مفاوضات جنيف الثانية: تغير موقف الجزائر هو السبيل لإحداث تغيير في مسار النزاع حول الصحراء المغربية

تعود أطراف النزاع حول الصحراء المغربية للاجتماع على مائدة مستديرة بمدينة جنيف السويسرية، يومي الخميس والجمعة 21 و 22 من شهر مارس الجاري، في خضم العديد من التكهنات حول النتائج التي يمكن أن تسفر عنها هذه الجولة لوضع حد لهذا النزاع المفتعل.

النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بدأ عام 1975 عقب إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ثم تحول إلى مواجهة مسلحة بين المغرب وجبهة “البوليساريو” الانفصالية توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.

ويقترح المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، فيما تدعو جبهة “البوليساريو” الانفصالية إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو الطرح الذي تدعمه الجزائر، هذه الأخيرة التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف.

مفاوضات ثانية قبل مناقشة النزاع على طاولة مجلس الأمن الدولي

دعا الألماني هورست كوهلر، المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء المغربية، نهاية شهر شتنبر 2018، الأطراف المعنية بالنزاع إلى الجلوس على طاولة مستديرة  في جنيف لبحث قضية النزال المفتعل حول الصحراء، والتي انعقدت شهر دجنبر 2018، بمشاركة كل من المغرب وجبهة “البوليساريو” الانفصالية، والجزائر وموريتانيا.

الاجتماع الذي دام لمدة يومين في مكاتب الأمم المتحدة بجنيف السويسرية، أفضى إلى اتفاق على عقد اجتماع آخر في الربع الأول من عام 2019.

الجولة الثانية من مفاوضات جنيف، تنعقد قبل أيام من انطلاق مناقشة قضية الصحراء المغربية في مجلس الأمن الدولي، والذي يتضمن برنامجه لشهر أبريل المقبل أربع جلسات خاصة بالنزاع المفتعل.

آخر جولة من المفاوضات، كانت قد أجريت شهر مارس من عام 2012 برعاية الأمم المتحدة، لم تأت أكلها ولم تقدم أي حلول ناجعة وملموسة وعملية حول النزاع المفتعل في قضية الصحراء المغربية، وذلك في ظل تشبث جميع الأطراف في النزاع بمواقفها.

الملك محمد السادس: المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة

اقترح جلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي الموجه إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء يوم 8 نونبر 2018، إنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور مع الجزائر، مؤكدا انفتاح المغرب على المقترحات والمبادرات التي تتقدم بها الجزائر بهدف تجاوز الجمود في العلاقات بين الرباط والجزائر.

وأضاف الملك محمد السادس في خطابه أن الآلية التي يقترحها على الجزائر تتناول قضايا الاستثمار وتعزيز التشاور الثنائي تجاه التحديات الإقليمية والدولية، وأهمها مكافحة الإرهاب وإشكالية الهجرة، بما يضمن إرساء علاقات ثنائية متينة.

وقال إن مهمة هذه الآلية “تتمثل في الانكباب على دراسة جميع القضايا المطروحة، بكل صراحة وموضوعية، وصدق وحسن نية، وبأجندة مفتوحة، ودون شروط أو استثناءات”.

واعتبر جلالته أن هذه الآلية “يمكن أن تشكل إطارا عمليا للتعاون، بخصوص مختلف القضايا الثنائية، وخاصة في ما يتعلق باستثمار الفرص والإمكانات التنموية التي تزخر بها المنطقة المغاربية”، كما “ستساهم في تعزيز التنسيق والتشاور الثنائي لرفع التحديات الإقليمية والدولية، لاسيما في ما يخص محاربة الإرهاب وإشكالية الهجرة”.

وعن العلاقات بين البلدين، وصف الملك محمد السادس بأنه وضع “غير طبيعي وغير مقبول”، قائلا إن هذا الواقع “لا يتماشى مع الطموح الذي كان يحفز جيل التحرير والاستقلال إلى تحقيق الوحدة المغاربية”.

وأكد الملك أن “المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”، وأن مصالح الشعبين الجزائري والمغربي “هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة”.

بوريطة: الجولة الأولى من مفاوضات جنيف غير كافية للمضي قدما في حل النزاع

حاول المغرب أن يكون وسطا في موقفه عقب الجولة الأولى من مفاوضات جنيف شهر دجنبر 2018، حيث أشاد ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، بالروح التي سادت اللقاء، معتبرا أنها غير كافية للمضي قدما في حل النزاع.

بوريطة أشار أن أهم ما أسفرت عنه “الطاولة المستديرة” أنها ضمت الجزائر كطرف في الملف وليس جهة مراقبة فقط.

ووصفت الرباط مفاوضات جنيف بكونها امتحانا لجميع الأطراف المشاركة في تنزيل التفاؤل الذي أبداه البعض إلى واقع على أرض الميدان، مبرزة أن “الحل لم يعد يمر عبر الاستفتاء الشعبي كما كان ذلك سابقا، بل عبر مفاوضات سياسية ثنائية يقبلها الطرفان”.

البلعمشي: الموقف الجديد للمغرب يحرج بشكل كبير الديبلوماسية الجزائرية

في تصريحه لـ “المصدر ميديا”، أكد عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، ورئيس المركز المغربي للديبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن توجه المغرب في السياسة الخارجية مؤخرا، بدأ “يؤكد أن الجزائر هي طرف في النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية ويجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة فيما يتعلق بالتدبير الدولي لهذا الملف”.

وقال عبد الفتاح البلعمشي: “الجزائر هي دولة ذات سيادة، سياستها الخارجية ترفض لحد الآن أن تعترف بأنها طرفا بالرغم من كل الأمور الواقعية المرتبطة بالديبلوماسية الجزائرية المهتمة كثيرا بهذا الملف، وأيضا الاحتضان الديبلوماسي والمالي والسياسي للبوليساريو”.

وأضاف البلعمشي: “الموقف الجديد للمغرب في التعاطي مع الجزائر كطرف فيه إحراج كبير للديبلوماسية الجزائرية وتوضيح كثير للمعنيين بهذا الملف بأن الجزائر متورطة إلى حدد كبير في تدبير النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وهي صاحبة القرار الأول والأخير فيما يتعلق بما تقوم به جبهة “البوليساريو” الإنفصالية على المستوى الدولي”.

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد