بتاريخ 29 يوليوز 2021، اقترح الاتحاد العام لمقاولات المغرب اعتماد جواز التلقيح كإجراء إلزامي لولوج مقر العمل من قبل الأجير، تحت طائلة الطرد بإرتكاب خطأ جسيم يبرر فصله عن العمل دون تعويض، استنادا إلى ما تقضي به المواد 24، 39 و281 من مدونة الشغل.
وفي هذا السياق أكد يوسف الحمومي، الأستاذ الباحث في العلوم القانونية والسياسية، أن “اشتراط الحصول على جواز التلقيح للتنقل بين العمالات والأقاليم، فيه نوع من الإلزامية بشكل غير مباشرة، أو- على الأقل- يمكن اعتباره، هو الآخر، ضمن التدابير الممهدة لفرض هذا الإجراء، وذلك بعد البلاغ الذي أصدرته الحكومة قبيل حلول عيد الأضحى المبارك لهذه السنة، بالضبط يوم الاثنين 19 يوليوز 2021، حينما قررت اتخاذ مجموعة من الإجراءات، ابتداء من يوم الجمعة 23 يوليوز 2021 على الساعة الحادية عشر ليلا، استجابة لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية بضرورة تعزيز الإجراءات الوقائية اللازمة للحد من انتشار الوباء بما يحفظ سلامة وصحة المواطنين”.
وأضاف الحمومي أن “هذا الجواز لا يعتد به في الوقت الذي يبدأ فيه حظر التنقل الليلي على صعيد أرجاء التراب الوطني؛ أي من الساعة الحادية عشر ليلا إلى الساعة الرابعة والنصف صباحا، باستثناء الأشخاص العاملين بالقطاعات والأنشطة الحيوية والأساسية، وكذا الأشخاص ذوي الحالات الطبية المستعجلة. كما تم تقييد التنقل بين العمالات والأقاليم بضرورة الإدلاء برخصة إدارية مسلمة من السلطات الترابية المختصة، بالنسبة للأشخاص غير المتوفرين على جواز التلقيح، مع كل ما يطرحه الشرط الأول من إشكال؛ إذ ما المانع من إمكانية الإدلاء بأي وثيقة أخرى تفيد اشتغال المعني بالأمر في أي قطاع غير متوقف، سواء في القطاع العام أو الخاص؟”.
وتابع الأستاذ الباحث “غير أن الحكومة سرعان ما تفطنت لهذا الأمر، عندما قررت اتخاذ تدابير جديدة ابتداء من الساعة التاسعة ليلا لليوم الثالث من شهر غشت الجاري؛ حيث شمل الاستثناء من الإجراءات الجديدة، الأشخاص المتوفرون على جواز التلقيح، … والأشخاص العاملين في القطاعين العام والخاص الحاملين لوثيقة “أمر بمهمة” موقعة ومختومة من طرف رؤسائهم في العمل، مع الإبقاء على شرط الحصول على ترخيص من لدن السلطات المحلية في حالات أخرى محددة”.
وإسترسل الحمومي “ورغم أن الأخصائيين في المجال الصحي يؤكدون على أن التلقيح لا يحمي المواطنين من الإصابة بالفيروس، إلا أنه يسهم في التخفيف من وطأة الإصابة به، فإن المغرب على غرار باقي دول العالم، يدع إلى ضرورة الإسراع في تلقي اللقاح لبلوغ مناعة أكبر ضد الفيروس؛ حيث تم في هذا الصدد إطلاق حملات التلقيح بشكل تدريجي لتشمل جميع الفئات العمرية التي تبلغ 17 سنة فما فوق. وبعد أن بلغت الفئات العمرية المستهدفة بالتلقيح، سن العشرين سنة فما فوق، أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بلاغا تحث فيه الطلبة المقبلين على بدء أو استئناف الدراسة الجامعية أو التدريب في مراكز التكوين المهني، إلى الإسراع لتلقي اللقاح ضد فيروس كورونا، وهو ما يطرح التساؤل حول ما إذا كانت هذه العملية اختيارية أو إلزامية لولوج المدارس والجامعات ومراكز التكوين بداية الموسم المقبل؟ ويطرح أيضا إشكالات حول مدى اعتبار هذا البلاغ وغيره من البلاغات التي تصدر عن الحكومة، من وقت لآخر، إلزامية أم أن الأمر يقتضي ضرورة إصدار مراسيم أو قوانين تكتسي طابع الإلزام والعموم؟”.
وشدد الحمومي “إذا كانت سياسة التطعيم ضد الوباء، تسعى إلى تحقيق الأهداف المشروعة، وهي حماية الصحة وحقوق الآخرين، من حيث أنها تحمي كلا من الذين يتلقون اللقاحات المعنية والذين لا يمكن تطعيمهم لأسباب طبية، ولا يشكل انتهاكا لأعظم حق من حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في احترام الحياة الخاصة، فإنه لا يمكن، أيضا، فرض إلزامية التلقيح ضد الفيروس، ما لم يكن، على الأقل، نصف عدد السكان يمتنعون عن الحصول على اللقاحات، لبلوغ المناعة الجماعية، لأنه، في اعتقادي، إذا كان عدد الأشخاص الذين يرفضون تلقي اللقاح، أمام وفرته، يغلب أو يفوق عدد الأشخاص الذين يرغبون في أخذه، فإن الحكومة آنذاك قد تتجه نحو فرضه على جميع الفئات العمرية التي قد يستهدفها الفيروس، أو التي لا تمتلك مناعة قوية ضده، أو على الأقل الأشخاص الذي يشتغلون في القطاعات الحيوية”.
“هذا إذا تأكد، بالملموس، أن فعالية اللقاح تعتمد على توافر نسبة عالية من الأشخاص الذين يتلقونه، وأن التلقيح المتوفر حاليا بالأسواق، يعد فعلا من الحلول الناجعة لتشكيل مناعة جماعية ضد هذا الفيروس، خصوصا مع ارتفاع حالات الإصابة به مؤخرا، والتي لم تستثن حتى بعض الحالات من الأشخاص الذين تلقوا جرعتي اللقاح”، يضيف المتحدث ذاته.
وأوضح الحمومي “وقد نقول، أيضا، إن التلقيح ليس إجباريا بشكل رسمي لكنه في الطريق إلى الإلزامية؛ فهو لا يعد إلزاميا بصورة رسمية، لكن القيود المفروضة على غير الملقحين ضده ترقى، تقريبا، إلى درجة الإلزامية؛ حيث إنه إلى جانب الإجراءات الجديدة التي اتخذتها السلطات المعنية مؤخرا، نجد عددا من المواطنين اللذين يعانون من أعراض الإصابة بالفيروس التاجي في الأسابيع القليلة الماضية، يقصدون المستوصفات العمومية للتأكد من الإصابة به؛ إلا أنهم يصطدمون بندرة الفحوصات المتوفرة أو انعدامها، فيضطر الكثير منهم إلى إجراء فحص PCR أو الكشف السريع لدى المختبرات الخاصة، بأثمنة مرتفعة، تتراوح ما بين 600 و700 درهم بالنسبة لفحص PCR، بينما تبلغ تكلفة الكشف السريع حوالي 400 درهم، وهو ما قد يدفع المزيد من الأشخاص إلى تلقي اللقاحات المضادة للفيروس، لا سيما المستخدمين بالقطاعات الخصوصية، الذين تلزمهم هذه الأخيرة بضرورة إجراء الفحص قبل الولوج إلى العمل بعد قضاء كل عطلة أو إجازة معينة”.
وكان فرع الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب بجهة طنجة تطوان الحسيمة، قد اصدر وثيقة تقضي باعتبار رفض الأجراء التلقيح سببا كافيا لطرد من العمل، بإعتباره خطأ جسيما يستوجب الطرد.