وثيقة المطالبة بالاستقلال.. استحضار لصمود مغربي من أجل الوطن وتلاحم متين بين العرش والشعب

بكل مظاهر الفخر والاعتزاز، وفي أجواء مفعمة بالوطنية الصادقة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، اليوم الجمعة، الذكرى 75 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ذكرى تحل في كل يوم 11 يناير من كل سنة، وهي مناسبة تاريخية راسخة في ذاكرة كل المغاربة، صنعها أبناء هذا الوطن الحبيب بروح وطنية عالية وإيمان راسخ، وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل الوطن لطرد المستعمر وصون كرامة البلاد والعباد.

صمود مغربي من أجل وحدة الوطن وتلاحم قوي بين العرش والشعب 

لقد دافع المغرب بكل حزم وإصرار عن هويته ومقوماته ووحدته، ولم يدخر جهدا في سبيل صيانة وحدته والصمود في وجه المستعمر الذي جزأ البلاد إلى مناطق نفوذ توزعت بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب، والحماية الإسبانية بمنطقة الشمال، والوضع الاستعماري بالأقاليم الجنوبية، فيما كانت طنجة منطقة دولية.

إن العرش والشعب بتلاحم قوي بذلا تضحيات عسيرة بكفاح طويل لصد الاستعمار وتحقيق الاستقلال عن طريق انتفاضات شعبية ومعارك حامية الوطيس بالأطلس المتوسط وبالشمال والجنوب، ومناهضة الظهير الاستعماري التمييزي في 16 ماي 1930، وتقديم مطالب الشعب المغربي الإصلاحية والمستعجلة في 1934 و1936، إلى مرحلة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944.

المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، عبر هذه المراحل التاريخية، كان رمزا للمقاومة لتحرير المغرب الطيب من براثن الاستعمار، من خلال خطاباته التاريخية المعبرة عن تمسك المغرب بمقوماته وثوابته ومقدساته وعن مطالب الشعب المغربي التواقة إلى الحرية والاستقلال، إذ طرح طيب الله ثراه في مؤتمر أنفا التاريخي الذي انعقد في يناير 1943 قضية إنهاء نظام الحماية وإعلان استقلال المغرب، حيث عرض الجهود التي بذلتها المملكة المغربية والموقف المساند للحلفاء في الحرب ضد النازية من أجل تحرير أوروبا، الشيء الذي اعتبره الرئيس الأمريكي الشهير آنذاك “روزفلت”، طموحا مشروعا للمغرب للحصول على استقلاله واستعادة حريته.

بعدها، ظهرت فكرة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بإيعاز من المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، وشرع الزعماء الوطنيون من الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير في إعداد الوثيقة التاريخية بتوجيه من جلالته بجعل هذه الوثيقة التاريخية تمثل كافة الفئات الاجتماعية والسياسية، وتضمنت مجموعة من المطالب تتعلق بالسياسة العامة بشأن استقلال المغرب تحت قيادة ملك البلاد الشرعي سيدي محمد بن يوسف، والسعي لدى الدول التي يهمها الأمر لضمان هذا الاستقلال، ومشاركة المغرب في مؤتمر الصلح، وكذا الرعاية الملكية لحركة الإصلاح وإحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية والإسلامية بالشرق تحفظ فيه حقوق وواجبات كافة فئات وشرائح الشعب المغربي قاطبة.

إن حدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال أظهر بجلاء للجميع وعي ونضج المغاربة وكانت حجة ودليلا على مدى قدرتهم وإرادتهم الصادقة والقوية للدفاع عن وحدتهم وعدم الرضوخ لإرادة الاستعمار والتأكيد على مواصلة النضال بعزم وإصرار كبيرين لطرد المستعمر من البلاد إلى أن ظهر فجر الحق والنصر ويتحقق المراد بفضل تلاحم قوي ومتين بين العرش والشعب.

استحضار ما حققه الأمجاد في سبيل الوطن

إن تخليد ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال مناسبة عظيمة لحث الناشئة من أبناء الوطن الحبيب إلى استحضار ما حققه الأمجاد من بطولات لتحرير البلاد من الاستعمار، والوقوف في لحظة تأمل كبيرة عند تاريخ المملكة المغربية المجيد ليشعروا بالفخر والاعتزاز بوطنهم الذي قدم الأسلاف الأبطال تضحيات جسيمة في سبيل استقلاله وصون كرامته.

غرس قيم المواطنة الصادقة الحقة في نفوس الناشئة، يعتبر واجبا وطنيا ضروريا على الأسرة المغربية لكي يكون الشاب المغربي على وعي تام بأن تحرير البلاد من براثن الاستعمار ليس بالأمر السهل والهين، وأن الروح الوطنية العالية التي كان يتحلى بها أسلافنا وأجدادنا السابقين كان لها دور كبير جدا في نيل المغرب لاستقلاله واستعادة الحرية، وها نحن اليوم نقطف ثمار ما غرسهوه من سبقونا من تضحيات بالأجساد والأرواح والأموال، وننعم ببلد آمن مطمئن ومستقر.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد