أثبتت التقنيات مفتوحة المصدر أنها لا تقل موثوقية أو أمنا عن نظيرتها “مغلقة المصدر” حيث نجحت بتحقيق انتشار واسع في مختلف الاختصاصات والمجالات، وأبرز أمثلتها نظاما التشغيل لينوكس وأندرويد، ومتصفح الإنترنت فايرفوكس، والتي تحظى جميعها بمعدلات استخدام مرتفعة.
وشهد العام الماضي تبني العديد من الشركات الكبرى على غرار غوغل وفيسبوك ومايكروسوفت لأفكار أو مشاريع مفتوحة المصدر، بالإضافة إلى تزايد اعتماد الشركات على المنتجات مفتوحة المصدر على حساب نظيرتها المغلقة نظرا للخيارات التي توفرها هذه التقنيات كونها تأتي نتاجا لتعاون وتنسيق مجموعات عديدة من المطورين.
ويعبر “المصدر المفتوح” بشكلٍ أساسي عن توفير الجهة المطورة للشيفرة البرمجية بشكل يسمح باستخدامها والتعديل عليها مجانا، مما قد يعطي انطباعا بأن هذه الأنظمة يتم استثمارها من قبل هواة ومبتدئين، لكن الواقع عكس ذلك، خاصة مع اعتماد شركات ومؤسسات عالمية مثل “إن بي سي” و”سي بي إس” و”سوني” على أدوات مفتوحة المصدر في تطوير مواقعها.
وتفضل الكثير من الشركات الاعتماد على الأنظمة مفتوحة المصدر بغية إبداع تقنيات جديدة، أو تطوير تقنيات حالية، كونها تعتبر خيارا سهلا من وجهة نظر اقتصادية، وذلك وفقا لواكيم ليبنكوت، رئيس ومؤسس شركة الاستشارات البرمجية “ميتال تود ميديا”.
ووفق ليبنكوت، فإن التطوير باستخدام المصدر المفتوح يساعد المؤسسات على تقليص تكلفة التراخيص، وبالتالي خفض التكلفة النهائية للمنتج، بالإضافة إلى سهولة تطوير مشاريع “المصدر المفتوح” بسرعة أعلى مقارنة مع البرمجيات التقليدية.
اهتمام متزايد
ومع تزايد اهتمامها بالمصدر المفتوح، غدت الشركات الكبرى من رعاة التطوير في هذا المجال، على غرار غوغل، التي تقف وراء نظام التشغيل مفتوح المصدر أندرويد، إلى جوار العديد من المبادرات التي كان آخرها طرح مجموعة من الأدوات الأمنية خلال الأشهر الستة الأخيرة، ومايكروسوفت التي وضعت خطة لتحويل العديد من أدواتها البرمجية إلى مفتوحة المصدر.
كما لم يعد تطوير الأنظمة مفتوحة المصدر منحصرا بالمؤسسات الكبرى وشركات تطوير البرمجيات، حيث أطلقت وكالة الأمن القومي الأميركية أداتها مفتوحة المصدر لإدارة البيانات التي تسمى “نياغرافايلز” للعموم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتتميز الأنظمة مفتوحة المصدر على نظيرتها ذات الملكية الخاصة بسرعة وصول التحديثات إليها، كما أنها تسمح لمستخدمها بقراءة الشيفرة والتأكد من موثوقيتها والتعديل عليها، مما يساهم أيضا بتوطيد العلاقة بين المطورين والمستخدمين، الأمر الذي ينعكس بدوره على سرعة تطوير النظام وموثوقيته، وفقا لبرايان دول، نائب الرئيس بشركة “غيت هب”.
وعلى الرغم من الثغرات الأمنية التي ظهرت في بعض الأنظمة مفتوحة المصدر، مثل ثغرة “هارتبليد” بمكتبة تشفير “أوبن إس إس إل” فإن الكثير من الخبراء يعتقدون أن الأنظمة المفتوحة لا تقل -إن لم تكن تزيد- أمنا على الأنظمة المغلقة.
ويؤكد دول أن تطوير نظام آمن كليا أمر في غاية الصعوبة، مشيرا إلى اعتقاده بأن الأنظمة مفتوحة المصدر تتميز بموثوقيتها أمنيا نظرا لكثرة الجهات المطورة لها، وبالتالي سرعة سد الثغرات في حال ظهورها. فعلى سبيل المثال، تم سد ثغرة “هارتبليد” بسرعة عالية من قبل شركتين مختلفتين.
ويتوقع مراقبون أن تسيطر الأنظمة مفتوحة المصدر تدريجيا على مجالات تقنية متنوعة، خاصة مع تبني شركات برمجية كبرى تطوير هذا النوع من الأنظمة، واعتماد الكثير من المؤسسات عليها.