في وسط فنّي حافل بالمغريات، يتورّط بعض النجوم بفضائح، ويخرجون منها سالمين، لكن بعض الفضائح تقضي على مستقبل الفنان، خصوصاً عندما تتعلّق بقضايا أخلاقيّة أو وطنيّة، تصبح بعدها التوبة شبه مستحيلة.
ينسى الجمهور العربي غالباً أخطاء الفنانين وفضائحهم، لكن ثمّة فضائح كانت كافية لتقضي على مستقبل فنانين، حاولوا استعادة بريقهم فرفضهم الجمهور.
آخرها، فضيحة الممثل اللبناني باتريك مبارك، الذي ظهر في تسجيل صوتي أدلى خلاله بتصريحات يمس فيها بالمحرمات، وينتهك المقدّسات الدينية، ويهدّد رئيس الجمهورية اللبنانية بالقتل.
سارعت النقابات الفنيّة في لبنان إلى إصدار بيان تبرأت فيه من الفنان، ودعت كل شركات الإنتاج إلى وقف التعامل معه، كما تحرّكت النيابة العامة لمساءلته، وقامت المحامية مي الخنسا بمقاضاته بتهمة إثارة النعرات الطائفية والتحريض على العنف.
زملاء باتريك، أكّدوا أنه تعرض منذ مدّة لحادث أثّر على وضعه الذهني والعقلي، إلا أنّ هذا الأمر لم يشفع له لدى الرأي العام اللبناني، وكل المؤشرات تؤكّد أن مشوار باتريك الفنّي انتهى، وأنّ شركات الإنتاج لن تغامر بالتعاون معه بعد إهانته المقدّسات، خصوصاً انّه لم يكن يوماً ممثلاً جماهيرياً يحسب له حساباً.
فمن هم أبرز النجوم الذين قضت الفضائح على حياتهم الفنيّة؟
سعد المجرد
قبل ثلاث سنوات، كان الفنان المغربي سعد المجرد من أكثر الفنانين العرب تحقيقاً للمشاهدات على موقع يوتيوب، وكانت أغانيه تحقّق نجاحاً كبيراً، كما كانت حفلاته لا تعدّ ولا تحصى، إلى أن طاردته شائعة اغتصاب فتاة في أميركا قبل سنوات، وقيل إنّه فرّ من البلاد وعاد إلى المغرب، ولم تتعرّف إليه الفتاة إلا بعد أن أصبح مشهوراً.
يومها ردّ المجرّد بأنّ الأمر لا يعدو كونه شائعة المراد منها تحطيمه فنياً، إلا أنّ ما كان مجرّد شائعة، تحوّل إلى حقيقة في أواخر العام 2016، حين ألقت الشرطة الفرنسية القبض على سعد، بتهمة اغتصاب فتاة فرنسية.
اعتقل سعد وسجن طوال أشهر، ثمّ خرج بإطلاق سراح مؤقّت، على أن تتم محاكمته وهو خارج السجن، ومنع من مغادرة فرنسا، إلا أنّ المفاجأة كانت في أنّ الفنان عاد واتهم باغتصاب فتاة جديدة أواخر العام الماضي في فرنسا، وأعيد إلى السجن، ليعاد إطلاق سراحه بكفالة، ويطول مسلسل المحاكمات.
في القضيّة الأولى، كان التعاطف معه قوياً، البعض رأى أنّ الأمر لا يعدو كونه مؤامرة، هدفها النيل من الفنان الناجح، ومع اتهامه بالقضيّة الثانية، خفّ التعاطف مع الفنان، ومنع بثّ أعماله في الكثير من الإذاعات المغربيّة، وتخلّى عنه محاميه.
ومنذ القضية الأولى، حاول سعد أن يستمر وكأن شيئاً لم يكن، أطلق أكثر من أغنية مرّت مرور الكرام، بعد أن فقد جماهيريته.
ومع علامات الاستفهام التي يثيرها القضاء الفرنسي بتأخير محاكمة سعد لمدّة ثلاث سنوات، يبقى مصير الشاب الفنّي معلّقاً، فهل سيقبله الجمهور بعد الفضائح التي ارتبطت باسمه؟ نظرة على ما حققته أعماله التي أطلقها في الفترة الأخيرة تؤكّد أنّ سعد لم يعد ذلك النجم الجماهيري الذي يحسب له ألف حساب.
فضل شاكر
طوال سنوات، كان الفنان فضل شاكر يعلن أنّ اعتزاله اقترب لأسباب دينية، قبل أن ينقلب إلى التطرّف، ويدخل في منظّمات متشدّدة، ويبدأ بإطلاق أقسى النعوت بحق زملائه والوسط الفني.
ولم يكتفِ فضل بإطلاق التّصريحات القاسية بحقّ النجوم، بل أطلق سلسلة تصريحات طائفية، قيل يومها إنّ النجم الدمث الأخلاق تعرّض لغسيل دماغ، بعد ارتباطه بالشيخ أحمد الأسير، الذي يحاكم اليوم بتهمة تأسيس جماعة إرهابية وقتال الجيش اللبناني في معركة تورّط فيها فضل نفسه، في العام 2013، وفرّ يومها إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الذي يحظّر على القوى الأمنية اللبنانية الدخول إليه، ولا يزال هناك منذ ست سنوات.
صدر حكم غيابي بسجن فضل 15 عاماً بتهمة المشاركة في تأسيس عصابة إرهابية، ظهر في أكثر من وسيلة إعلامية، وأكّد أنّه بريء من قتال الجيش اللبناني، وطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري ضمانات بمحاكمة عادلة لتسليم نفسه، وعلى شاشة التلفزيون، تلقّى الضمانة من الحريري، وأعلن محاموه أكثر من مرّة عن قرب تسليمه نفسه لكن لم يفعل لغاية اليوم.
في هذه الأثناء، عاد فضل عن قرار اعتزاله، ظهر في مقابلة حليق الذقن، وقال إنّه يرغب بالعودة إلى الفن، تعاقدت معه في رمضان 2018 شركة العدل غروب لغناء شارة مسلسل رمضاني، وبعد اعتراض إعلاميين وناشطين لبنانيين على التعامل مع الفنان وهو لا يزال فاراً من العدالة، اعتذرت الشركة من الشعب اللبناني وألغت التعاون.
أصدر فضل أكثر من أغنية في مخبئه لم يكتب لها النجاح. ينتظر أن يسلم نفسه ويخضع للمحاكمة، وبعدها يعود إلى الفن، ليبقى السؤال هل سيستعيد نجوميته؟
مراد باش أوغلو
كان الممثل التركي مراد باش أوغلو يعيش نجاحاً فنياً كبيراً، يوازيه نجاحه المهني بافتتاح أهم نادٍ رياضي في تركيا، إلا أنّ فضيحة من العيار الثقيل طالته، فقضت على مستقبله المهني.
فقد كشف مصوّر باباراتزي عن علاقة مشينة، تربط الممثل بابنة أخيه، وتمّ التقاط صورٍ لهما في يخته.
ونُشرت الصور على الصفحات الأولى لكافة الصحف التركية، ونقلتها البرامج الفنية في عشرات الفضائيات التركية حتى عرف بها ملايين الأتراك.
وصدمت الفضيحة الجمهور التركي بعد أن وصفت الصحافة علاقة النجم السرية بابنة أخيه بالعلاقة المحرمة وتمّت محاكمته بتهمة سفاح القربى وقيل إنّها حاول الانتحار.
مراد باش أوغلو نفى مراراً أن تكون عشيقته السرية هي إبنة شقيقه بورجو، متهماً الصحافيين بالافتراء عليه وعلى إبنة شقيقه، إلا أنّ زوج هذه الأخيرة كذّبه بنفسه من خلال إعلانه رسمياً عن طريق محاميه الخاص أنّه تقدم بدعوى طلاقه منها في المحكمة، بعد أن شاهد صوراً لها مع عمها على هاتفها الخاص.
العاملون في نادي الممثل الرياضي أصدروا بياناً أعلنوا فيه عن توقفهم عن العمل معه، كما هجره زبائن النادي، وتسبّبت فضيحة مراد التي هزت المجتمع التركي بتدميره إجتماعياً حيث نبذه جيرانه ومعارفه.
وبعض الأخبار نشرت أنّه هاجر إلى أمريكا لكن مراد باش أوغلو ظهر في برنامج تلفزيوني مؤكداً وجوده في تركيا وإقامته في منزله في مدينة بودروم، متهماً الصحافة بأنها دمرت حياته كلها.
وأعلن أنه لم يعد يريد الظهور في التلفزيون واعتزل التمثيل بعد عزوف المنتجين عنه.