نوستالجيا الكبار

في الليلة الظلماء يفتقد البدر، وفي هذا الزمن السياسي البائس نفتقد العقل السياسي المبدع ونحن الى الكبار الذين صنعوا مجد السياسة مغربيا.

ثمة رسالة وجهها المرحوم الحسن الثاني طيب الله ثراه الى الزعيم علال الفاسي، يخاطبه بهكذا تعبير وتوصيف..الى العلامة الفهامة علال الفاسي..ما يؤكد أن الزعيم السياسي انئذ كان يزاوج بين السياسة والعلم وهو ما تكرر في حيوات الكبار الذين بنوا هذا الوطن الرائع.

في اللحظات العصيبة التي تمر منها الأوطان والشعوب، يجد المواطن نفسه متوزعا بين حاضر يصارعه ويحاوره في محاولة لفهم ما يحدث، وذاكرة تضغط عليه بفكرة الماضي الذي كان أفضل من الحاضر. و إن كانت هذه الصورة غير دقيقة وليست دائما صحيحة، فلكل زمن عيوبه وإيجابياته، لكن يبقى أيضا لكل زمن رجالاته الذين قد يطول الدهر قبل أن نجد لهم خلفا وبديلا، و كما قال الشاعر:

سيذكرني قومي إذا جد جدهم

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

قرأنا ونحن صغار عن عظماء من تاريخنا المجيد كانت لمواقفهم الخالدة في الذاكرة الوطنية المكانة الكبيرة والمميزة التي لا زلنا نذكرها بمزيد من الفخر والإعتزاز

  لن أتوغل في التاريخ القديم، وهو الحابل بالعظماء الذين تركوا لنا مواقف سنظل نفتخر بها وتكفي الإشارة إلى عظماء من أمثال محمد بن عبد الكريم الخطابي، الشيخ أحمد الهيبة، موحى أوحمو الزياني، عظماء ضموا الفخر من كل أطرافه واجتمع فيهم ماتفرق في غيرهم، وكثيرة هي الأسماء التي لايسع المجال لذكرها كلها الآن .

أما عن عصرنا الحاضر فإن الذين زينوه بمواقفهم الشجاعة لازلنا وسنبقى نذكرهم كلما اشتقنا إلى العظماء وكثيرا ما نشتاق إليهم في هذه الأيام التي أصبنا فيها بجفاف العظماء، هم كثيرون ولائحتهم طويلة ومشرفة ويكفي الإشارة مثالا لا حصرا إلى عبد الخالق الطريس، علال الفاسي، المهدي بنبركة، مولاي عبد الله ابراهيم، عبد الرحيم بوعبيد، عبد الرحمن اليوسفي، علي يعتة، محمد بوستة..رجال كانوا متميزين سياسيا وعلميا وثقافيا.

 أما اليوم وأحزابنا السياسية تعد بالعشرات، وزعماؤنا بالخطأ والصدفة، يعدون بالمئات فإنني وأنا أنظرهم بميكروسكوب كبير ومتطور تقنيا لا أجد من بينهم من يستحق أن يكون من أسلاف أولئك العظماء الذين لازلنا نتغنى بهم، إلا من رحم ربك.

 منهم من لاينشد إلا الكراسي الوزارية المريحة، ومنهم من يتخلى في سبيل ذلك عن مابقي عالقا بالفكر من نظريات ومواقف الماضي إن بقي منها شيء
أما البقية الباقية التي كانت تتمتع إلى عهد قريب بمصداقية تحسد عليها فقد أصبحت تفقد هذه المصداقية في سبيل الحصول على مالا يمكن الحصول عليه.

 فلا الذين لفظتهم صناديق الإقتراع ركنوا إلى حجمهم المتدني، ولا الذين بوأتهم تلك الصناديق مكانة مشرفة حاولوا أن يدافعوا عنها باستماتة.

ان الوضعية التي نعيشها الان في المغرب خصوصا ماتعلق بالناحية السياسية منها، تدعو للقلق نتيجة انعدام القدوة فينا، لم تعد هناك أسماء نشعر معها بأن الأمر ليس حسابات ضيقة بقدر ماهو اهتمام بمصلحة الوطن والوطن فقط.

ومن هذا المنطلق لا يمكن لي كما لايمكن لأي مغربي مشمئز من هذه الوضعية إلا أن يكرر ما قاله الشاعر العربي:

وإني لأفتح العين حين أفتحها. .على كثير ولكن لا أرى أحدا

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد