مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية بعد إنتخاب “تبون” إلى أين؟

فتح انتخاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أبواب التنجيم والتحليل حول مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، ودفعت مؤشرات القياس البادية خصوصا من الجهة الجزائرية أن أمكانيات إعادة الدفىء للعلاقة المقطوعة منذ 1992 بات صعبا إن لم نقل مستحيلا، خصوصا بعد تعيين الجنرال “شنقريحة” المعروف بقربه من جبهة «البوليساريو» على رأس الجيش الجزائري خلفاً لقايد صالح، الذي وافته المنية إثر سكتة قلبية.

مؤشرات دالة تعيد إلى الواجهة سؤال مستقبل العلاقات المغربية الجزائري إلى اين؟، في ظل سياق تحركات سياسية يطبعها الحذر سياسيا، ويجمعها حلم إنهاء الصراع السياسي الذي يحمله شعبي البلدين الرافعين لشعار “خاوة خاوة”، والحالمين بفتح الحدود المغلقة منذ ما يقارب 20 سنة، وعودة الدفىء للعلاقات بين البلدين.

فتح الحدود الحلم الممكن

كشفت مجموعة من الأحداث التي شهدتها العلاقات المغربية الجزائرية قبل ان انتخاب الرئيس الجزائري الجديد “المجيد تبون” عن إمكانية قيام تحولات في المواقف، خصوصا من الجانب الجزائري، مسطرة بذلك معالم إمكانية فتح أبواب علاقة أكثر دفئا وقربا، رأى متتبعون في انتخابات يوم 12 دجنبر بابها الأكبر، لإطلاق “انتخاب التغيير”، الذي رفعه الشعب الجزائري تزامنا مع إعلان تاريخ إجراءها تحت هاشتاغ “الجزائر تنتخب للتغيير”.

معالم التغيير عبر عنها الأمين العام الأسبق، لحزب جبهة التحرير الوطني، حزب اول رئيس للجزائر لما بعد الاستقلال أحمد بن بلة، وواحد من ست قادة رئيسيين يذكرهم تاريخ الجزائر في الكفاح من أجل استقلال الجزائر، عمار سعداني، في حوار مطول مع موقع “كل شيء عن الجزائر TSA”، بعد ان صرح قائلا:” أنه من الناحية التاريخية، أن الصحراء مغربية وليست شيء آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين، وفي رأيّ أن الجزائر التي تدفع أموال كثيرة للمنظمة التي تُسمى البوليساريو منذ أكثر من 50 سنة. دفعت ثمنًا غاليًا جدًا دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرجُ من عنق الزجاجة”.

وأوضح الأمين العام الأسبق، لحزب جبهة التحرير الوطني، أن” العلاقة بين الجزائر والمغرب، هي أكبر من هذا الموضوع والآن الظرف مناسب، لأن هناك انتخاب رئيس جديد وتغير في النظام التونسي، والجزائر مقبلة على انتخابات وهناك تغير في النظام، كما أن ليبيا تعيش تحولًا، وهذا يمكن أن يؤدي لإعادة إحياء المغرب العربي كما طالب به قدماء جبهة التحرير وأيضًا الأحزاب الوطنية في كل من المغرب، الجزائر، تونس وشمال إفريقيا”.
وأوضح سعداني، “أن موضوع الصحراء يجب أن ينتهي وتفتح الحدود وتُسوى العلاقات بين الجزائر والمغرب لأن الأموال التي تُدفع لمنظمة البوليساريو، والتي يَتجَوّل بها أصحابها في الفنادق الضخمة منذ 50 عامًا، فإن سوق أهراس والبيض وتمنراست وغيرها، أولى بها. هذا هو موقفي سواء أغضب البعض أو لم يعجب البعض الآخر”.

وفي ذات السياق تناقلت مواقع إخبارية خبر قرب إعلان السلطات المغربية والجزائرية عن فتح الحدود البرية بين البلدين مباشرة بعد انتخاب رئيس جزائري جديد، بعد ان طالبت عدة أطراف داخل الشقيقة الجزائر بطي صفحة العداء بين البلدين والموافقة على فتح الحدود المغلقة منذ ما يقارب 20 سنة، مشددة على أن العلاقات المغربية الجزائرية تعيش تحولات كبرى في الأسابيع والأشهر الماضية، خصوصا بعد البلاغ الصارم والشديد اللهجة الصادرة عن الخارجية المغربية الرافض للتصريحات غير المحسوبة الصادرة عن الرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب صلاح الدين مزوار ، نهاية الأسبوع المنصرم، لدرجة وصفها بغير المسؤولة والمتهورة والرعناء.

وكانت السلطات الجزائرية قد أصدرت أوامرها، في موقف إنساني استأثر بمتابعة عدد من الصحف العربية والدولية، في وقت سابق، بفتح معبر “زوج بغال” الحدودي لتسهيل عملية نقل جثامين شبان ثلاثة لقو حتفهم غرقا بعرض السواحل الجزائرية، جراء تعطل محرك القارب الذي كان يقلهم وهم في طريقهم للضفة الأخرى، من مستودع الجثث بمستشفى وهران في اتجاه المركز الحدودي، في خطوة تعانق الحلم المأمول الذي رفعه أبناء الشقيقتين “خاوا خاوا ماشي عداوة”، والأمل المعقود بانفراج الأفق لفتح الحدود وإعادة إحياء المغرب العربي.

عودة الدفىء إلى العلاقات المغربية الجزائرية ” الحلم المستحيل”

بعد انتخاب الرئيس الجديد “عبد المجيد نبون” وتعيين اللواء سعيد شنقريحة صديق جبهة «البوليساريو»، رئيسا مؤقتا لأركان الجيش بالنيابة خلفاً لقايد صالح، بدا ان معادلة الممكن التي ساقتها وقائع ما قبل انتخاب الرئيس الجزائري الجديد أصبحت تنحو نحو الاستحالة، خصوصا بعد الخطاب الرسمي لـ”تبون” بعد تنصيبه رئيسا للجزائر، والذي أكد ضمنه أن نزاع الصحراء “مسألة تصفية استعمار، وهي قضية بيد الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي”.

ورغم أن الرئيس الجزائري أشار إلى أن “نزاع الصحراء ينبغي أن يظل بعيدا عن تعكير صفو العلاقات الأخوية مع الأشقاء المغاربة”، إلا أن تصريحاته وصفت بـ”العدائية”، وهو التصريح الذي اعتبره عبد الفتاح بلعمشي رئيس المركز المغربي للديبلوماسية الموازية، تصريحا “خطيرا وغير جدي، لا يوجه فقط الطرح المغربي لحل قضية الصحراء لكنه يطعن في كل المجهودات التي بدلت من داخل مجلس الأمن وداخل هيئة الأمم المتحدة وكل المساعي التي تحققت من الناحية القانونية والسياسة لحل ملف الصحراء الذي عمر طويلا”,

واعتبر بلعمشي أن تصريحات تبون الأخيرة تكشف عن استمرار خطاب نظام بوتفليقة من طرف جزء من النظام الجزائري الذي يريد استمرار قيام المشكل وتكميم أفواه كل المطالبين بإعادة الدفيء للعلاقات الجزائرية المغربية”، “وهو ما يوضح عمق الارتباك الذي تعيشه الرئاسة الجزائرية الجديدة في ظل الحراك الاجتماعي والسياسي”، حسب تعبيره.

لتتوالى الأحداث ويدق مسمار آخر ليعمق شرخ العلاقة المتوترة بين البلدين بعد تعيين أركان جيش جديد الجنرال “شنقريجة” الذي لطالما خرج بتصريحات اعتبرها المغرب «مستفزة»، لعل آخرها يعود إلى منتصف شهر مارس 2016، خلال مناورات عسكرية كان مشرفاً عليها، بعد ان أكد دعمه للبوليساريو في “كفاحه”.

وفي هذا السياق كشف البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة “البوليساريو” والمنشق عنها، في تصريح للمصدر ميديا، أن ” الانتخابات أتت برجل من النظام السابق وأحد رجالات الجيش الجزائري، وأن دار لقمان ماتزال على حالها، وان الجزائر لا يمكنها أن تهدم ما استثمرته خلال 75 سنة الماضية في جبهة البوليساري وتعلن عن فك ارتباطها به، وتمد يدها للمصالحة مع المغرب”.

وأضاف الدخيل، “أن انتخابات تبون لا يمكنها إلى أن تدفع إلا إلى المزيد من التعنت من طرف السلطات الجزائرية، والدفع نحو استمرار توتر العلاقات بين البلدين”، مشددا على أنه لا يرى أي نفرج في الأفق، على اعتبار “أن الجزائر لا يمكنها أن تتخلى عن ملف الصحراء لأنها طرف مهم وأساسي في النزاع المفتعل”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد