هل ينهي بوتفليقة جدل إمكانية إستمراره على رأس سدة حكم الجزائر؟

في الوقت الذي يجمع الجميع على إجراء  انتخابات الرئاسة المقبلة في البلاد بموعدها شهر أبريل 2019، تبقى إمكانيات ترشح الرئيس الجزائري من عدمه قائمة، إلى حدود صدور قرار رسمي عن الرئيس الذي أصبح اليوم “القادر” على إنهاء جدل إستمراره من عدمه على رأس سدة حكم الجزائر.

وبخلاف التصريحات المتحمسة والإعلانات المتتالية لجمال ولد عباس، الأمين العام المقال من قيادة الحزب، لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، قال معاذ بوشارب، منسق القيادة الجديدة لحزب “جبهة التحرير الوطني”، التي عيّنها بوتفليقة على رأس الحزب، إن “مسألة ترشح الرئيس قرار يخصه وحده”.

وأكد منسق “الأفلان”، أن “مسألة ترشح الرئيس بوتفليقة ترجع إليه بالدرجة الأولى. نحن تحدثنا عن البرنامج الذي نسانده، وما زلنا متفائلين بأننا نستطيع أن نطبقه، ورئيس الجمهورية يبقى فوق كل الاعتبارات الحزبية والسياسوية، وهو يمارس سلطته الكاملة”.

وتمثل هذه الرسالة ردا غير مباشر على التسريبات والمعلومات المتداولة التي تحدثت عن نية السلطات الجزائرية تأجيل موعد الانتخابات من أجل تمديد فترة ولاية بوتفليقة.

وخلال الأسابيع الماضية تراجعت دعوات أحزاب ومنظمات الموالية للرئيس من أجل الترشح لولاية خامسة.

وتزامنت تصريحات بوشارب مع اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة بوتفليقة قالت تسريبات غير مؤكدة إنها ستكون مناسبة للرئيس من أجل حسم الموقف الرسمي من دعوات تأجيل انتخابات الرئاسة.

وتدعم هذه المؤشرات التقارير التي تحدثت عن احتمال عدم ترشح بوتفليقة لولاية خامسة بسبب ظروفه الصحية، وأنه يجري التفاهم بين الدوائر الفاعلة في الحكم على خليفة محتمل له، وهو ما يفسر تحوّل بعض الموالين لبوتفليقة إلى الحديث عن “الاستمرارية” لبوتفليقة كمشروع سياسي، بدلا من بوتفليقة نفسه.

وكانت عدة قوى سياسية قد رجحت عدم ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في إبريل المقبل، بينهم الأمينة العامة لحزب “العمال” اليساري، لويزة حنون، التي أكدت، الخميس الماضي، أن “حزب العمال يعتقد أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن يقدم نفسه لولاية رئاسية خامسة.. نعتقد أنه ليس لديه أية فرصة للترشح”.

وذهب إلى الاتجاه نفسه حزبُ “طلائع الحريات” الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، الذي تحدث عن “صراع بين دوائر الحكم بشأن خليفة بوتفليقة”.

إلا أنه وبالمقابل، تبقى مسألة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة أمرا قائما ومحتملا، وتدعم هذا الطرح، الافتتاحية التي نشرتها قبل أيام الصحيفة الرسمية الأولى في الجزائر، “المجاهد”، والتي جاءت بشكل بيان سياسي يقترب من نفس مضمون لغة البيانات الرئاسية، إذ أكدت فيها أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها المقرر، مضيفة أن بوتفليقة سيعلن عن الترشح في الوقت المناسب.

وأكدت “المجاهد” الرسمية حينها، بشكل جازم، أن “رئيس الدولة، الذي ستنتهي عهدته (ولايته) في هذا التاريخ، قد تمت دعوته لإكمال مهمته، وبالتالي أن يكون المرشح لأهم التشكيلات السياسية والنقابات ومنظمات أرباب العمل والمنظمات الجمعوية”.

واستبعدت الصحيفة تأجيل الانتخابات، معتبرة أن الرئيس الجزائري حريص على احترام المواعيد الدستورية والاستحقاقات الانتخابية.

وكتبت “إذا كان الرئيس لم يقدّم إجابته لدعاة ترشحه إلى الآن بسبب تقديره بأن الوقت ما زال مبكراً، فإنه في المقابل، لم يتجاهل الموعد الانتخابي الذي يعني بالنسبة له احترام سيادة الشعب الجزائري، وبالتالي فإن الصندوق هو الوحيد الذي بإمكانه أن يفصل في هذه المنافسة التعددية”.

وأضافت أن الحديث عن تأجيل الانتخابات وعدم التمديد لبوتفليقة مجرد افتراضات تسوّقها قوى المعارضة ليس إلا.

وفي هذا السياق، أكد رئيس حزب “تجمع أمل الجزائر”، عمار غول، المقرّب من الرئيس بوتفليقة، في مؤتمر صحافي، الأحد، أن “الانتخابات الرئاسية ستجرى في وقتها”.

وجدّد غول دعوة حزبه “للرئيس بوتفليقة للترشح والاستمرار في قيادة البلاد”، مشيرا إلى أن الحزب “يبقى وفيا وداعما للرئيس بوتفليقة بشكل ثابت ودائم ومستمر”.

ويدعم هذا الموقف رئيس الحكومة وأمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، الذي شدّد في تصريحات نهاية الأسبوع المنصرم، على رفض حزبه دعوات تأجيل الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أنها ستجرى في موعدها، لأنه “لا توجد أية أزمة سياسية قد تستدعي التأجيل”.

وجدّد أويحيى مناشدة الرئيس بوتفليقة للترشح لولاية رئاسية خامسة، وقال: “نحن كحزب انخرطنا في مسعى دعوة الرئيس للترشح وننتظر جوابه”.

ويأتي تراجع أحزاب السلطة على فكرة تأجيل الإنتخابات، بعد يومين فقط على سيطرة حزب “جبهة التحرير الوطني” الحاكم على مقاعد مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) في انتخابات التجديد النصفي للمجلس التي أجريت الخميس الماضي، بينما مني غريمه حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه رئيس الحكومة أحمد أويحيى بخسارة فادحة، وهو ما يعني أن الرئيس بوتفليقة سيكون في طريق مفتوح نحو ولاية خامسة، إذا ما رضي بترشح نفسه مرة أخرى.

وأكد المحلل السياسي والبرلماني السابق، محمد الصالحي، أن “التردّد والتخبط” داخل أحزب السلطة والموالاة في مسألة الانتخابات، يوحي بأنها “ليست مستقرة على رأي وليست لها رؤية استراتيجية واضحة وإنما تتحكم في مبادراتها التقلبات والتجاذبات داخل سرايا منظومة الحكم”.

وأوضح الصالحي في تصريح لـ”العربية.نت” أنه “حسب ما يتداول هنا وهناك فإن الأمر الذي جعل أحزاب التحالف تتراجع عن فكرة التمديد هو قرار المؤسسات القوية داخل النظام بترشيح بوتفليقة لعهدة خامسة، وهو ما يؤكد تبعية أحزاب التحالف للجهات العليا في السلطة التي بيدها هي فقط البتّ في القرارات الاستراتيجية للبلاد”.

وأضاف الصالحي أن التمسك بترشيح بوتفليقة لولاية خامسة هو “الخيار الأقل مخاطرة” الذي سيقطع الطريق على الطامحين في كرسي الرئاسة وعلى كل من يريد أن يهيئ نفسه ليكون رئيسا بعد فترة التمديد التي خطط لها مسبقا وتم إجهاضها في اللحظة الأخيرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد