لقاء جنيف حول الصحراء المغربية: إحياء لعملية التفاوض المتوقفة ومقترح الحكم الذاتي الحل الأنجع لإنهاء الأزمة
انطلقت أمس الأربعاء بمقر الأمم المتحدة في جنيف، جلسة نقاش حول قضية الصحراء المغربية والتي ستستمر لمدة يومين بحضور الأطراف الرئيسية لهذا النزاع المفتعل وهي: المغرب والجزائر و جبهة “البوليساريو” وموريتانيا، وذلك في محاولة لإحياء المفاوضات المتوقفة منذ 2012.
الأمم المتحدة تحيي عملية التفاوض المتوقفة
اعتبرت الأمم المتحدة أن المائدة المستديرة التي تحتضنها جنيف أنها “خطوة أولى نحو عملية تفاوض جديدة، بهدف التوصل إلى حل دائم وعادل ومقبول من الأطراف”، كما يراهن الألماني هورست كولر، المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء المغربية الذي يملك تجربة سياسية كبيرة خاصة في مجال التفاوض، على هذه المحطة الحاسمة من أجل “تقييم التطورات منذ الجولة الأخيرة من المفاوضات حول الصحراء المغربية سنة 2012 ومعالجة القضايا الإقليمية والخطوات التالية المتعلقة باستئناف العملية السياسية”، في ظل فشل أكثر من مسؤول أممي ومبعوث في إيجاد حل لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والقائم منذ سبعينيات القرن الماضي.
مجلس الأمن الدولي، صوت شهر أكتوبر 2018، على تقليص ولاية مينورسو مرتين مدة 6 أشهر، بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على خلفية تكلفة البعثة وجمود المسار السياسي وهو ما أكده عدد من الخبراء في قضية الصحراء المغربية أن التنصيص على مثل هذه التوصية “فيه تهديد للاستقرار والأمن في المنطقة، واستجابة واضحة لابتزاز الجهات المناوئة لوحدة المغرب الترابية، لأنه يهدف إلى المس بالسيادة الفعلية والعملية للمملكة المغربية على الأقاليم الجنوبية”.
جدول أعمال المائدة المستديرة بجنيف يتضمن حسب الأمم المتحدة عناوين غير واقعية تتعلق بـ”الوضع الحالي والاندماج الإقليمي”، و”المراحل المقبلة للمسار السياسي”.
آخر جولة من المفاوضات، كانت قد أجريت شهر مارس من عام 2012 برعاية الأمم المتحدة، لم تأت أكلها ولم تقدم أي حلول ناجعة وملموسة وعملية حول النزاع المفتعل في قضية الصحراء المغربية، وذلك في ظل تشبث جميع الأطراف في النزاع بمواقفها.
جبهة البوليساريو تعرقل عملية التفاوض
جبهة البوليساريو ترى أن “كل شيء قابل للتفاوض باستثناء الحق الدائم والثابت للشعب الصحراوي في تقرير مصيره”، وذلك وفق ما أكده محمد خداد، رئيس لجنة الشؤون الخارجية للبوليساريو، لوكالة الأنباء الفرنسية.
وأكد الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء “أن المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”، مقترحا على الأشقاء الجزائريين “إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها، كما ندرك أن مصالح شعوبنا هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة بيننا”.
وتشارك الجزائر، الداعم الرئيسي “للبوليساريو”، في لقاء جنيف بصفتها “بلدا جارا” حيث تدعو إلى إجراء “مفاوضات مباشرة، صريحة ونزيهة” بين المغرب والبوليساريو، بهدف التوصل إلى حل نهائي في قضية الصحراء،حسب بيان رسمي صدر مؤخرا.
وحسب ما ذكرته مصادر جزائرية، فإن النقاش حول “الوضع بالمغرب العربي” هو الذي “يفسر حضور الجزائر وموريتانيا” في جنيف.
مقترح الحكم الذاتي هو الحل
قدم المغرب حلا وسطا لإيجاد مخرج نهائي في قضية الصحراء والمتمثل في مقترح الحكم الذاتي.
وحظي مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية بمصداقية كبيرة لدى المنتظم الدولي، وحسم المغرب موقفه من النزاع المفتعل حول الصحراء باختيار الحكم الذاتي، في إطار سياسة جهوية موسعة تشمل كل جهات البلاد.
حل الحكم الذاتي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية تقدم به المغرب منذ سنة 2007 بمبادرة رسمية ترأسها الملك محمد السادس، وقد شكلت هذه المبادرة رغبة حقيقية من جانب المغرب في وضع حد للصراع المفتعل، ولاقت ترحيبا من قبل العديد من الجهات الإقليمية والدولية التي اعتبرت هذه المبادرة حلا جريئا ومنطقيا لإطفاء فتيل الأزمة.
وتعتبر هذه المبادرة بمثابة ثمرة مسلسل تشاوري موسع على المستوى الوطني والمحلي، انخرطت فيه جميع الأحزاب السياسية والمنتخبين والمواطنين بالمنطقة، من خلال المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، للوقوف على مختلف وجهات النظر المتعلقة بصياغة مشروع للحكم الذاتي في الصحراء.
وتم إجراء مشاورات على المستويين الإقليمي والدولي حول مبادرة الحكم الذاتي من أجل الاطلاع على وجهات نظر البلدان المعنية بهذا النزاع المفتعل.
ويضمن المغرب للصحراويين من خلال مبادرة الحكم الذاتي مكانتهم اللائقة والمستحقة ودورهم الكامل في مختلف هيئات الجهة ومؤسساتها، بعيدا عن كل أشكال التمييز أو الإقصاء، حيث سيتولى الصحراويون وبشكل ديمقراطي، تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع باختصاصات حصرية وتوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كل المجالات تحت السيادة المغربية.