مهرجان الحمير بالمغرب

المصدر ميديا : عبدالله المتقي

تأسس مهرجان الحمير بالمغرب سنة 2001 ، من طرف جمعية “قدماء تلاميذ

محمد بلمو مدير المهرجان

بني عمار زرهون ” ، وهي قريةتاريخية معزولة وهامشية بمنطقة قريبة من مدينة مكناس شمالي شرق المغرب، يديره الشاعر والإعلامي محمد بلمو برفقة طاقم حيوي من أبناء المنطقة وساكنتها.

يقام هذا المهرجان منذ 15 خلال شهر يوليوز من كل سنة، وتستمر فعالياته بالرغم من التهميش وغياب الدعم، واعترافا بأهمية هذا المهرجان ،وردا على كل صنوف الازدراء والإقصاء التي تعرض لها منذ انطلاقته بسبب احتفائه بالحمير وتنظيمه بقرية نائية يتم تتويجه بالدورة الثانية للجائزة العالمية الخاصة بالخيول في جنيف.

الحديث عن مهرجان الحمير ، يعني الحديث عن تجربة جمعوية ثقافية متفردة في البادية المغربية وصلت مستوى من النضج والرأسمال الرمزي بالرغم من محاولات الإجهاض ، فالمجال الذي تشتغل فيه هذه التجربة لها علاقة وثيقة ب”المجال” فالحمار في هذه المداشر يعتبر نموذجا للكائن الكادح الصابر الذي يبدل جهدا كبيرا ومتواصلا من أجل ربح قوت يومه ومبيته، دون أن يحظى بالاحترام والرعاية والتقدير.

كما أن الحمار يحيل على الطبيعة التي تتعرض للتدمير والاستغلال الجنوني، وهو بصفة عامة رمز لكل ما هو مهمل، منسي، مقصي، أو محتقر ومنبوذ ، هكذا يعدو الاحتفاء بالحمار، معناه أن دعوة الناس إلى محاورة المُهمَّشِ فيهم وحولهم.

تضمن كرنفال الحمير الذي يشكل جزءا من مواد مهرجان بني عمار الثقافي ، مسابقة أجمل حمار وأتان ،وسباق السرعة. ويمنع المنظمون كل أنواع استعمال وأشكال العنف مع الحمير الذين يلعبون دورا أساسيا في المنطقة الجبلية الوعرة المسالك والطرق. وينال الفائزون وكلهم من فقراء المنطقة مبالغ مالية واكياس من الشعير للحمير الفائزة بالإضافة إلى الكشوفات والمعالجات البيطرية التي تتكفل بها جمعية الرفق بالحيوان والمحافظة على الطبيعة.

وحظي مهرجان “فيستي باز” منذ انطلاقه عام 2001 بالمستوى العالمي باحتضانه فعاليات للاحتفاء بالحمير،” الجائزة العالمية الخاصة بالخيول، التي قرّرت لجنة التحكيم السويسرية منْحها للمهرجان الذي تنظمه جمعية مهرجانات بني عمار للسينما والثقافة بجبل زرهون.

وعبّر ممثل الهيئة السويسرية كلمته في احتفال شهده بهو مسرح محمد الخامس بمدينة الرباط عن الأمل في أن تساهم مبادرتها في التحفيز على دعم المهرجان الذي يعاني من قلة الموارد وغياب البنيات التحتية، كما وعد بالعمل على تحفيز فنانين أوربيين على المشاركة في دوراته المقبلة..

في نفس السياق يصف الدكتور عبدالهادي التازي مبادرة جمعية قدماء تلاميذ قصبة بني عمار بالرائدة ، لأنها فكرت في الاهتمام بالحمار ، هذا الحيوان الذي كان ملهما لرجال الفلسفة والفن على طول العصور، في حين يصرح محمد بلمو شاعر مدير مهرجان فيستي باز لمجلة الإمارات :” لا زال الحمار من الكائنات الأرضية الأكثر تعرضا للظلم والإهانة والتعذيب والتجريح وكل صنوف التحقير والاستخفاف، ومع ذلك فهو لا زال وفيا لنهجه المسالم.. إنه البروليتاري الأول الذي لا يتعب من الصبر والعمل… هو أيضا المهندس الأول للطرقات خصوصا في المناطق الجبلية.. وهو فوق ذلك ملهم للكتاب والمبدعين والمفكرين عبر تاريخ البشرية، وهذا ما يؤشر على قوته وصلابة الموقف المساند له، والذي نترجمه كل سنة في مهرجان يحتفي به ويذكر بفضائله المتواصلة على بني الإنسان خصوصا في المغرب وفي المناطق الجبلية بالأساس التي يمكن أن تتجمد الحركة بها إذا غاب هذا الكائن أو توقف عن القيام بدوره الأساسي والحيوي ويجعل منه أيقونة المهرجان ورمز رسالته الثقافية التي تحيل دوما على أهمية ومحورية الهامشي والمنسي في جغرافيتنا وواقعنا وثقافتنا مجتمعنا.

نحن متأكدين جدا أن الحمار هو كنز من الكنوز التي حباها الله لبلادنا التي كانت قبل عقد تتصدر دول العالم في عدد الحمير قبل أن تتراجع إلى الصف الثاني بسبب استمرار وزارة الفلاحة في تهميش هذا الكائن، وانتهاز الفرصة من طرف شركات اسبانية لتصدير أعدد كبيرة منه من أجل تشغيله في السياحة الجبلية ببلادها.

إضافة إلى ذلك فقد بين متخصصون في الحمية والتغذية خلال دروة 2013 من مهرجان “فيستي باز” الذي ننظمه بقصبة بني عمار أن حليب الحمير ومشتقاته صحية جدا وافضل من سائر منتجات الحليب الحيوانية الأخرى، لذلك يعرف إقبالا كثيفا في أوربا الغربية باثمان مرتفعة حيث لا ينافس كرواتيا أحد في الانتاج.

لذلك نحن لم نستغرب استمرار رفض دعم مهرجاننا مما اضطرنا إلى تأجيل الدورة 12. والمفارقة أن ذلك صادف حصول المهرجان على الجائزة العالمية الخاصة بالخيول السنة الماضية من طرف لجنة تحكيم دولية بالعاصمة السوسرية.

في جميع الأحوال سنستمر في هذه المغامرة رغم تأجيل الدورة 12 لسنتين متتاليتين، فنحن نستعد لتنظيمها في صيف 2016 وفق أرضية ثقافية جديدة تمنح المهرجان تفردا وأفقا أرحب سنعلن عنه في حينه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد