وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة …

لما كانت الأسرة هي الملجأ الاول والأهم للفرد داخل المجتمع وحصنه المنيع الذي يلجأ إليه في السراء والضراء ، كان المواطن في الماضي يتعامل مع المشاكل التي يعاني منها والتي كانت في الغالب ذات بعد اقتصادي أو من طينة أخرى، على أساس أنها تحدي خارجي وعدو أجنبي عليه وأن من بين وسائل الصمود أمامها كانت الاسرة ، والتي يعتبر التكامل داخلها ينفع كثيرا لتجاوز تحديات الحياة ومشاكلها اليومية، فكانت الأسرة الصغرى بل وحتى الحي الذي نسكن فيه يمثل قلعة آمنة لنا ولأولادنا فتتضامن العوائل فيما بينها في حالة الطوارئ وتتشارك الأفراح وما إن يخطوا أطفالنا أول خطواتهم داخل الحي قادمين من المدرسة أو غيرها حتى يصبحوا تحت رعاية وحماية الجار والجارة والخالة والعم ومع توالي السنين أصبحت الدائرة تتقلص لتقتصر على الأسرة المباشرة كالوالدين والاخوة والاخوال والاعمام المباشرين.

في الآونة الأخيرة أصبحت حتى هاته المنظومة الأسرية الضيقة تتعرض لنكسات متتالية في بعض الأماكن هنا في بلادنا، وآخرها الحدث المأساوي للأطفال الذين دأب خالهم على اغتصابهم وتحت صمت وتواطئ الأم حسب ماصرحت به إحدى بناتها.

الحدث ليس بالمعزول، فلقد أصبحت هاته الحالات تصل أكثر فأكثر الى مسامعنا خصوصا مع تمكن الضحايا من كسر حاجز الخوف والمحرمات والعادات في وجه المعتدي، الأخبار الصادمة تصلنا تباعا واغلبها ان لم تكن كلها جرائم ضد الأصول، يرتكبها الناس بدم بارد وبشكل مخيف وعنيف.

هاته الآفات التي بدأت تظهر في المجتمع هي دليل لا يقبل الشك على خلل عميق في مكان ما بدأ يعتري جسد المجتمع، وينذر بضرر أكبر على نسيجه المتضرر أصلا بفعل العواصف الثقافية الهجينة والغريبة التي تهب عليه من كل الجهات.

دعوتي اليوم للفاعلين في المجتمع من علماء اجتماع ومفكرين وبيداغوجيين وقانونيين وأطراف أخرى لعقد لقاءات وتشكيل خلايا للتفكير وتدارس المشكل والبحث عن حلول، وللحكومة والمسؤولين في البلاد للأخذ بتوصيات في هذا الشأن للحد من الانحدار الذي بدأت نذره تخيفنا على مستقبل هذا البلد الطيب .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد