البرامج التلفزية المغربية الرمضانية لعام 2019: تفوق في الدراما وإخفاق في الكوميديا

بعد انتهاء شهر رمضان المبارك لعام 1440 – 2019، يقف المتلقي المغربي لحظة من الزمن ليطرح التساؤلات التالية: هل كانت الأعمال التلفزية المقدمة في شهر رمضان في مستوى تطلعات وانتظارات المشاهد؟ هل اختيار برامج وقت الذروة كان موفقا أم لا؟ هل برامج المقالب “الكاميرا الخفية” حقيقية أم ضحك على الذقون؟

مسلسل “الماضي لا يموت”.. حبكة درامية متقونة ومتابعة جماهيرية واسعة 

أحداث مليئة بالإثارة والتشويق تلك التي عرفها مسلسل “الماضي لا يموت” لمخرجه هشام الجباري، والذي شارك فيه ثلة من ألمع نجوم الشاشة المغربية حققت شهرة واسعة في السينما والتلفزيون وشاركت في العديد من الأعمال الناجحة كرشيد الوالي، وأمين الناجي، وعبد الله ديدان، وعمر لطفي، وفاطمة خير، وصفه المشاهد المغربي بالدراما الجيدة والمحبوكة وحقق متابعة جماهيرية واسعة خلال الشهر الفضيل وكسبت به القناة الأولى رهان السباق الرمضاني.

أحداث المسلسل تدور حول أسرة محامي مشهور يعيش حياة عادية رفقة أسرته، وفجأة تنقلب حياته كليا بسبب أحداث وقعت في الماضي، وستتسبب في مشاكل تهدد استقرار العائلة.

مسلسل “رضاة الوالدة 2”.. دراما مشوقة بقيمة وجدانية قوية 

عناصر الإمتاع والإقناع والإبداع، حضرت بقوة في مسلسل “رضاة الوالدة 2” لمخرجته زكية الطاهيري التي راهنت على عدد من الوجوه الشابة لتشخيص أحداثه، والذين توفقوا إلى حد بعيد في إيصال ما كان منتظرا منهم إلى الجمهور في قالب درامي عاطفي مشوق يبرز مكانة الأم داخل المجتمع، ودورها في الحفاظ على تماسك الأسرة والعائلة، إذ يعتبر احترام الأم وتقديرها وطاعتها طمعا في نيل رضاها، ذلك الرابط المقدس الضامن للاستقرار.

أحداث المسلسل تدور في قالب من الانتقام والثأر، ظهرتا فيه الممثلتين فاطمة هراندي المعروفة بـ “راوية” والسعدية أزكون بمستوى تشخيصي مميز للغاية.

مسلسل “الدنيا دوارة” .. دراما ممتعة 

من بين الأعمال الدرامية الناجحة التي حققت نسبة مشاهدة عالية خلال شهر رمضان، مسلسل “الدنيا دوّارة” لمخرجه محمد نصرات، الذي شارك فيه ثلة من الممثلين المغاربة الأكفاء أمثال إدريس الروخ، محمد خوي، عزيز حطاب، السعدية أزكون، ومنى فتو وآخرون، مسلسل بحبكة درامية قوية يتناول قضايا الفوارق الطبقية  والمنافسة والتجارة من خلال عائلتين كانتا تسعيان إلى مستقبل آمن ومستقر يطبعه الود والتقاهم، لكن شاءت الظروف أن يتحول الود والتقاهم إلى حرب حامية الوطيس بينهما لتشعل فتيل الانتقام.

“حديدان عند الفراعنة” .. سقط في المحظور

مسلسل “حديدان عند الفراعنة” لمخرجه إبرهيم شكيري، سقط في النمطية والملل ولم يحقق المتابعة الجماهيرية المعهودة، على اعتبار أن شخصية “حديدان” تم توظيفها بشكل مستهلك رغم إمكانية التصوير الهائلة التي سخرت للعمل بمدينة ورزازات “هوليوود إفريقيا”.

نقطة الضوء الوحيدة للمسلسل كانت من ناحية الأزياء والأكسسوارات المبهرة، أما من ناحية طبيعة العمل وعلاقته بالجمهور، فقد فضل الجمهور مشاهدة شخصية “حديدان” في مكانه الطبيعي “البادية” حيث تألق فيه الممثل كمال كاظمي مع المخرجة فاطمة بوبكدي في الأجزاء السابقة.

سلسلات كوميدية بمواقف متفاوتة

كان المتفرج المغربي على موعد مع عدد من السلسلات الكوميدية، “نهار مبروك”، وهي سلسلة بمواقف كوميدية متجاوزة ومتواضعة سقطت في مستنقع الكوميديا المجانية التي لا تناسب تطلعات الجمهور، في حين سلسلة “بنت باب الله”، للمخرجة فاطمة بوبكدي وبطولة دنيا بوطازوت التي تسافر على متن دابة رفقة ابنها في رحلة مليئة بالمواقف الساخرة بحثا عن الأب المفقود، نالت استحسان الجمهور الذي اعتبر أن المخرجة بوبكدي توفقت في اختيارها والتي هي دائما ما تقتبس من التراث الشعبي والفلكلور المغربي التقليدي.

سيتكوم “همي ولاد عمي”.. رداءة وابتذال وقت الذروة

من النقط السوداء للسباق الرمضاني لهذه السنة، سيتكوم “همي ولاد عمي” لمخرجه هشام العسري الذي أثار موجة انتقاد واسعة بسبب رداءته وما وصفه المتابعون بـ “الحموضة”، غياب المواقف الكوميدية الهادفة، سيناريو أقل من ضعيف، غياب الفرجة والترفيه، كان ضحيته المشاهد المغربي الذي امتعض من هذه الأعمال التي لا تعطي أي قيمة للإنتاجات الوطنية ولا تشكل أي إضافة للممثلين المشاركين فيها.

سيتكوم “البهجة ثاني” .. البديل الباهت 

الجزء الثاني من سيتكوم “البهجة ثاني” الذي بثته القناة الثانية خلال وقت الذروة، كان بمثابة البديل عند المشاهد الذي لا يتابعه نظرا لجودة محتواه وإنما فقط لغياب المحتوى الجيد في غيره خلال وقت الذروة.

المشاهد المغربي اعتبر أن الممثل محمد الخياري هو نقطة الضوء الوحيدة في هذا العمل من خلال مواقفه و قفشاته الكوميدية التي أضاءت ما حولها من ظلام إبداعي.

“الكاميرا الخفية”.. تحت الصفر

برامج المقالب أو ما يصطلح عليها بالعامية “الكاميرا الخفية” كان تقييمها تحت الضعيف من طرف المشاهد أولا لرداءة المحتوى، وثانيا مرورها وسط سيل جارف من الوصلات الإشهارية.

“كاميرا فاشي” أجمع عليها الجمهور أنها مفبركة معلقين عليها بعبارة “باينة للعمى” لكن دون أدلة قطعية تثبت صحة الادعاءات، غياب الدقة والإبداع لإقناع المشاهد بالمقالب رمت بها في بحر الانتقادات، نفس الشيئ بالنسبة لـ “مشيتي فيها” سوى أن هذه الأخيرة تفوقت على الأولى من ناحية اختيار فضاءات التصوير، ليبقى سؤال المشاهد يتكرر كلما حل شهر رمضان من كل سنة : “لماذا التكرار ورفض التجديد والأفكار”؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد