هل تنهي زيارة ماكرون جدل المنافسة الفرنسية الصينية للظفر بمشروع TGV مراكش-أكادير؟

كشفت مصادر إعلامية أنّ ماكرون سيزور المغرب قريبا لإقْناع الرباط باختيار “مجموعة ألستوم” الفرنسية لصناعة القطارات فائقة السرعة لإنجاز خط مراكش-أكادير، في ظل تخوّفُ فرنسي من تفضيل المغرب للعرض الصيني المغري.

تفاصيل الزيارة المرتقبة التي تم تأجيلها للمرة الثالثة، أعادت للواجهة الجدل حول المنافسة الشرسة القائمة بين “مجموعة ألستوم” الفرنسية والشركة الصينية «China Railway»، من أجل الظفر بصفقة «تي جي في» الذي سيربط بين مدينتي مراكش وأكادير، خصوصا بعد استقبال أعضاء من المكتب الوطني للسكك الحديدية، وفدا من شركة سكك حديد الصين «تشاينا ريلواي»، حيث عقد الوفد الصيني خلال مدة إقامته في المغرب، اجتماعات ومشاورات تقنية، وقام بعدة زيارات ميدانية، لإنشاء مشروع الخط عالي السرعة بين مراكش وأكادير.

وأكد مصطفى الطوسة الإعلامي والمحلل السياسي من باريس، في تصريح للمصدر ميديا، أن اختيار الشركة التي ستقود صفقة قطار مراكش-أكادير امر رهين بالخيارات الاستراتيجية المغربية، التي تبقى ضمنها العلاقات المغربية الفرنسية المتينة والتاريخية والاستراتيجية الأقدر على منح الصفقة للفرنسيين، لكن إذا تبث العكس فإن المغرب مطالب ببدل جهد كبير من اجل تبرير أسباب اختيار “بيكين” لقيادة مشروع القطار الفائق السرعة.

وأوضح الطوسة أن مؤشرات القياس التاريخية والدبلوماسية والسياسية والإقتصادية تكشف على أن الصفقة لن تكون إلا من نصيب الشريك الاقتصادي الفرنسي، لأن مثل هذه المشاريع العملاقة يبقى المحدد السياسي والإستراتيجية أهم معالمها، أكثر من محددها الاقتصادي.

وتابع المحلل السياسي من باريس، أن ما يؤكد إمكانيات فوز “مجموعة ألستوم” الفرنسية بالصفقة، هو طبيعة التعامل الصيني مع استثماراتها والتي تبقى رهينة المحدد الاقتصادي الاستثماري المحض، عكس فرنسا التي تتجاوز مشاريعها البعد الاقتصادي لتلامس أبعادا أخرى ذات طبيعة استراتيجية-سياسية، وهو ما تؤكده تعاملات البلدين (الصين وفرنسا) داخل القارة الإفريقية.

وكان بلاغ للمكتب السككي، قد ربط إقامة مشروع الخط الفائق السرعة بين مراكش وأكادير، بموضوع مذكرة للتعاون موقعة بين المملكة المغربية والجمهورية الصينية، بمناسبة الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس للصين، وتبعا لهذا الإطار التعاوني، يلتقي الطرفان بشكل منتظم من أجل تعميق الدراسات وإيجاد الحلول التقنية المثلى، على ضوء الزيارات الميدانية المتعددة للمسار السككي المتوقع لخط هذا القطار السريع.

عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، كشف مؤخرا مستجدات المشروع، مشيرا إلى أن الدراسات التقنية للمشروع ستستغرق سنوات.

وقال الوزير في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب الإثنين، إن هناك مذكرة تفاهم مع دولة أجنبية بخصوص دراسة تقييم تفصيلية فيما يتعلق بالقطار فائق السرعة.

وأضاف الوزير أن الأمور الآن في مرحلة دراسات تقنية تفصيلية قد تستغرق سنوات، بسبب ضخامة المشروع.

وكانت تصريحات وزير الإقتصاد “برونو لومير” قد كشفت عن معالم إرهاصات توثر العلاقات بين باريس والرباط، بعد حديثه أن وزارته أحدثت لجنة يترأسها هيرفي غويو، من أجل دراسة إمكانيات وطرق إعادة مصانع مجموعتي “رونو” و” PSA” للإنتاج داخل البلد، بدل الاعتماد على بلدان أخرى.

وأكد لومير الذي كان يتحدث في لقاء مع مهنيي صناعة السيارات، وفق ما أورده موقع “BFM TV” بأن قيام المجموعتين الفرنسيتين بإنتاج السيارات خارج فرنسا ثم إعادة تصديرها إلى الوطن الأم، هو “نموذج تنموي فاشل”، “لا نريده بعد الآن”.

وإعتبر وزير الاقتصاد الفرنسي، أن نقل إنتاج سيارات الشركتين خارج البلاد تسببت في “تدمير الوظائف بفرنسا”.

وجاءت تصريحات “برونو” لتضع عددا من نقط الإستفهام حول مصير الشركتين خصوصا شركة “رونو المغرب” التي أكد مديرها العام مارك ناصيف، أنها حققت “إنتاجا تاريخيا” سنة 2018 من حيث الإنتاج الصناعي لوحدتيها سوماكا ( الدار البيضاء) و طنجة، مع مبيعات بلغت 75 الف و 418 سيارة ، وحصة سوقية قارت 5،42 في المائة.

ووسط الضجة التي اثيرت حول توثر العلاقات، ترأس رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وفدا وزاريا للمشارك في الدورة الـ14 لاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وفرنسا، الذي إحتضنته باريس يوم الخميس 19 دجنبر 2019، والذي أجرى رئيس الحكومة ضمنه مباحثات مع الوزير الأول الفرنسي، إدوارد فليب، كما أشراف الطرفان على التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين قطاعات وزارية من البلدين.

وأكد البلدان في البيان الختامي المشترك لأشغال الدورة ال 14 للاجتماع رفيع المستوى أن الشراكة المغربية الفرنسية تستلهم قوتها من إرادة قائدي البلدين، الملك محمد السادس، والرئيس إيمانويل ماكرون، اللذين ما فتئا يؤكدان في كل مناسبة، رغبتهما المشتركة في الدفع بالشراكة الاستثنائية بين البلدين لمستوى التميز وتكريس مكانتها كنموذج مرجعي للشراكة على الصعيدين الأورو-إفريقي والأورو-متوسطي.

كما أشار البيان إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي للمملكة المغربية، ستشكل لا محالة، محطة قوية لتخليد الصداقة الراسخة التي جمعت على الدوام فرنسا والمغرب، وكذا لتكريس مناخ الثقة والاحترام المتبادل الذي يطبع باستمرار علاقاتنا الثنائية وإعطائها دفعة جديدة، يحدوها طموح أكبر، في تناغم تام مع الرهانات الجهوية والدولية التي تواجه كلا البلدين على حد سواء.

وشدد الجانبان على أن أهمية هذا الاجتماع تتجلى في اتفاق المغرب وفرنسا بشأن مجموعة من الأولويات للمرحلة المقبلة، دعما للعلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة.

يشار أنه كان من المقرر زيارة ماكرون إلى المغرب شهر مارس، غير أنه تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، بحيث لم تستطع مصالح الرئاسة الفرنسية تحديد موعد آخر للمغرب من أجل ذلك.

وتأتي الزيارة المرتقبة لإيمانويل ماكرون عقب زيارة قام بها الرئيس الفرنسي شهر نونبر 2018، حينما أشرف على الانطلاقة الفعلية للقطار الفائق السرعة ”تي جي في”، الذي يربط بين طنجة والدار البيضاء رفقة الملك محمد السادس.

وعقب انتخابه سنة 2017 خص الرئيس الفرنسي المغرب بأولى أسفاره إلى شمال إفريقيا حيث حل في زيارة سريعة إلى الرباط رفقة عقيلته بريجيت ماكرون.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد