صادقت حكومة سعد الدين العثماني، أمس الخميس، على مشروع مرسوم رقم 2.19.793 المتعلق بتحديد القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد شغل محدد المدة (CDD).
المصادقة على المشروع الذي يأتي بعد 18 سنة من المصادقة على مدونة الشغل، أثار مجموعة من التساؤلات حول ظرفية صدوره، والغاية من إقرار مضامينه، في ظل حديث عن ركود اقتصادي سيتسبب في فقدان أزيد من 700 ألف منصب شغل نتيجة تأثير الجفاف وتداعيات جائحة كورونا.
في هذا السياق، أكد على لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل (ODT)، أن الإفراج عن المرسوم يطرح عددا من الأسئلة “حول ظرفية صدوره”، و”لماذا إنتظرت الحكومة 18 سنة لإفراج عن مضامينه”، ومن هي” الجهات التي دفعت الحكومة إلى الإسراع بتنزيله؟”.
وأضاف لطفي أن الوضع الذي تعيشه بلادنا يكشف بالملموس غايات صدور النص، الذي يبدو أنه جاء بناء على توصيات “الباطرونا”، مشددا على ان “كل القرارات التي تم إتخادها في مجال الشغل وحتى عبر قانون المالية التعديلي تكشف بالملموس التحيز الحكومي لإتحاد مقاولات المغرب”، وهو ما يعني “أن الباطرونا المغربية هي من أصبح يسير الحكومة”.
وأوضح الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، “اليوم تمرير هذا المرسوم يكشف الإرادة الحقيقية للإجهاز على الحقوق المكتسبة للطبقة العاملة، والتي بدأت الدولة بنفسها تطبيق عقوده ضمن مجموعة من إداراتها كما هو الأمر عليه بالنسبة لقطاع التعليم والتوظيف بالعقدة”.
وتابع لطفي، أن الحري اليوم بالحكومة “هو البحث في سبل إنقاذ ما يناهز 75% من اليد العاملة التي تشتغل بذون عقدة، من تعسف المشغلين، ومليون ونصف أسرة تشتغل في القطاع غير المهيكل، وكذا البحث في سبل الرفع من عدد مفتشي وزارة الشغل، الذين يناهز عددهم 400 مفتش، والذين لا يكفي عددهم لتغطية مجال مدينة من حجم الدار البيضاء، فكيف لها أن تضمن حماية أجراء المقاولات المغربية عبر ربوع الوطن؟”.
وبدوره، أكد المهدي شخمان الناطق الرسمي بإسم المرصد الوطني لحقوق الإنسان، أن “الحق في العمل حق دسنوري، وأن التوجه صوب شرعنة إستعمال العقود المحددة المدة في هذه الظرفية يدفع نحو إرساء دعائم العبودية المقنعة”.
وأضاف شخمان، أن المرسوم يكشف عن “التحيز السافر للحكومة للباطرونا”، والدفع نحو “سيطرة أرباب العمل وتحكمهم في آليات التشغيل من خلال الدفع نحو عقد عقود محددة المدة بدل العقود طويلة المدة او الدائمة”.
وتابع الناطق الرسمي بإسم المرصد الوطني لحقوق الإنسان، أن تمرير المرسوم “إقتناص فرصة من الباطرونا لفرض سيادتها على الإقتصاد الوطني”، في الوقت الذي كنا ننتظر “إرساء دعائم المقاولة المواطنة التي من المفترض ان تواكب التحولات الحاصلة التي فرضتها الجائحة، وأن تساهم في تحريك عجلة الإقتصاد من خلال الإستمرار في المحافظة على مناصب الشغل، بدل اللجوء إلى “حيل التشغيل عبر العقود المحددة المدة”.
وحسب الحكومة، فإن المرسوم الجديد يهدف إلى تحقيق نوع من المرونة المسؤولة اجتماعيا بما يسمح بإحداث فرص أكبر للشغل، والحفاظ في نفس الوقت على حقوق الأجراء ومحاربة الهشاشة في التشغيل، وذلك على غرار عدد من التجارب الدولية التي سارت في هذا الاتجاه.
ويحدد المرسوم القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقود شغل محددة المدة، المحددة في أربع حالات تجد أساسا لها في أحكام المواد 198 و190 و192 و196 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، مشيرا إلى أن في مقدمتها استدراك ما تبقى من ساعات الشغل الضائعة التي تعذر استدراكها عملا بأحكام المادة 189 من مدونة الشغل، شريطة أن يتم ذلك في حدود الثلاثين (30) يوما المنصوص عليها في المادة المذكورة، وبعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم.
وينص المشروع على ضرورة إنجاز الاشغال المحددة في المادة 190 من مدونة الشغل، التي تعذر القيام بها عملا بأحكام المدة المذكورة، وذلك في حدود ما يتطلبه إنجاز هذه الأشغال، داعيا إلى القيام بالأشغال المنصوص عليها في المادة 192 من مدونة الشغل التي تعذر إنجازها عملا بأحكام المادة المذكورة، وذلك في حدود ما تقتضيه تتمة إنجاز هذه الأشغال ودون تجاوز الأربعة أيام المنصوص عليها في المادة نفسها.
وأقر المرسوم الاستجابة للزيادة الاستثنائية في حجم الشغل بالمؤسسة التي تعذرت تلبيتها عملا بأحكام المادة 196 من مدونة الشغل والنص التنظيمي الصادر بتطبيقها، وذلك بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم، رابطا ذلك بأن تتم هذه الاستجابة في حدود ما تبقى من ساعات لازمة لهذا الغرض، وفي حدود السقف الذي تسمح به مقتضيات النص التنظيمي المذكور بالنسبة لكل أجير.
ووفقا لما أعدته الحكومة السابقة، فإن عقود الشغل محددة المدة ستهم القطاعات والحالات المتعلقة بالخدمات التي تقدمها المقاولات السياحية بكيفية دورية خلال مدة محددة من السنة، والأنشطة المتعلقة بتصبير أو تلفيف منتوج واحد ذي طابع موسمي.
من جهة ثانية، يشمل المرسوم قطاع الأنشطة المرتبطة بالمعارض، والقطاع الفلاحي، خصوصا العمليات المتعلقة بتعهد زراعة الحبوب والقطاني، وحصادها، بالإضافة إلى الصناعة السينمائية، لا سيما تصوير الأشرطة، وجميع الأنشطة التي تدخل في إطار العمل الموسمي.