كشفت الأحداث الأخيرة، كما كشفت سابقاتها، عن حدة الأزمة التي يعيشها حزب الأصالة والمعاصرة، والتي كان آخرها إنتخاب سمير كودار رئيسا للجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب الوطني، الذي من المرتقب أن يعقد قبل نهاية هذه السنة، وهو الإنتخاب الذي إعتبرته الأغلبية المطلقة لأعضاء اللجنة عملية غير شرعية، مصطفين بذلك في صف الأمين العام للحزب حكيم بنشماش.
إنتخاب كودار أدخل الحزب في دوامة الصراع القائم والمستمر، بعد أن قرر معارضو بنشماش “تنصيب” عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب رئيسا لها، ضمن إجتماع إنعقد يوم السبت 18 ماي، دام من الرابعة مساء إلى الحادية عشر ليلا، استهل باقتراح من طرف بنشماش يقضي باعتماد التوافق في اختيار رئيس اللجنة التحضيرية، و لهذا الغرض تشكلت لجنة مصغرة، اشتغلت لساعات دون التوصل إلى حل متوافق عليه، قبل أن تقدم اللجنة التحضرية مقترحا بأن تعود رئاسة اللجنة التحضيرية لميلودة حازب وأن يكون نائبها هو سمير كودار، وهو المقترح الذي رفضه بنشماش، وطالب بانتخاب رئيس اللجنة التحضيرية بالاقتراع العلني، حيث قدم سمير كودار ترشيحه إلا أنه وبينما حاول الأمين العام الإنطلاق في مسطرة الإنتخاب إنطلقت الهتافات بإسم كودار والتصفيق والصراخ، وهو ما اضطر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى رفع اجتماع اللجنة التحضيرية، ليتم في ظل غيابه انتخاب سمير كودار، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، لرئاسة اللجنة المذكورة.
وإعتبر حزب الأصالة والمعاصرة، في بلاغ له، أن اجتماع اللجنة التحضيرية شهد «صعوبات وعقبات اصطدمت بها جهود ومساعي بلورة صيغة توافقية لهيكلة اللجنة التحضيرية»، وانه خلال شروع الأمين العام في مباشرة مسطرة فتح باب الترشيحات بشأن رئاسة اللجنة، «عمد البعض إلى خلق بلبلة أفضت إلى إعدام كل الشروط الموضوعية والسليمة لمواصلة أشغال الاجتماع، بما في ذلك التطاول على اختصاصات الأمانة العامة للحزب»، وفي الوقت الذي تتشبث فيها الجهات الغاضبة في الحزب بسمير كودار، رئيسا للجنة التحضيرية، أعلن الأمين العام أنه سيتم تحديد تاريخ اجتماع آخر للجنة وذلك في لقاء طارئ للمكتب السياسي.
وفي ذات السياق وقع 90 عضوا من اللجنة التحضيرية لمؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، الأحد، بيانا بعنوان “الشرعية والمسؤولية”، اعتبروا فيه أن عملية انتخاب سمير كودار رئيسا للجنة عملية غير شرعية، مؤيدين بذلك رواية الأمين العام للحزب حكيم بنشماس، ويمثل الموقعون الأغلبية المطلقة من أعضاء اللجنة التنفيدية، وأبرزهم محمد الشيخ بيد الله، والعربي المحرشي، وبلفقيه سمير، وابتسام عزاوي، وحازب ميلودة، وخالد أدنون.
وقال الموقعون إن اجتماع اللجنة عرف “إنزالا للعديد من الأخوات والإخوة الذين ليسوا أعضاء في اللجنة التحضيرية، كما أنه تم تسجيل العديد من الممارسات المنافية لأخلاقيات العمل الحزبي وضوابطه، لعل من بينها اقتحام قاعة الاجتماعات بالقوة قبل انطلاق أشغال الاجتماع، وتسييد ممارسات تسيء لأدبيات الحزب وشعاراته”، معتبرين أن ” تنصيب أحد المرشحين لنفسه (سمير كودار) رئيسا للجنة التحضيرية بعد رفع الجلسة من طرف الأمين العام مسألة غير شرعية، كما أن الاستحواذ على المنصة من قبل “رئيس” المكتب الفيدرالي رفقة المرشح المذكور سلوك لا يحترم سلطة المؤسسات الحزبية، ويخرق قواعد العملية الانتخابية والسلوك السياسي السليم، وهو ما يستوجب المحاسبة وفقا للضوابط التنظيمية والتأديبية والسياسية”.
وشدد الموقعون على أن الروايات التي يروج لها خصوم بنشماش“مغالطات إعلامية لا أساس لها من الصحة. وهي مناسبة لكي نعبر عن أسفنا العميق لما آلت إليه الأوضاع التنظيمية بالحزب نتيجة المصادرة الممنهجة لوظائف المؤسسات الحزبية، والإصرار على خرق القوانين التنظيمية للحزب في مناسبات متعددة”.
وأيد الموقعون رواية بنشماس.
وأيد الموقعون رواية بنشماس.
وفي تصريح قوي للناطقة الرسمية للبام وعضوة المكتب السياسي لحزب الجرار، أكدت خديجة كور، على ان إجتماع اللجنة التحضرية “شهد عددا من الخروقات، من خلال القيام بإنزالات بالقوة داخل القاعة للأعضاء وعضوات ليسوا بأعضاء داخل اللجنة التحضيرية”، موضحة على ان “قيام بعض المناضلين والمناضلات بممارسات متنافية لأخلاقيات العمل الحزبي الشئ الذي أربك الإجتماع مذ بدايته”، مشددة على أن حزب الأصالة والمعاصرة على مستوى المكتب السياسي وكل الأجهزة الوطنية للحزب عازمون على اتخاذ كل الإجراءات في حق المخلين بالمقتضيات القانونية والنظامية لحزبنا، والمخلين بأخلاقيات العمل السياسي، وعازمون أيضا على الانتصار لمنطق الشرعية والمسؤولية في المرحلة الدقيقة التي تمر منها بلادنا ويمر منها حزبنا”.
وفي الجهة الأخرى، قادت الصفحة الرسمية لمنظمة شباب الأصالة والمعاصرة على موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك” حملة “شرسة” على الأمين العام للحزب حكيم بن شماش وتياره، مروجة في المقابل أخبارا “إيجابية” عن تيار فاطمة الزهراء المنصوري وعبد اللطيف وهبي وغيرهما.
كما هنأ كل من فاطمة الزهراء المنصوري ومحمد الحموتي، رئيسا المجلس الوطني والمكتب الفدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة، سمير كودار بعد انتخابه رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب. وقالت المنصوري، “تلقيت بأمل كبير وتفاؤل ما تحقق، يوم أمس السبت، بانتخابكم من لدن الأعضاء الرسميين للجنة التحضيرية للمؤتمر”. وأضافت “سرني كثيرا أن انتخابكم أتى بأغلبية الأعضاء وبتصويت علني، بفضل عزيمة وصمود الجميع وحرصهم على احترام السلوكيات الديمقراطية التي تماشى وأنظمة وقوانين حزب الأصالة والمعاصرة”.
من جهته قال الحموتي في تهنئته لكودار “يطيب أن أتقدم إليكم بصادق التهنئة بمناسبة فوزكم، يوم أمس السبت، برئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، بأغلبية ساحقة، في جلسة تصويت علني، ساهم فيه عضوات وأعضاء اللجنة التحضيرية الذين حضروا بناء على دعوة رسمية، وتلا أسمائهم السيد الأمين العام في بداية الاجتماع”.
من جهة أخرى، قال عضو المجلس الوطني لحزب الاصالة والمعاصرة هشام الدفلي في تصريح للمصدر ميديا” لابد من الإستكانة إلى منطق ضبط النفس وكما نقول بالدارجة “خلي الماء يجري”، مؤكدا على الدعوة إلى تكثيف الجهود والإلتفاف حول الحزب ومشروعه، بعيدا عن الحسابات الضيقة والشخصية، مطالبا بنكران الذات والعمل معا من اجل إخراج الحزب من عنق الزجاجة.
هذا وقد أصدر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، يوم الإثنين 20 ماي 2019 ، بالرباط ، بعد اجتماعه إخبارا للرأي العام الحزبي والوطني، حول سحب تفويض رئاسة المكتب الفدرالي الذي سبق أن أسند من قبل الأمين العام لمحمد الحموتي بمقتضى اتفاق 5 يناير 2019، وترأس الأمين العام للمكتب الفدرالي مجددا، وفقا لمنطوق المادة 39 من النظام الأساسي، إحالة ملف اجتماع تشكيل اللجنة التحضيرية على لجنة الأخلاقيات للبث القانوني في مجمل التجاوزات والخروقات المسجلة، مع التأكيد على مواصلة أشغال اللجنة التحضيرية وما نتج عنها، بعد رفع الجلسة من قبل الأمين العام عملا غير قانوني، ولا يخضع لقواعد الشرعية التنظيمية والسياسية.
داعيا في ذات السياق الى ضبط النفس والعودة الى الالتفاف حول شرعية المؤسسات الحزبية.
داعيا في ذات السياق الى ضبط النفس والعودة الى الالتفاف حول شرعية المؤسسات الحزبية.
يذكر أن حزب الجرار يعيش على وقع أزمة داخلية حادة، وصراع بين “الأخوة الأعداء”، تحت قيادة أمينه العام الجديد حكيم بنشماش، كشفت عنها مجموعة من الأحداث، بين تيار يقوده أحمد أخشيشن رئيس مجلس جهة مراكش آسفي والأمين العام للحزب بالنيابة، الذي يرى في بنشماش رجلا غير قادر على قيادة الحزب في مرحلة ما بعد العماري، وتيار آخر يقوده الأمين العام ورئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماس، يرى في خصومه مجموعة من المنقلبين على الشرعية.