الفراغ في شهر الصيام.. نعمة مغبون فيها كثير من الناس

إذا كان الترغيب عن الفراغ واللهو بما لا طائل وراءه مقصدا شرعيا في سائر أيام السنة، فلا ريب أن البعد عن الكسل وفراغ اليد مطلب جوهري في شهر الصيام.

ويحرص الصائمون على الإكثار من الأعمال النافعة في هذا الشهر الفضيل، رغبة في التطبع بفعل الخير والتعود على عمل البر والقطع مع ما سلف من تفريط وتقصير، سيما وأن الأجر في رمضان مضاعف تبعا لمنزلته العظيمة.

تختلف أوجه اغتنام لحظات الشهر المبارك بتعدد ميول الأشخاص، فمن الناس من يكرس جل أوقات الشهر للاستزادة من المعارف بأنواعها، ومنهم من يفرغ سحابة يومه للعبادة، ويرى فيه آخرون فرصة لأعمال الإحسان والتعاضد، وغيرها من تجليات الانشغال بالعمل الصالح.

وقد برزت في الآونة الأخيرة عادات حسنة تتساوق مع طبيعة الشهر الكريم، من قبيل موائد الرحمان وتوزيع القفف الرمضانية، وأداء الديون عن المحتاجين، إلى جانب تعزيز الفعل الفكري والثقافي، خاصة المسابقات المتصلة بحفظ القرآن وتجويده، والكراسي العلمية، وما شاكل ذلك.

غير أن الشهر الكريم أضحى يقترن أيضا في أذهان الناس ببعض الظواهر الاجتماعية الشاذة والمنافية لجوهر الصيام، خاصة تعكر المزاج والمناوشات اللفظية والجسدية ومظاهر التكاسل والتثاقل.

ولا شك أن هذه السلوكات السلبية تتصل، في أغلبها، بالفراغ المفضي إلى الغبن الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ”.

في هذا الإطار، يعتبر المنسق التربوي الوطني ببرنامج محو الأمية بالمساجد، عبد الرحمان الخالدي، أن وقت الفراغ بمنطوق الحديث الشريف نعمة لا تقل أهمية عن نعمة الصحة والسلامة الجسدية، ذلك أن استثماره بالشكل الجيد يعود بالنفع على الفرد والمجتمع، فيما يكون سوء استغلاله مظنة لاكتساب العادات السيئة والأخلاق المشينة.

وقال السيد الخالدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “الناس عموما في علاقتهم بوقت الفراغ في رمضان، كما في سائر الأيام، صنفان: صنف يكون له مستغلا ومستثمرا يجني منه فوائد ومنافع جمة، وصنف يكون له مضيعا، وحتما سيكون نادما على كل ما فرط فيه من أعمال البر والخير”.

ولاحظ الباحث في الفكر واللغة أنه إذا كان الإنسان مدعوا لحسن استغلال الوقت حتى يكون له لا عليه، فإن ذلك آكد وأبلغ في شهر رمضان، منبها، في هذا الإطار، إلى ضرورة وضع مخطط شهري يشمل مجالات العبادة والعمل والأعمال المنزلية، من أجل الاستغلال الأمثل والحسن للشهر المبارك.

كما حث على استثمار الفرص المرتبطة بالشهر الفضيل، من قبيل الصلاة والقيام وقراءة القرآن وتدبره ومدارسته وتدريسه داخل الأسرة، والسعي في قضاء حوائج الناس وتقديم العون للمحتاجين، وصلة ذوي الأرحام، والتصالح مع قراءة الكتب.

وانتهى السيد الخالدي إلى أن “الشهر الفضيل مدرسة لا يتخرج منها المرء بعد أيام معدودات إلا وقد ترقى في مدارج الطاعات، إلا وهو إلى الله بفعل الخيرات أقرب، إلا وقد تزود بما به يواصل السير استعدادا وشوقا لرمضان قادم”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد