشفرة، وضعت معها مصير التحالف الجديد ضمن مخاوف إعادة سيناريو بلاغ “إنتهى الكلام” لحكومة رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران.
فإذا كان العثماني في كلمة له خلال افتتاح أشغال الملتقى الجهوي النسائي، الذي نظمته الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية، بتنسيق مع منظمة نساء العدالة والتنمية، يوم الأحد بالدار البيضاء، قد حاول در الرماد في العيون قائلا: “التعديل الحكومي يتم تدبيره بطريقة سليمة وسلسة.. إذ إن المرحلة الأولى، والتي تهم الهيكلة الجديدة للحكومة، انتهت”، فإن تصريحات متناقضة عبر عنها الكاتب الاول لحزب الإتحاد الإشتراكي إدريس لشكر الأخيرة عن عمق أزمة “بلوكاج” تعيق أو يمكن أن تعيق إخراج حكومة العثماني الثانية للوجود، بعد تصريحات وصف فيها حزب العدالة والتنمية بـ”الرجعي والمتطرف”، محملا إياه مسؤولية ما وصفه بالتراجعات في مجال الحريات وتمثيلية المرأة، داعيا جميع التنظيمات اليسارية.. لتشكيل جبهة يسارية بقيم اليسار لمواجهة هذا المد.
كما انتقد لشكر، في سياق آخر، حزب التقدم والاشتراكية (الحليف الرئيسي للمصباح داخل التشكيلة الحكومية) بعد موقفه الرافض لترشح الحبيب المالكي عضو المكتب السياسي لحزب الوردة، لرئاسة الغرفة الأولى للبرلمان دون مساندتهم له، قائلا: “لقد فوجئنا من التلميذ النجيب أنه صوت ضد رئاسة الاتحاد الاشتراكي لرئاسة مجلس النواب”.
كما كشف نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عن أزمة غير معلنة، بعد ان صرح على هامش المؤتمر الوطني الثامن لشبيبة الحزب، أن “هناك من يروج عن قصد من داخل أوساط بئيسة كلام عن إخراج الحزب من الحكومة، وكأن حزب التقدم الاشتراكية هو من يشكل حجر عثرة أمام العمل الحكومي”.
وقال بنعبد الله أن “التعديل نعم لكن من أجل ماذا؟، إذا كان هناك تعديل فهناك أوضاع تنادي لهذا التعديل، بمعنى ان هناك حاجة إلى سياسة أخرى إلى توجهات جديدة لقيادة مسار التغيير الذي أكد عليه جلالة الملك في خطابه الأخير، مشدد على أنه إذا توفرت الشروط التي نادينا ولا زلنا ننادي بها ضمن مسار التشكيل الحكومي الجديد، “يمكن نكملوا ذاتنا ونكملوا هذا المسار، أما إذا بدا لنا ان هذا الأمر غير وارد سنتحمل مسؤوليتنا الخاصة، في انتظار تقديم رئيس الحكومة لرؤية واضحة حول النقط والتفاصيل الكبرى التي أكد عليها بلاغ الحزب الأخير.
كما تحدثت مصادر من داخل احزاب الأغلبية بشكل مباشر أو غير مباشر على ان العملية شابها ولايزال نوع من التعثر والتوتر، وهي الحقائق التي نفاها رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، الذي تحدث خلال الجمع العام التأسيسي لمؤسسة الدكتور عبد الكريم الخطيب للفكر والدراسات، قائلا أن البلوكاج مجرد وهم في عقول أصحابه، وأن لا وجود لأي “بلوكاج” يعيق إخراج حكومته الثانية للوجود، وأن الحكومة ستخرج بالطريقة المعهودة.
وقائع وأحداث تكشف بجلاء على أن هناك ازمة غير معلنة، يحاول العثماني جرها بعيدا عن أعين المتتبعين لمسار تشكلها، فيما تحاول الأحزاب الأخرى تصريفها بطرق سياسية متعددة عبر بلاغات غامضة المعاني وتصريحات متناقضة مع ميثاق أخلاق الأغلبية، من اجل لعب ورقة الضغط السياسي على العثماني وحزبه الذي يخشى تكرار سيناريو “إنتهى الكلام”، الذي عجل بإعفاء رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران من مهمة الرئاسة التي أدخلت العثماني على خط الأزمة وسمحت له بإعادة دفة مسار “التحالف الحكومي الهش”.
يذكر ان الملك محمد السادس استقبل، يوم السبت الماضي، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، واستفسره عن مصير التعديل الحكومي، بعد قرابة شهرين من خطاب عيد العرش الأخير الذي تحدث فيه الملك عن قضايا ذات أهمية في مقدمتها دعوة العثماني إلى تقديم مقترحات خاصة بتجديد حقيقي وفعال للمناصب الحكومية والإدارية.