هاشم البسطاوي: ضوء نجم صاعد انطفأ باعتزال غامض

نقاش واسع وجدل كبير، ذلك الذي أثاره الممثل المغربي الشاب هاشم البسطاوي، نجل الراحل محمد البسطاوي، عقب الإعلان عن قرار اعتزاله التمثيل بشكل نهائي، والتبرؤ من أعماله الفنية، مطالبا الجمهور بحذف صوره من مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أصنافها.

اعتزال الفنانين في مرحلة مبكرة يكونون فيها في أوج العطاء، واختيار الابتعاد عن الأضواء بعد أن صار اسمهم عالقا بقوة في أذهان الجمهور، نقاش كبير عجت به صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن أعلن البسطاوي قرار اعتزاله سيرا على خطى زملاء سابقين كعبد الهادي الهادي بلخياط ومحمد رزقي والمختار جدوان وغيرهم.

غموض وتضارب في المواقف

الضجة التي خلفتها تدوينة هاشم البسطاوي على خاصية “ستوري” في صفحته بـ “الأنستغرام” والتي قال فيها بالحرف بعد أن قام بحذف كل صوره: “أنا بريء أمام الله من كل الأعمال التي اشتغلت فيها، وأسأل الله أن يغفر لنا جميعا”، وأضاف قائلا: “كاع الصور المنشورة لي بغا يحيدها غادي نكون من الشاكرين، شكرا والله ولي التوفيق إخوتي”.

تدوينة البسطاوي خلفت جدلا في صفوف متابعيه ومحبيه سواء من الجمهور أو من زملاءه في الوسط الفني معتبرين أن القرار الذي اتخذه كان مفاجئا وغير متوقعا، فاتحا الباب أمام سيل كبير من التأويلات والملاحظات بعد أن فضل هاشم الاكتفاء فقط بالتدوينة على “الأنستغرام” وعدم الحديث لوسائل الإعلام عن الدوافع والأسباب والحيثيات والظروف المحيطة بالقرار ليبقى هذا الأخير ملفوفا بالغموض.

الغموض في قرار هاشم البسطاوي سيتبعه ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بعد 24 ساعة، عندما انتشر خبر يفيد أن والدته سعاد النجار قالت في إحدى تصاريحها أن ابنها يرقد في العناية المركزة ويعاني من مرض خطير يسمى متلازمة “بهجت” وهو اضطراب نادر يسبب التهاب الأوعية الدموية في سائر الجسد، لتصبح التساؤلات الغامضة عن سبب الاعتزال حديث الماضي وتنقلب إلى حملة تعاطف واسعة من طرف جمهور هاشم ومتابعيه وكل معارفه يدعون له بالشفاء العاجل ومساندته في محنته حتى يرجع سليما معافى إلى أهله وعائلته الصغيرة والفنية، لكن سرعان ما عاد الغموض يسيطر على الأمر بساعات قليلة بعد خروج شقيق هاشم، أسامة البسطاوي، في تدوينة عبر خاصية “ستوري” على حسابه بـ “الأنستغرام” يصف فيها مرض شقيقه بـ الإشاعة قائلا: “السلام عليكم بغيت نكذب الخبر ديال هاشم في المستشفى وشكرا للناس لي خرجو هاد الاشاعة، هاشم بصحة جيدة”.

“المصدر ميديا” بدورها حاولت أن تبحث عن حيثيات وأسباب الاعتزال المفاجئ لهاشم البسطاوي، وذلك عن طريق الاتصال بالأخير ووالدته وشقيقه أسامة إلا أن هواتفهم ترن دون جدوى.

احترام وتقدير

زملاء هاشم البسطاوي كانوا من بين أشد المتفاجئين من قرار اعتزاله، إلا أنهم اختاروا الرد عليه بالاحترام والتقدير مفضلين عدم الدخول في خصوصيته، منوهين بعطاءاته وموهبته وأخلاقه.

الفنانة طاهرة حماميش، التي شاركت مع هاشم في الجزء الثاني من مسلسل “سلمات أبو البنات” لمخرجه هشام الجباري نشرت في تدوينة عبر خاصية ستوري على الأنستغرام” جاء فيها: “تشرفت أنني عرفت شخص في طيبتك و أخلاقك واخا كنت قليل الكلام لكن كنت حاسة أنك مخبي بزاف في قلبك، الله يعاونك و تلقى السعادة و راحة البال لي كتقلب عليها لأنها مكايناش في هاد الوسط لي أحنا فيه”.

حمزة الطاهري الذي شارك البسطاوي في بطولة نفس المسلسل قال هو الآخر معلقا على قرار هاشم: نحن عائلة و إخوة هاشم البسطاوي وأضاف إشارة بما معناه أنه يحترم قرار اعتزاله.

بدوره، اختار الفنان فيصل عزيزي التعليق على قرار هاشم بطريقته، بعد أن اجتمعا معا في فيلم سينمائي يحمل عنوان “غرين كارط”، لمخرجه هشام الركراكي،    حيث نشر صورة تجمعهما معا وعلق عليها قائلا: هاشم من أبرع الممثلين اللي تعاملت معاهم فحياتي… أزمة و غاتدوز إن شاء الله… أصلا الجاي عظيم… فيلم من بطولتنا احنا الاثنين و اللي بيه غاتعاود تحب و تتصالح مع مهنتك الشريفة و الراقية اللي هي التمثيل نحبك ا هاشم”.

مؤشرات التوبة 

التبرؤ من الأعمال الفنية التي شارك فيها هاشم البسطاوي، وطلبه من الجمهور حذف صوره، في تدوينة الاعتزال، كلها أمور لفتت انتباه محبي ومتابعي هاشم، ليذهب البعض منهم إلى القول أنه أصبح شخصا متدينا، معللين موقفهم بمتابعة هاشم لبعض الشيوخ وعلماء الدين، أمثال ياسين العمري، أحمد هاشمي، محمد المغراوي وآخرين عبر حسابه على “الأنستغرام”.

 

لا لتجريم الفن وتبخيس قيمته   

المخرج والناقد الفني عبد الإله الجوهري، علق على خبر اعتزال هاشم البسطاوي قائلا: “لا أعرف سبب اعتزاله ولا حق لي في التدخل في اختياراته، لكن أزعجني أن يربطه بمفاهيم الدين والتوبة والعودة إلى الله. الأكيد أن سي محمد بسطاوي لو كان حيا لانزعج كثيرا، ولما شرفه أن يعتبر واحدا من أبنائه وأكثرهم موهبة، ممارساته الفنية السابقة خطيئة، ويعلن التوبة، لأن الفن ليس خطيئة بل ممارسة جد نبيلة لا يمارسها إلا النبلاء ولا يدافع عنها إلا الشرفاء”.

الجوهري أضاف في تدوينة له عبر حسابه الفايسبوكي إلى قوله: “أحترم قرار أي إنسان في اختيار طريقه وتوجهاته، لكنني لا أقبل تجريم الفن وتكريس فهم مقعر عنه، فهم أن كل ممارس له هو بالضرورة خارج عن الملة والدين”، واستطرد قائلا: “لا أقبل أن يستغل أحدهم هذا القرار للشتم والنكاية في صاحب القرار، وفي نفس الوقت سأحتقر كل من سيستغل الحدث للركوب على صهوة الإيمان الأعرج، ويحدثنا عن الجنة والنار، ويحاول من خلال ذلك ممارسة الوصاية الدينية على الفنانين”.

المخرج المغربي ختم تدوينته قائلا: “أكيد أنها أزمة خاصة، لا أعرف خلفياتها، لهذا أتمنى لهاشم السلامة والصحة، وأن يعود للساحة الفنية المغربية مغمورا بحب الفن والحياة، ويواصل مشواره الإبداعي الفتي، لأنه شاب موهوب يحمل في دواخله الكثير من قوة التمثيل والأداء”.

الفن والتوبة ربط فاسد

محمد عبد الوهاب رفيقي، الكاتب والباحث في الشؤون الدينية، قال بدوره عن اعتزال هاشم البسطاوي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بـ “الفايسبوك”: “أنك تعتزل المجال الفني هذا قرار شخصي وحرية فردية، ولا حق لأحد بالتدخل فيه، ولكن المزعج في الموضوع، كما وقع سابقا في مصر مع عدد من الفنانات، هو ربط الموضوع بالتوبة إلى الله، والبراءة من كل الأعمال السابقة”.

رفيقي المعروف بـ “أبو حفص”، تابع معلقا على الموضوع بقوله: “هذا الربط الفاسد يزرع في وعي الناس أن الفن رذيلة وخطيئة، وأن الفنان كان يرتكب عملا محرما.. وبالتالي ننقل الفن من رسالة نبيلة وشريفة ومن أداة مهمة لتأطير المجتمع وتوجيه سلوكياته وإثارة قضاياه والتحسيس بها إلى كونه ذنبا وخطيئة جريمة، نصفق لمن تركها”، مشيرا إلى “أن هذا الربط نرسل به رسالة أن المشتغلين بالفن ليسوا بشرفاء، ويقومون بعمل مشين في انتظار ذهابهم إلى الحج للتكفير والاستغفار”.

“الفن فضيلة وليس بخطيئة، الفن نبل وليس بعار، واعتباره رذيلة هو مما زرعه المال الوهابي الذي كان يغري الفنانين مقابل إعلان اعتزالهم” يقول رفيقي.

أبو حفص ختم تعليقه متسائلا: “في الأخير، عندي سؤال فقهي صغير جدا لكل هؤلاء المعتزلين بداعي التوبة: ما حكم الأموال التي اكتسبوها من خلال الفن؟ وماذا سيفعلون بها بعد التوبة المزعومة؟”.