20 فبراير مابين الذكرى والمشروع البديل

قبل الحراك العربي، كان المنطق السائد أن أي تغيير في حالة الكساد السياسي التي تعيشه دولنا المتخلفة ديموقراطيا، ستحسمه تيارات فكرية مؤطرة “بفتح الطاء” كأحزاب أو جماعات ومؤطرة للشعب، وعندها قدرة لتحريك الشارع سواء يسارية أو يمينية وما حدث كان مفاجأ تماما وللجميع حيث المد البشري الذي انتفض ضد  الأنظمة كان جله من الشباب اللامنتمي سياسيا و الغير مقيد برغبات أو أوامر قيادات من أي نوع كان؛ الأمر الذي شكل صدمة للأنظمة التي كانت تسيطر على الشارع عن طريق قيادات معروفة ومحددة القياس والحجم وذات أدوار ومجال تحرك محدد سلفا ومخططا له في أقبية المخابرات ومن طرف منظري الأنظمة العربية ؛ الشيء الذي دفع بالأنظمة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تدفع باتجاه تجميد الحراك، منها انفتاح سياسي مؤقت و خطوات اقتصادية تدفع بالمواطن للإحساس برفاه مؤقت ما لبث أن تلته قرارات خطط وخطوات جديدة في اتجاه إعادة مارد الشعب إلى الحضيرة عن طريق تشتيت صف الحراك الشعبي والسيطرة على مكوناته البعض منه بالجزرة والبعض بالعصا .

في مثل هذا اليوم منذ ست سنوات خلت، وبعد ما سمي بالربيع العربي الذي اجتاح العديد من الدول العربية، وظل المغرب في منأى عن أي حراك اجتماعي بشكله الذي عرف في بلدان أخرى وهو الامر الذي يطرح العديد من التساؤلات، هل كان الاستثناء المغربي قبل الحراك العربي صمام أمان؟ أو هل يمكن الحديث فعلا على وجود عبقرية مغربية استطاعت التعامل مع الأمر بذكاء؟ بعد كل هذا ظهرت حركة 20 فبراية المغربية، حركة جاءت في سياق تاريخ معين على إثر تراجعات كبيرة عرفها المغرب في ملفات متعددة لعل أهمها، حقوق الانسان، البطالة، الغلاء المعيشي، اقتصاد الريع وللمطالبة بدستور يحترم تطبيق القانون.

اليوم وبعد مرور سنوات على ظهور “20 فبراير” التي حركت البعض من الملفات الراكدة، والتي ساهمت في فتح نقاش موسع حول تعديل دستور 2011، وبعد المظاهرات السلمية والنزول الى الشارع، نحن في حاجة ماسة الى حركة 20 فبراير، ولكن  في اطار تنظيمي معين، تدق ناقوس الخطر كلما كان الأمر يتعلق بتراجع عن مكتسبات، أو تخادل عن المطالبة بكل ما من شأنه أن يحقق العدالة الاجتماعية.

خصوصا في ظل تخادل الأحزاب السياسية عن القيام بدورها الحقيقي، وهذا الأمر يجعلنا نطرح السؤال التالي أين هي هذه الحركة؟، لماذا لا تحافظ على تواجدها بشكل يجعل منها فاعلة أكثر في المجتمع المدني وقوية  على الساحة السياسية؟ وللتواجد بهذا الشكل يجب أن تتحرر الحركة من ارتباط نشاطها بالشارع فقط ، رغم أنه لايمكن لنا أن ننكر ماتقوم به هذه الاحتجاجات من ضغط لتحقيق المطالب ولكن في نفس الوقت هناك آليات أخرى يجب الاهتمام بها من أجل الاستمرارية، لأن النزول الى الشارع ليس دائما الحل الأمثل للمطالبة بالحقوق، ولايجب أن تظل الحركة تسير بشكل عشوائي، وكما يقول الدكتور عبد الرحيم العطري ” عليها أن تعي جيدا أنها لن تصنع التغيير بمفردها، وإنما بتعاون مع آخرين في الواقع وفي الافتراضي”، لهذا فنحن اليوم بحاجة ماسة الى حركة عشرينية فبرايرية حاملة لمشروع مجتمعي قادر على مواكبة مشاكل المجتمع وطرح الحل البديل. كل ذكرى والوطن بألف خير.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد