ملك التوازنات

“الأحكام المسبقة، عادة ماتولد من رحم الجهل” (حكمة)

في الملاكمة وفنون القتال وخلال المباريات، يلعب رد الفعل السريع الدور الأكبر في تحديد هوية المنتصر والفائز، وهذا شيء طبيعي نظرا لخضوع هذا النوع من المبارزات لسقف زمني محدود وتحكم عامل القوة الجسدية، ودرجة تعود الرياضي المبارز على ممارسة نفس الشيء مرارا وتكرارا، كل مرة على حلبة الصراع.

وعلى العكس تماما مما سبق تدار الأمور في السياسة، وخصوصا عندما يرتبط الأمر بالعلاقات الدولية والاقليمية وتاثيرها على الحاضر والمستقبل الداخلي للبلدان الأحداث الأخيرة على امتداد الأشهر الماضية القليلة أثبتت أن المغرب درس المنهج السياسي السليم، واستوعب آليات العمل الدبلوماسي الحكيم، وزاد على ذلك لمسته الخاص في التعاطي مع العديد من الأحداث الإقليمية والدولية، وخصوصا ما كان له تأثير على الوضع الداخي للمملكة وما ارتبط بصلة مع المصالح القومية العليا للبلاد.

منذ مدة استقبل ملك البلاد الوفد الإسرائيلي في القصر الملكي في اللقاء التاريخي الشهير، الذي تمخضت عنه تفاهمات، في اطار تطوير العلاقة القائمة اصلا بين الرباط وتل أبيب، والتي بموجبها تتم ضمانة مصالح المملكة في العديد من المجالات، وخصوصا القضية الوطنية الكبرى، والكل كان شاهدا على التأثير الايجابي وتقوية الموقف المغربي باستمالة اللاعب الأكبر على الساحة الدولية وهو الولايات المتحدة الأمريكية إلى صف المملكة فيما يخص قضية وحدتنا الترابية.

وكما جرت العادة في هذه الأحوال، ثارت ثائرة كل مترصد يرمي التهم جزافا، وأرسل البعض سهام حقدهم اتجاه المملكة، بوصفهم ما حدث بالخيانة التي لا تغتفر، ظنا منهم أن السياسة تدار بردود الأفعال كما أوردنا في المثال اعلاه بخصوص عالم الضرب والركل والرفس (مع احترامنا الشديد لكل أنواع الرياضات) ..!

ومنذ أيام تفاجأ الصديق قبل العدو باستقبال وفد حماس في البلاد، وإقامة حفل عشاء على شرفهم من طرف عاهل البلاد الملك محمد السادس، العشاء (الرسالة) التي جاءت واضحة الدلالة والمعالم، أننا هنا في هذا البلد نشتغل وفق أسلوبنا الخاص، بروية وتأني وحنكة وذكاء، فلا ننهج اسلوب ردود الافعال الطائشة المنفلتة، ولا نلقي بالا إلا لما فيه مصلحة الوطن العليا، وأما ما يقال في الغرب و الشرق أو في الجوار فإن كان أصحابه عدول فسينصفوننا حتما، وإن حصل العكس، فلا يضير الجبال نقر العصافير، وعرين الأسد عرين العقل والحكمة والتوازنات.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد