سيكتب التاريخ أن بلدا عربيا صغيرا اسمه قطر، دخل ساحة المجد من أبوابه الواسعة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم لسنة 2022، بالرغم من كل التحديات وكل المشككين والعديد من الخصوم الذين تمنوا وتنبؤوا بفشل الإمارة العربية الخليجية في تنظيم هذه التظاهرة العالمية …
منذ ما يقرب من 12 سنة وتحديدا يوم 2 دجنبر 2010، تم إعلان فوز قطر بتنظيم كأس العالم لسنة 2022، ومنذ ذلك الحين والسواعد القطرية تشتغل بجد وكد استعدادا للميعاد، فتم بناء سبعة ملاعب جديدة لكرة القدم بالاضافة للثامن الموجود أصلا ؛ ملاعب تتميز بتقنيات تفوق الخيال، تكييف، تكنولوجيا عالية، ميزانيات خيالية، وتم صرف أكثر من 200 مليار دولار على هذا التنظيم، وهذا الرقم هو أكبر من ميزانيات تنظيم كأس العالم للسنوات الأخيرة مجتمعة، فتم تغيير البنية التحتية لقطر بشكل كبير لتتأقلم مع الحدث العالمي، وفي نفس الوقت وعلى امتداد هذه السنوات الطوال لم تصمت الأبواق المعادية من التهجم على قطر، من خلال القنوات التلفزيونية العالمية ومن خلال الجرائد الدولية الكبيرة، بل وحتى من خلال مسؤوليين رسميين كبار، خصوصا منهم الألمان والفرنسيين، الذين كانوا قد ابتلعوا ألسنتهم قبل أربع سنوات اي سنة 2018 عندما نظمت روسيا المونديال، مع تاريخها غير المشرف في حقوق الإنسان، وكانت حينها للتو قد اجتاحت أرض اوكرانية (جزيرة القرم)، وذلك الحدث بالضبط هو الذي فتح شهية الروس لشن حربها هذه الأيام على اوكرانيا، وتسبب الأمر في قلب أحوال العالم رأسا على عقب، ولكنه النفاق الغربي المعهود، عندما تحضر المصالح، تغيب المبادئ والاخلاق، والدليل أن قطر بنفسها التي ينتقدونها صباحا مساءََ لا يمتنعون عن التمسح بأعتابها عندما اغلق عليهم باب الغاز الروسي، وأصبحت شعوبهم تئن من ألم البرد هذه الايام.
أما بريطانيا فقد طبقت المثل الحساني القائل” مكرهني بيك ياشويخ ومحلى عندي لبن نعاجك” فقد أصبحت قطر على مدار العقدين الماضيين، واحدة من أكبر المستثمرين في لندن من خلال صندوق الثروة السيادي الذي يمتلك أصولا بقيمة 450 مليار دولار، وهو أمر ينعش اقتصاد بريطانيا ويثلج صدرها ولكن كل ذلك لم يجعل منها دولة مساندة لقطر في حربها الرياضية مع دول استكثرت علينا كعرب هذا التنظيم.
قطر نجحت في تنظيم الكأس بشكل مبهر، فأفرحتنا نحن العرب جميعا، ورفعت رأسنا عاليا، ولكن كذلك ما جعل هذه الفرحة تكتمل، هو إنجازات فريقنا الوطني، أسود الاطلس، الذين اظهروا براعة في ميادين قطر، بتعادل ثمين أمام كرواتيا، وانتصار كبير ساحق أمام المصنف ثانيا في الترتيب العالمي لكرة القدم الفريق البلجيكي.
المملكة المغربية كان لها موقف مشرف اتجاه الاشقاء في قطر أثناء الحصار عليهم وهذا شيء طبيعي ومعروف عن المملكة إتجاه الإخوة والأحبة، والقطريون يظهرون امتنانا لهذا الأمر، وأعتقد أن المونديال فرصة أخرى لتطوير وتمتين العلاقات بين الشعوب، وكذلك بين الدول والحكومات، فعالم اليوم يحتاج كثيرا لمثل حكمة وذكاء وفعالية قادة المملكة المغربية و قطر.
وكل مونديال وأنتم بخير.
المصدر ميديا : حجيبة ماء العينين